رسائل باسم وزير العدل البريطاني للنصب على معارفه

يستنجد بأعضاء حزبه لإرسال 3 آلاف دولار لتسديد الفواتير والرجوع إلى أهله

جاك سترو
TT

ماذا تفعل عندما تصلك رسالة إلكترونية من صديق يصف فيها مأزقا يمر به في ظروف غير عادية، ويطلب منك يد المساعدة؟ وعندما يكون هذا الصديق في بلد غير بلده، فإن ذلك يزيد من أهمية الأمر وتعاطفك معه ويضعك تحت إلحاح من نوع آخر.

أما أن يكون هذا الصديق هو وزير في الحكومة البريطانية، فإن الطلب يصبح له أهمية من نوع آخر.

«لقد فقدت محفظتي خلال رحلتي في السيارة من المطار إلى الفندق». جاءت الرسالة الالكترونية من لاغوس بنيجيريا منذرة مستقبليها، «أريد منكم مساعدتي بقرض مالي صغير يخولني دفع فواتير تكاليف الفندق والمصاريف الأخرى»، طلبت الرسالة من أكثر من 200 شخص من المدرجين على قائمة عناوين وزير العدل جاك سترو، مضيفة أن «ثلاثة آلاف دولار ستكون كافية لتعيدني إلى بلدي». ذهل أعضاء المنظمة المحلية لحزب العمال في بلاكبيرن (الدائرة الانتخابية للوزير) في شمال انجلترا، من محتوى رسالة سترو الذي جال دول العالم كونه عمل أيضا وزيرا للخارجية والداخلية وتبوأ مراكز أخرى في الحكومة العمالية الحالية، وتسأل بعضهم كيف يمكن أن يقع الوزير في مثل هذا المطب. كون مصدر الرسالة هو نيجيريا فإن ذلك يدخل الشك مباشرة إلى نفس المستقبل لها، والسبب أن الكثير من الناس تصلهم من نفس المكان هذا النوع من الرسائل، مما أدى إلى إطلاق التحذيرات في السابق من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية التي حذرت الناس مرارا من الوقوع فريسة لها. الرسالة معنونة باسم الوزير، مستخدمة التعبير الرسمي المستعمل في مخاطبة الوزراء في الحكومة البريطانية. ورد أحد أبناء المنطقة الانتخابية على الرسالة، كما ذكرت العديد من التقارير الإخبارية، ولكنه لم يرسل أي نقود.

وأكد الوزير سترو أن رسالة أرسلت باسمه إلى أكثر من 200 شخص من أعضاء الحزب في منطقته الانتخابية، مطمئنا انه موجود حاليا في «وايت هول» (منطقة المباني الحكومية والوزارات) ويعمل بجهد بسبب الحوار الدائر في البرلمان حول نشر محضر مداولات الحكومة البريطانية بخصوص الحرب على العراق.

وأضاف الوزير «لقد وصلني سائل من عدد كبير من أعضاء الحزب يسألون إذا كنت فعلا في نيجيريا وأحتاج ثلاثة آلاف دولار».

وقال سترو، الذي شن، عندما كان وزيرا للداخلية بمساعدة الأجهزة، حملة للقضاء على هذا النوع من الاحتيال على الناس من خلال شبكة الانترنت، «الانترنت شيء جيد جدا، إلا أن هناك بعض العصابات التي تعمل جاهدة مستخدمة هذا النوع من التكنولوجيا للاحتيال على الناس، وللأسف ينجحون أحيانا».

وتابع الوزير «أعتقد انه من الغريب جدا أن أقوم بجولة أفريقية رسمية وأفقد محفظتي بهذا الشكل، أي خلال حضوري مؤتمرا عن محاربة الشباب للعنصرية، كما تقول الرسالة». وأكد الوزير أن الدخول إلى قائمة عناوينه الالكترونية لم يشكل أي خروقات أمنية ولم يكشف أي معلومات شخصية للأسماء المدرجة، مضيفا أن اشتراكه الالكتروني يقتصر فقط على أسماء أعضاء منظمة الحزب المحلية، ولا يوجد عليها أي معلومات سرية تخص الحكومة. وبعد الهجوم الذي تعرض له عنوانه الالكتروني الذي مكن هؤلاء من الدخول إلى القائمة المدرجة، وصلت الرسائل للأعضاء يوم الخميس الماضي تخبرهم أن اشتراك الوزير في الموقع «هوت ميل» سيتم تجميده حتى تجيبوا على طلبه.

وحاول الأعضاء الرد على الرسالة إلا أن الموقع توقف عن الاستقبال، وبعد ذلك انهالت المكالمات على مكتب الوزير لتعرف حقيقة الأمر. وقامت مايكروسوفت بتعليق الاشتراك بعد ذلك لإيقاف أي تلاعب. وقال عمدة بلاكبيرن محمد خان عن منطقة سترو الانتخابية إن كل شيء على ما يرام الآن «انزعج جاك سترو كثيرا في البداية، لكنه تعامل مع الموضوع بروح رياضية»، مضيفا «أن العديد من الناس وصلتهم الرسالة. انه لأمر محزن أن يعتقد البعض أن جاك سترو قد يطلب المساعدة بهذا الشكل».

خلال عمل سترو وزيرا للداخلية عام 2001 تأسست وحدة متخصصة في مكافحة الجريمة الالكترونية، التي كانت من مهامها ملاحقة خبراء الكمبيوتر الذين يبثون الرعب عند الناس من خلال الفايروسات التي يطلقونها في الشبكة الالكترونية. ورغم الحالة التي خلقتها الرسالة وتم تناقلها من قبل وسائل الإعلام والتعاطف مع الوزير إلا أن بعض أعضاء المنطقة الانتخابية كانوا سعيدين أن يبقى سترو عالقا في نيجيريا. وكتب أحدهم في الجريدة المحلية «لانكشاير تلغراف»، التي يكتب فيها الوزير عمودا أسبوعيا، قال فيها «للأسف أن ذلك كان مجرد ادعاء حول وجوده في نيجيريا. لا أرى أن الكثير من أعضاء الحزب الاشتراكيين سيتنافسون من أجل إنقاذه من محنته. الأفضل تركه في مكانه في هذا الحر الشديد».