الأزمة المالية تخلق جيلا جديدا من الفنانين ومقتني اللوحات في الشرق الأوسط

مدير معرض «آرت دبي» لـ: «الشرق الأوسط»

من الاعمال الفنية التي عرضت في آرت دبي العام الماضي
TT

تقيم دبي في 19 مارس (آذار) القادم معرضها الفني الدولي «آرت دبي» للعام الثالث على التوالي. وعلى مدى الدورتين الماضيتين استطاع المعرض خلق حالة فنية خاصة في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ولكن انعقاده هذا العام يطرح العديد من الأسئلة حول الأزمة الاقتصادية التي أثرت على كل مجالات الحياة وأثرت بشكل خاص على مبيعات الفنون العالمية ومدى تأثيرها على أعمال المعرض. رغم ذلك يتوقع القائمون على المعرض إقبالا كبيرا من جماهير المنطقة والزوار العالميين للمشاركة في الاحتفالية الفنية التي تقدم برنامجا حافلا بالفعاليات هذا العام ستنظم في الدوحة والشارقة وأبو ظبي ودبي.

جون مارتن المؤسس المشارك والمدير العام لمعرض آرت دبي يرى أن المعرض ما زال يمثل فرصة لجامعي الفنون وللفنانين الشباب في المنطقة، ويقول في حديث خاص بـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة المالية قد تكون لها جوانب إيجابية على سوق الفن في الخليج.

وحول بدايات «آرت دبي» يقول مارتن إن الفكرة ولدت في عام 2005 بمكالمة من شريكه بن فلويد الذي عرض عليه فكرة إنشاء سوق للفنون في دبي. بعدها قام مارتن بزيارة دبي وتزامن ذلك مع إقامة فعاليات مهرجان السينما هناك. يؤكد مارتن أن نقطة الجذب الأولى كانت المكان الذي يختلف عن الأماكن المعتادة لإقامة مثل هذه المعارض. «أسواق الفنون تقام عادة خارج المدن، ولكن في دبي، كون السوق يقام داخل المدينة منح المشاركين فرصة فريدة لمعاينة المنطقة وثقافتها».

يقول مارتن إن الخطوة التالية بعد المكان كانت الاتصال بالصالات الفنية «لكي يكون لديك معرض فني ناجح يجب أن يكون لديك مجموعة من الصالات (الغاليريهات) الناجحة والأسماء الشهيرة حتى ينطلق السوق بشكل جيد. بالنسبة لنا فإن الكثير من الغاليريهات التي شاركت خلال العامين الماضيين كانت لها علاقة بالمنطقة بالإضافة إلى غاليريهات من أميركا وأوروبا لها أفرع في الشرق الأوسط».

استطاع السوق كما يقول مارتن أن يخلق توازنا بين الصفة المحلية والصفة العالمية، فـ «الفنانون من المنطقة يريدون أن يعرضوا أعمالهم على جهات عالمية، فهم لا يريدون أن يحصروا في نطاق محلي فقط عبر الأسواق والغاليريهات المحلية، وهذا كان الحال بالنسبة للغاليريهات الأجنبية المشاركة التي أرادت معاينة الأعمال الفنية المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط.

بدأ السوق بمشاركة 30 غاليري ودار عرض وصل عددها إلى 64 في العام الثاني، وهذا العام تشارك أكثر من 60 صالة فنية من أبرز الصالات الفنية المعاصرة من 30 بلدا حول العالم، كما يشهد المعرض زيادة بنسبة 50 بالمائة في عدد الصالات الفنية المشاركة من منطقة الشرق الأوسط. ولكن كان هناك سؤال حول مدى نجاح المعرض في تحقيق هوية له وإذا ما كان قد حقق الأهداف التي أقيم من أجلها؟ يقول مارتن إن ذلك يتم بفهم طبيعة المعرض التجارية «جامعو الفنون والمقتنون يجب أن يسافروا إلى المعرض لشراء الأعمال الفنية وفي هذه الجزئية استطيع القول بأن المعرض كان ناجحا ومفيدا للمقتنين. فهم يستطيعون مشاهدة الأعمال التي يقدمها أكثر من 60 صالة فنية من حول العالم تحت سقف واحد. مقياسنا الأول للنجاح هو كم شخص زار المعرض وكم صالة باعت أعمالها. في العام الماضي تضاعفت الأرباح عن العام السابق كما زاد عدد الزوار».

الأزمة المالية العالمية موضوع لا يمكن نسيانه خاصة إذا تعلق الأمر بسوق يعتمد على الطاقة الشرائية، فالمزادات العالمية سجلت انخفاضا ملحوظا في بيع لوحات لكبار الفنانين وأذكر لمارتين ما تواردته الصحف حول فشل بيع لوحة للفنان البريطاني الشهير فرانسيس بيكون والتي كان مقدرا لها سعر 6 ملايين جنيه إسترليني، ولكن مارتين يعلق قائلا «هذا صحيح ولكن الصورة لها وجهان فهناك على سبيل المثال انتعاش في مبيعات الأعمال الكلاسيكية». ويضيف «مبيعات المزادات لا تعطينا الصورة كاملة فهناك مقتنون وجامعو فنون مازالوا مستعدين لشراء الأعمال الجيدة. ولكني أرى أن الأزمة الاقتصادية تحمل هموما للفنانين الصاعدين، ففترة الانتعاش التي مر بها الفن في منطقة الشرق الأوسط يظهر تأثيرها السلبي الآن. ولكن إذا نظرنا إلى الأمور بمنظور مختلف فنستطيع أن نرى أن فترة الانتعاش أثمرت عن بنية تحتية للفنون في المنطقة من متاحف وصالات فنية لها اسم جيد».

يرى مارتين أن المجال مفتوح الآن لمقتنين من نوع جديد، «لاحظت في منطقة الخليج أن هناك جيلا من الشباب من المهتمين باقتناء الفنون ومن الطبيعي أن يشتري هؤلاء أعمالا لفنانين شباب وأتوقع أن يكونا ثنائيا فنايا يكبر ليكون فنانين معروفين وجامعين لهم ثقل. وفي كل الأحوال فإن الأوضاع الآن قد تغري لاعبين جددا بدخول الساحة، فالأسعار المنخفضة ستشجع الكثيرين على الشراء الآن».

معرض هذا العام سيؤكد الصلة بين الجمهور والصالات المشاركة فهناك مشروعات لإقامة ورش عمل لطلبة المدارس وتقديم فرص العمل في السوق لخريجي الجامعات والمعاهد الفنية وهو ما يعد بمثابة وضع قدم لهم في عالم الفن يمكنهم من الانخراط فيه بصورة أفضل في المستقبل «هؤلاء هم الأشخاص الذين سيؤثرون على المشهد الفني في السنوات القادمة».

المعرض أيضا يقدم أعمال الفنانة القطرية «رولا حاج إسماعيل» وعملها الفني «صانعة التبولة» الذي سيعرض كجزء من فعاليات «آرت بارك». وستقام فعالية «آرت بارك» في موقف السيارات السفلي في مدينة ارينا، وستشكل ركنا متقدما يهتم بالأعمال الفنية التجريدية التي تولي اهتماما خاصا بالأعمال الفنية التصويرية والفيديو، والتي ستعكس الحيوية والأهمية الخاصة التي تتمتع بها هذه الفئة من الفنون في منطقة الشرق الأوسط. كما سيحتضن آرت دبي صالة «ثيرد لاين غاليري» التي تتخذ من قطر مقرا لها. وستنظم هذه السنة، على هامش فعاليات المعرض، جائزة أبراج كابيتال للأعمال الفنية، وهي واحدة من أهم وأضخم الجوائز الخاصة بالفنون المعاصرة حول العالم؛ بالإضافة إلى فعاليات منتدى الفن العالمي والعديد من البرامج الشاملة، والمشاريع، والأفلام، والعروض، والأحداث والجولات الفنية المنوعة. واختتم مارتن حديثه بالقول: تفخر إدارة معرض «آرت دبي» بتمكنها من تنظيم المناقشات الخاصة بمنتدى الفن العالمي ليوم واحد خلال فعاليات متحف الفن الإسلامي والتي ستحمل عنوان «إيجاد الفضاءات وتهيئة الجمهور».