ثلوج بريطانيا بالأرقام: إقفال 11 ألف مدرسة وغياب 7 ملايين موظف و تعطل 16ألف سيارة

من تداعياتها.. تسجيل رقم قياسي في استعمال الهواتف الجوالة

على الرغم من عودة المواصلات بشكل كبير الا ان الثلوج ما زالت تغطي قضبان القطارات في عدد من المحطات (تصوير: حاتم عويضة)
TT

بعد يوم تاريخي كتب في سجلات مصلحة الأرصاد الجوية في بريطانيا، حاولت البلاد، بما فيها العاصمة لندن، التقاط أنفاسها ونفض كريات الثلج عنها، والعودة إلى حياتها الطبيعية، بعيدا عن ثورة الطبيعة التي أثبتت أنها أقوى من النظام في الحكومة.

فقد تكون موجة الطقس القارس والثلوج الكثيفة المرافقة لها التي اجتاحت لندن ومناطق في جنوب بريطانيا، وتسببت في «تجميد» مظاهر الحياة، قد تحسنت أمس، إلا أن تداعيات تلك الأزمة التي تصدرت عناوين الأخبار لا تزال مستمرة، ومن المتوقع أن تستمر موجة الصقيع حتى نهاية الأسبوع الحالي، وستنخفض درجات الحرارة مرة جديدة إلى ما تحت الصفر، مما سيزيد المشكلة على الطرقات الرئيسية والفرعية.

فقد تسببت موجة الثلوج التي ضربت بريطانيا في شل الحركة فيها، وتعذر وصول 7 ملايين موظف إلى أشغالهم، وأقفلت 11 ألف مدرسة أبوابها في مختلف المناطق البريطانية، بما فيها مناطق وسط العاصمة، على مدى يومين كاملين، وتكبد الاقتصاد البريطاني المتأزم أصلا خسارة وصلت إلى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه إسترليني، وتم إلغاء أكثر من 800 رحلة جوية بعد أن تم إقفال جميع مطارات لندن الرئيسية، وتعرضت أكثر من 16 ألف سيارة للتعطل في الطرقات، مما استدعى مجيء ميكانيكيين مختصين لمساعدة السائقين العالقين في الثلج. وتعطلت شبكة التلفونات الرقمية لأول مرة في بريطانيا بسبب الضغط الشديد الذي تعرضت له الشبكة، وصرحت شبكات الهواتف البريطانية أنه تم تسجيل أعلى رقم قياسي في استعمال الهواتف الجوالة, وكان الضغط شديدا على الرسائل المكتوبة على الهاتف الجوال، والمخابرات، وإرسال الصور، فسجلت شركة فودافون البريطانية زيادة بنسبة 58 في المائة على استعمال الرسائل القصيرة التي وصل عددها إلى أكثر من 30 مليون رسالة في يوم واحد، وصرح مسؤول في الشبكة أن الفترة ما بين الساعة السابعة والتاسعة صباحا كانت الفترة الأكثر اكتظاظا على الشبكة، وتم إرسال أكثر من نصف مليون رسالة في غضون خمس دقائق عند الساعة الثامنة صباحا.كما تسببت رداءة الطقس في بريطانيا في تعذر توزيع عدة صحف محلية. وبالنسبة لشركات تأمين السيارات، فكانت لها حصتها من الخسائر أيضا، بسبب تعرض السيارات للانزلاق والاصطدام، وقامت المستشفيات في البلاد بتأجيل جميع العمليات غير المستعجلة لإفساح المجال أمام حالات الطوارئ التي سجلت 50 في المائة زيادة عن النسبة اليومية المعتادة لاستقبال المرضى، وتلقت سيارات الإسعاف أكثر من 2200 استدعاء في غضون أقل من 4 ساعات. ويتوقع مسؤولون في الاتحاد العمالي أن يسوء الوضع الاقتصادي في بريطانيا، إذا ما تواصلت أزمة الطقس البارد، مما يهدد بإقفال حوالي 3 آلاف شركة صغيرة في البلاد.

وأقفلت معظم المحلات التجارية الكبرى أبوابها، كما أقفلت محلات السوبر ماركت في ساعة مبكرة جدا من النهار تخوفا من تحول الثلوج على الطرقات إلى جليد. وعلق آلاف السائقين في سياراتهم على الطرقات السريعة بعد أن انقطعت الطرقات، مما دعا الكثير من السائقين إلى ترك سياراتهم في الطرقات والمشي على الأقدام، واستفادت بعض الفنادق من الأزمة، فرفعت أسعارها بنسبة 200 في المائة، وكان للصحافيين والمراسلين حصتهم من أزمة الطقس، فكان من الصعب على كثيرين منهم الوصول إلى الاستديوهات، إلا أن الحاجة تجبر المرء على القيام بالمستحيل، فقطع المذيع الرئيسي في شبكة سكاي التلفزيونية، كولين برازير، مسافة 7 أميال مشيا على الأقدام لتقديم برنامجه الصباحي. وأعلن مطار هيثرو في لندن أن الكثير من الأمور ستتأثر سلبا على مدى الأيام المقبلة، بعد أن تم إلغاء عدة رحلات، فقد فتحت أمس جميع مطارات لندن أبوابها، وعادت محطات القطارات والأنفاق والقطارات للعمل بشكل متقطع.

وعلى الرغم من ذلك، فإن مسؤولو التشغيل أوضحوا أن الخدمات ربما ستظل متأثرة، خاصة شبكة القطارات التي غطت خطوطها الثلوج. وبعد أن بدأت الموجة الباردة في التوجه صوب شمال بريطانيا وأسكوتلندا، صدر تحذير لقائدي المركبات بتوخي الحذر أثناء القيادة.

وتحولت طرقات لندن منذ أول من أمس، إلى مرتع للهو الصغار والكبار وإلى ملعب كبير جمع أكبر عدد ممكن من رجال الثلج الذين تسابق الناس على نحتهم وقام بعضهم بالتفنن فيهم، وكان من بين السياح الذين فاجأتهم العاصفة في لندن عائلة برازيلية لم تشاهد الثلج من ذي قبل، فكان قدرها التعرف عليه على جسر تشيلسي اللندني، واعترف بوريس جونسن عمدة لندن أن العاصمة لم تكن مهيأة للعاصفة، مشيرا إلى أن المشكلة لم تكمن في الثلج، إنما تكمن في كمية الثلج التي اجتاحت لندن والبلاد.

وقد تكون الثلوج قد أثلجت قلوب كثيرين من هواة التزلج والمرح في الحدائق العامة والطرقات، إنما يرى الكثيرون أن ضعف الحكومة، وعلى رأسها غوردون براون، هو السبب في شلل البلاد وتأثرها بالمناخ بسبب سوء التنظيم والتخطيط، ووصف أحد المارة، بريطانيا بأنها أشبه ببلدان العالم الثالث، وطالت الحكومة أيضا عدة انتقادات لاذعة من السكان، الذين عرضوا حياتهم للخطر وهم يحاولون التخلص من الثلوج في الطرقات، وهذه غالبا ما تكون مهمة الدولة وليس الأفراد. ولم تكن بريطانيا هي الوحيدة المتضررة من أزمة البرد والصقيع، فتسبب التساقط الكثيف للثلوج في اضطرابات مرورية واسعة النطاق في أنحاء متفرقة من النمسا، واضطرت السلطات لإغلاق أربعة شوارع في منطقة «فالدفيرتل» الواقعة شمال العاصمة فيينا صباح أمس، وتسببت الأحوال الجوية السيئة في خروج قاطرة أحد القطارات المحلية عن القضبان في منطقة هورن بمقاطعة النمسا السفلى يذكر أن الثلوج تساقطت بكثافة على النمسا خلال الـ36 ساعة الماضية، مما أدى إلى تكون طبقات جليدية يصل سمكها إلى 40 سنتيمترا.