سعوديات يؤرشفن لمتغيرات مدنهن بـ«الصورة»

21 فتاة سعودية يشاركن في دورة للتصوير في جدة

تحرص العديد من الفتيات على المشاركة في الفعاليات الرسمية وتوثيق مشاركتهن فيها بالصورة (أ.ف.ب)
TT

بما أن العالم يعيش في عصر لغة الشاشات، كون حياة الشخص لم تعد حياته خالية من شاشة في منزله أو سيارته أو جيبه أيضا (شاشة الهاتف المحمول)، فليس من المستغرب أن يزداد عدد الدورات الخاصة في فن التصوير الفوتوغرافي على أساس أن الشاشات تقوم على الصورة، ولهذا تجد الإقبال الكبير على دورات فن التصوير، وبخاصة من قبل الفتيات اللاتي بات ظهورهن واضحا من خلال المناسبات الإعلامية، حيث تنافس الفتاة السعودية نظيرها الرجل في التقاط الصور الفوتوغرافية.

وخلال هذه الأيام في مدينة جدة (غرب السعودية) تنظم الجمعية السعودية للتصوير الضوئي دورة تدريبية خاصة بفن التصوير لـ21 فتاة سعودية، الهدف منها ليس إكساب الفتيات خلفية علمية حول هذا المجال فحسب، ولكن لتأهيلهن للعمل في القطاعات التي تهتم بوجود قسم للتصوير سواء في القطاع العام أو الخاص، وباعتبار أن العناصر الأساسية للصورة الفوتوغرافية الناجحة تتمثل في وضوحها، وارتفاع النقط في البكسل للمليمتر الواحد (وما يعرف لدى العاملين في الإعلام المكتوب بصورة ممتلئة ولا تحتوي مساحات فارغة تشتت نظر القارئ)، مما يعني الحاجة إلى تركيز دقيق وناعم لالتقاط الصورة، وهذه الصفة بالتحديد لطالما تميزت بها الإناث حول العالم على الرجال في بعض المهن.

ويوضح محمد بالبيد رئيس الجمعية السعودية للتصوير الضوئي، أن الدورة المنعقدة للفتيات «هي مجرد خطوة البداية، فهي لتعليم مبادئ التصوير الفوتوغرافي للمتدربات المشاركات، ولكنهن يتحولن بعدها - أي الدورة - إلى متدربات تحتجن إلى تطوير أنفسهن أو أخذ دورة متخصصة بشكل أكبر، حتى يصبحن جاهزات لسوق العمل».

ويؤكد بالبيد أن الهدف بالدرجة الأولى لديهم في الجمعية السعودية للتصوير الضوئي يرتكز على رغبتهم في خدمة المجتمع من بوابة «تأهيل الشبان والفتيات»، ويضيف: «وتكون بأسعار مناسبة لتوظيف مواهبهن بشكل صحيح، خصوصا في المجالات التي يصعب عليهن الحصول على دورات فيها».

في حديث رئيس الجمعية، يفرض سؤال نفسه عن ضرورة توفر الموهبة لممارسة التصوير الضوئي، خصوصا في المجتمع السعودي الذي مرت «الصورة» و«المصورون» خلاله عبر تحديات كثيرة، فقد اصطدم بالجانب الشرعي بتحريمه من بعض العلماء، ومن ثم اعتباره جائزا في حالات الضرورة، وبالتالي بات بعض من يعملون في التصوير يفعلون ذلك لأجل لقمة العيش فقط.

حول ذلك يقول الفنان الفوتوغرافي محمد بالبيد إن «المصور المبدع لا بد أن يتمتع بالموهبة أو بالرؤية التصويرية والعين الحساسة للجمال، ولكن هذا قد لا يكفي في الوقت الذي أصبح جزء كبير من فنون التصوير الفوتوغرافي يعتمد على المعدات الحديثة والتقنيات المتقدمة التي تحتاج إلى دراسة لإتقانها والتعامل معها».

وتنقسم الدورة إلى جانبين: نظري في البداية، ومن ثم الانتقال إلى التطبيق العملي بزيارة مجموعة من المواقع في مدينة جدة، وبالتحديد الأماكن التي تصقل الفتيات على التقاط صور متحركة، كالوجود في إسطبل للخيول أو الأسواق التجارية أو عبر تصوير فرقة تزلج تعاونوا مع منظمي الدورة من خلال مشاركتهم.

وهكذا أصبح من المألوف، في الآونة الأخيرة، أن تشاهد في مدن وقرى المملكة، منظر شاب أو فتاة بيده أو بيدها «كاميرا»، ويتضح الأمر جليا للمتجول في المواقع الإلكترونية عندما يرى اهتمام الجيل الجديد من السعوديين، وبخاصة الفتيات، بحفظ ذكرياتهم من خلال «الأرشفة الصورية»، وكذلك يلحظ عبر ما تنقله وسائل الإعلام من ازدياد في إقامة معارض فنية ليست للفن التشكيلي بل للصورة" لغة القرن. عهود الحوباني فتاة سعودية، عشرينية العمر، تستغل المساحات المتاحة لها عبر المواقع الإلكترونية، كـ«الفيس البوك»، في عرض ما التقطته عدستها من مناظر في مدينة جدة، وبالخصوص المجسمات المقامة في الميادين التي تميز عروس البحر الأحمر، وبدأت أمانة جدة في إزالة بعضها للحاجة المرورية، وتوسعة الطرق.

ولكن بعض السعوديين يرى أن التصوير الضوئي في السعودية، لا يزال في طور «الهواية»، ولم يصل بعد إلى مرحلة «الاحتراف». رئيس الجمعية السعودية يعتبر هذه النظرة غير دقيقة «لأنه يوجد العديد من المصورين السعوديين الذين أثبتوا جدارتهم على مستوى العالم، سواء بتعامل الشركات العالمية معهم لتصوير منتجاتهم أو بفوزهم بجوائز عالمية في مسابقات التصوير المتنوعة».

ويستدل بالبيد على حديثه ضاربا المثل بالشاب باهي مشاط الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة جوائز المحبة العالمية في أبوظبي، التي شارك فيها العديد من المصورين من جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من نظرة بالبيد التفاؤلية إلى مستقبل التصوير، نتيجة اتساع رقعة الضوء لمجالات عمله، فإنه يوضح أن أبرز العوائق التي تواجه مستقبل هذه المهنة، وبخاصة للفتيات اللاتي بات وجودهن مهمّا، لتصوير أنفسهن على الأقل، في عدم توفر جهات أكاديمية باستثناء بعض الكليات الخاصة، كدار الحكمة للفتيات في جدة، حسب قوله.