أطفال «سلمدوغ مليونير».. من أكواخ مومباي إلى فنادق الـ«خمسة نجوم»

روبينا علي تتدرب على توقيع الأوتوغرافات.. وأظهر الدين إسماعيل يشتري ملابس جديدة وجوالا

TT

في الوقت الذي تعلو فيه تساؤلات عما إذا كان فيلم «سلمدوغ مليونير» أو (من مشرد إلى مليونير) سوف يفوز بجوائز الأوسكار أم لا، وكم من هذه الجوائز سوف يحصل عليها، يصل طفلان اثنان من إحدى المناطق العشوائية في مومباي، كانا نجمين في الفيلم، إلى لوس أنجليس ليمشيا على السجاد الأحمر وتتلاصق أكتافهما مع الشخصيات البارزة في هوليوود في حفل هذا المساء.

ويدور الفيلم البريطاني «سلمدوغ مليونير» عن شاب صغير من إحدى المناطق العشوائية في مومباي، يسعى إلى الخروج من الفقر المدقع إلى عالم الثراء عن طريق الفوز في سباق يقيمه أحد البرامج التلفزيونية، يشبه برنامج «من سيربح المليون؟». قامت الطفلة روبينا علي، 9 أعوام، بتجسيد الفتاة لاتيكا في الفيلم عندما كانت صغيرة، فيما جسد الطفل أظهر الدين إسماعيل، 10 أعوام، دور سالم وهو صغير.

وبعد شكوك سادت في البداية في ذهاب الطفلين لحضور الحفل، استقل الاثنان ليلة الخميس الماضي طائرة إلى لوس أنجليس، في أول زيارة لهما، وقد كان الاثنان يشعران بالإثارة.

لا يوجد لدى أظهر الدين إسماعيل بيت يظله، حيث يعيش في ملجأ مؤقت في منطقة عشوائية مزدحمة في باندرا بمدينة مومباي. ولكن لديه ابتسامه جميلة، وقد كان ظهوره لأول مرة في السينما من خلال فيلم «سلمدوغ مليونير» حين جسد دور سالم وهو صغير، وكان ذلك سببا في بزوغه في سماء النجومية.

قال أظهر الدين في حديث مع قناة إخبارية قبل سفره: «سوف أذهب إلى أميركا. قام طاقم الفيلم بشراء ملابس جديدة لي، أحضروا لي لعبا وملابس وتليفونا جوالا. أعتقد أننا سنفوز بكافة الجوائز. أمارس الإنجليزية استعدادا لذلك».

ولكن على الجانب الآخر رفضت روبينا علي التخمين وقالت: «لا أعرف أي شيء في الوقت الحالي، سأرى ما سوف يحدث. أتدرب على التوقيع على الأوتوغرافات منذ أيام عدة».

قيل في بادئ الأمر إن الاثنين لن يحضرا حفل الأوسكار وإن أولياء أمورهما قاموا بسحب تصريحهما للسفر إلى لوس أنجليس مع الأعضاء الآخرين في الفيلم، بزعم أنهم يريدون استخدام ثمن تذاكر الطائرة في أشياء أخرى ضرورية.

ولكن بعد ذلك قرر عم روبينا وأم أظهر الدين مصاحبتهما للمشاركة في الحفل. وأكد متحدث باسم برنامج «فوكس سيرتش ليت» أن الاثنين سوف يعاملان كنجمين من الدرجة الأولى في الحفل الذي يقام على مسرح كوداك بهوليوود.

منذ فترة ليست بعيدة كان هذان الصغيران اللذان يعيشان في منطقة عشوائية في مومباي يحلمان بأن يعيشا حياة مريحة، وكانا يظنان أنهما بعيدان كل البعد عن ذلك؛ بسبب مرض الآباء وعدم توافر المال لديهم للبقاء. ولكن في الوقت الحالي أُقحم الاثنان في عالم الشهرة، ليس داخل منطقتهما وحسب، ولكن في كافة أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أن الاثنين ما زالا يعيشان في أكشاك في المنطقة العشوائية، رغم الصدى الإعلامي الذي حظيا به، لكن لم يمنعهما ذلك من أن تكون لهما أحلام عريضة. يقول أظهر الدين: «أنا لا أريد الحياة هنا، أريد أن أعيش في بناية جيدة أو داخل بيت من طابق واحد».

يذكر أن عائلة أظهر الدين تعيش في أكواخ منذ عشر سنوات، ولكن كل شهرين تقوم السلطات المحلية بهدمها. وكما هو الحال فــي الفيلم، يأمل أظهر الدين أن يوفر مكــانا لعائلته يمكن أن يطلق عليه منزلا». تقول روبينا، التي تعيش في مسكن مساحته 60 قدما مربعا، بني بطريقة غير قانونية على امتداد خط السكة الحديد: «الطريق التي وعدني جمال إياها (في الفيلم) أن نعيش في منزل من طابق واحد على طريق الميناء. أريد حياة مثل هذه».

ويتهم آباء روبينا وأظهر الدين منتج الفيلم ومخرجه بأنهما لم يعطيا الطفلين سوى قدر بسيط من المال على الرغم من الشهرة التي حظي بها الفيلم عالميا، حيث حصلت روبينا على 700 جنيه إسترليني، فيما حصل أظهر الدين على 1600 جنيه.

وعلى الرغم من الشهرة التي ينعم بها كلا الطفلين ما زال فقرهما على حاله، فوالدا أظهر الدين ما زالا مريضين معظم الوقت، ولا يوجد لديهما المال كي يحصلا على العلاج المناسب. وسرعان ما نفدت الأموال التي كسبها أظهر الدين، ولم تحسن النجومية من وضع العائلة التي لا يوجد منزل لديها.

يعلق محمد إسماعيل، والد أظهر الدين: «يقول الجميع إن ابني بطل، ولكني أرقد هنا على الأرض وقد دُمّر منزلي لأن السلطات تريد أن تبني حديقة. كل ما أريده هو منزل لابني، حتى ولو غرفة صغيرة في هذه المنطقة العشوائية».

وقال مخرج الفيلم داني بويل ومنتجه كريستيان كولسون في بيان مكتوب، إنهما قد أوليا اهتماما كبيرا بمشاركة أظهر الدين وروبينا في الفيلم. وأضاف البيان: «لقد بذلنا جهدا وأولينا اهتماما كبيرا بمشاركة أظهر الدين وروبينا في الفيلم، وسعينا أن يكون ذلك مصدر نفع دائم لهما في المستقبل».

وبعد الانتهاء من الفيلم العام الماضي أُلحق الاثنان بمدرسة للمرة الأولى، وتم بناء صندوق من أجل تقديم المساعدات الاجتماعية لهما في المستقبل، وسوف يحصلان على أموال الصندوق إذا استمرا في المدرسة حتى يبلغا الثامنة عشرة. ويدرس الطفلان في مدرسة محلية ويحصلان على 28 دولارا أميركيا شهريا مقابل الكتب والطعام، حيث قدر بويل وكولسون أنه لن يفيد إعطاء الطفلين مبالغ كبيرة؛ حيث يمكن أن يستولي عليها الأقارب. وقد أدى ذلك إلى خلافات مع عائلات الطفلين. ومع ذلك، بعد أن قامت السلطات المحلية بهدم الأكشاك التي كان يعيش فيها الطفلان، وافق القائمون على الفيلم على شراء شقق والسماح للعائلتين بالانتقال إليها، ولكن لن يقوما بنقل الملكية إلى الآباء إلى أن يصل أظهر وروبينا إلى سن الثامنة عشرة وينتهيا من الدراسة.

وينظر كل من روبينا وأظهر إلى بوليوود، مركز صناعة الفيلم في الهند الذي يقع في مومباي. يقول أظهر إنه يريد أن يكون مثل سلمان خان، فيما تقول روبينا إنها تريد أن تكون مثل بريتي زينتا، وكلاهما من نجوم بوليوود.

وكان هناك طفل ثالث من العشوائيات وهو موزهيم شاكيم شيخ قرشي، 13 عاما، وقد شارك في الفيلم، ولكن لم يكن له نفس حظ الاثنين. جُرح الطفل بينما كان يقفز من فوق قطار، وأصيبت ذراعه بشدة، وسوف يحتاج إلى شهر حتى يتم شفاؤه. قال الطفل والضمادات حول ذراعه: «كنت أمثل طفلا معاقا في الفيلم، والآن أنا معاق في الواقع».