مسرحية كردية تنتقد السلطة وتحرض المتفرجين على الانتفاض

المخرج أرسلان درويش: بطش الحاكم المستبد يؤرق سكان الإقليم

مشهد من المسرحية (تصوير: كامران نجم)
TT

شهدت مدينة السليمانية، عاصمة الثقافة والفنون بإقليم كردستان العراق، الشهر الماضي، عرضا لمسرحية مثيرة تحت عنوان «أنا لست واحدا منكم»، المقتبسة فكرتها من رواية بعنوان «آخر زمان في الدنيا»، للكاتب والروائي الكردي المعروف بختيار علي. واستقطبت المسرحية اهتمام قطاع كبير من الناس وأثارت جدلا ساخنا على صفحات الجرائد والمجلات المحلية. وغصت صالة العرض بمئات المثقفين والمهتمين بشؤون المسرح من نقاد وكتاب وهواة، حرصوا على مشاهدة المسرحية لما تحويه من مشاهد مثيرة كالغدر والظلم وغياب العدالة الاجتماعية وجحود السلطة حق الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل تأسيس أركانها، وبطش الحاكم المستبد برعيته، وغيرها من مظاهر القهر والتعسف التي تنطبق على واقع الحياة اليومية المعيشة في هذا الإقليم، بحسب ما قاله مخرجها أرسلان درويش في حديث لـ«الشرق الأوسط». ومما قاله المخرج أن «المسرحية تطرح بأسلوب نقدي المظاهرَ التي باتت تشغل اهتمام قطاع واسع وكبير من المتنورين في المجتمع الكردستاني، مثل غياب العدالة الاجتماعية واحتكار السلطة من قبل الأحزاب الكردية والذي يئن تحت وطأته المجتمع الكردي برمته. والأهم من كل ذلك جحود السلطة وتنكرها المفرط لتضحيات وقرابين الشعب من أجل الانعتاق والحرية. فبموازاة ما تحقق من مكاسب وإنجازات، هناك انتهاكات واضحة واضحة، وبالقدر ذاته على صعيد هضم حقوق الشعب الذي لم يتحقق من أحلامه إلا النزر اليسير، على الرغم من الوعود والعهود المعسولة التي قطعت له». وتابع درويش قائلا: «اعتمدنا في عرض هذه المسرحية أسلوب العرض الحكائي، وما يبعث فينا الارتياح هو ذلك الإقبال الجماهيري على مشاهدة المسرحية التي يجسد أدوارها نخبة من ألمع نجوم المسرح الكردي من أعضاء فرقة سالار المسرحية».

وأكد درويش أن المسرحية هي باكورة أعمال فرقته خلال العام الحالي، وسيتبعها في القريب العاجل ميلودراما بعنوان «مينا» تسلط الأضواء على معاناة وقضية السجناء السياسيين في كردستان إبان العهد السابق، ومسرحية أخرى تتناول حملات الاعتقال الدموية التي سبق عرضها في مهرجان سالار المسرحي في السليمانية عام 2006، وأعيد عرضها في العاصمة الألمانية برلين في العام ذاته. وبخصوص الغاية من عرض مثل هذه المسرحية التي تنتقد السلطة الحاكمة في كردستان وتعري ممارساتها وما إذا كانت تشكل رسالة غير مباشرة تخاطب عقلية السلطة وتدعوها إلى إعادة النظر في ممارساتها، قال درويش: «نريد تحفيز وإذكاء روح الانتقاد لدى الفرد في المجتمع الكردي، أما مخاطبة السلطة فهي مسألة عقيمة، لأن السلطة تدرك جيدا المآخذ والانتقادات الموجهة إليها، بمعنى أننا نعمل على إثارة الروح والقوة الثورية الكامنة في صدر الإنسان الكردي ليستفيق وينهض من كبوته ويصل إلى حالة من الصحوة يستشف ويدرك فيها بوضوح واقعه المرير الذي لا يحسد عليه». وعلل درويش تفاعل الجماهير الحاشدة المتشوقة إلى مشاهدة المسرحية بقوله: «عندما يكون المسرح لصيقا بالإنسان وهمومه ويواكب تفاصيل حياته اليومية، فإن الإنسان سيحتضنه بشغف لأنه يعبر عن آلامه وهمومه، وهو ما عودنا عليه المسرح منذ انبثاقه في العالم». وحول توقعاته بشأن ردود أفعال السلطة في الإقليم بعد انتهاء عرض المسرحية التي أعدها السيناريست البارع دلشاد حسين، قال درويش: «لا تهمني أنا وأعضاء الفرقة المسرحية ردود أفعال السلطة، فنحن نرى أن من صميم واجبنا كفنانين ومثقفين أن نكون مرآة حقيقية لواقع مجتمعنا وشعبنا، وأن نصدح برسالتنا ونوصلها إلى مسامع المعنيين، وهو ما نفعله».

شارك في تقديم المسرحية نخبة من كبار الممثلين من أعضاء فرقة سالار، في مقدمهم الممثل الكبير ياسين قادر البرزنجي في دور الحاكم المستبد، والممثلة القديرة بديعة دارتاش في دور الأم، وآخرون من جيل الشباب.

يذكر أن فرقة «سالار» المسرحية التي تحمل اسم رائد المسرح الكردي الأول أحمد سالار، تأسست في السليمانية عام 1984، وتضم لفيفا من أبرز ممثلي المسرح الكردي، ولها كم كبير من النتاجات الناجحة لروائيين كرد وعرب وأجانب.