معرض لإحياء ذكرى خروج العرب والمسلمين من غرناطة

يضم قطعاً تعرف بحياة الموريسكيين وعاداتهم

بركة مدرسة جابيث التي بناها الموريسكيون في غرناطة («الشرق الأوسط»)
TT

افتتح مؤخرا في غرناطة معرض لتخليد ذكرى طرد العرب والمسلمين من إسبانيا، بعد صدور قرار الملك فيليبي الثاني عام 1609 بطرد جميع المسلمين من البلاد.

ويقام المعرض المذكور في القاعة الرئيسية بمدرسة الدراسات العربية المعروفة باسم مدرسة جابيث، وهي بالأصل بناية موريسكية تعود إلى القرن السادس عشر، حيث عرض فيها العديد من القطع والآثار المهمة التي خلفها المسلمون الذين أطلق عليهم بعد ذلك اسم الموريسكيين، بعد سقوط غرناطة، ومنها شباك مصنوع بشكل فني من الجص، يعود إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) عثر عليه عند ترميم أحد البيوت، وصندوق خشبي مزخرف، وعمود من المرمر، وأدوات لفتح وغلق الباب، وصور تعرّف بحياة الموريسكيين وطبيعة حياتهم وعاداتهم، وبعض هذه القطع أعارها المتحف الأركيولوجي في مدريد وبعضها الآخر من متحف الحمراء في غرناطة، والبقية مما تحتفظ به مدرسة جابيث. يقول مدير مدرسة الدراسات العربية خوان كاستيا إن «هدف المعرض هو إحياء ذكرى تلك الفئة التي عانت كثيرا من قرارات قاسية، ولا بد لنا أن نعيد الاعتبار لها الآن». وحضرت حفل الافتتاح مديرة قصر الحمراء التي ذكرت أن هذه هي المرة الأولى التي تسمح فيها بإعارة قطع من متحف الحمراء إلى أحد المعارض. وحضر الحفل أيضا السكرتير الأول في السفارة السعودية سليمان البدير الذي أبدى إعجابه بالمعرض وأشاد به، وأشار إلى أهمية الأندلس «باعتبارها حلقة وصل بين العرب وأوروبا، كما أن الحضارة الأندلسية حضارة نتقاسمها جميعا» وشكر الباحثين الإسبان لاهتمامهم بإبراز الجوانب الحية من التراث العربي الإسلامي الأندلسي.

يشار إلى أن مملكة غرناطة، هي آخر مملكة عربية سقطت في إسبانيا، واستطاعت أن تقاوم حتى عام 1492، على الرغم من الحصار الذي فرض عليها من جميع الأطراف، وشاركت أوروبا أيضا في حصارها وفي إمداد المساعدات للجيش الإسباني في حربه ضد مملكة غرناطة، حتى اضطر الملك أبو عبد الله الصغير إلى عقد صفقة الصلح مع ملكة إسبانيا ايزابيل الكاثوليكية، مقابل حفظ حقوق العرب في غرناطة، ومنها المحافظة على أملاكهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وحق العبادة، وحرية أداء الاحتفالات والطقوس، والمحافظة على اللغة العربية وغيرها، ووعدته الملكة ايزابيل بكل ذلك، ولكن هذا لم يتحقق إلا لبضع سنين، إذ سرعان ما أعلن الكاردينال ثيسنيروس عام 1501 ضرورة تحويل المسلمين إلى مسيحيين بالقوة، وقام بحرق القران الكريم في ساحة الرملة وسط غرناطة بموافقة الملكة ايزابيل الكاثوليكية، ثم صدر قرار بمنع استعمال اللغة العربية، ومنعهم من إجراء أي نشاطات، خاصة تلك المتعلقة بدينهم أو عاداتهم أو تقاليدهم، وحتى ملابسهم، مما أدى إلى قيامهم بثورة ونشبت حرب أهلية في غرناطة، ولكن السلطة استطاعت إخمادها بالقوة. واستمرت حركات المسلمين، بين فترة وأخرى، ضد نقض الاتفاقيات والوعود التي وعدوا بها، حتى نشبت حرب أهلية أخرى في عهد الملك فيليبي الثاني، وعندها قرر الملك طردهم نهائيا من إسبانيا بمرسومه المشهور عام 1609، أي قبل 400 عام، وتسبب القرار في كارثة إنسانية كبيرة، وتوفي الكثير منهم في الطريق أو في البحر، وبذلك أسدل الستار على العرب نهائيا في إسبانيا، وطردوا إلى دول شمال أفريقيا، ولا تزال بقاياهم هناك حتى اليوم.