حرفيو الزجاج المعشق في دمشق يستفيدون من لعبة الألوان

طوروه بأن جعلوه متحركا مع النوافذ والواجهات

زجاج معشق من صنع حرفيين دمشقيين («الشرق الأوسط»)
TT

اشتهرت مدينة دمشق منذ مئات السنين بصناعة الزجاج بمختلف أشكاله وأنواعه من خلال ما يسمى بالنفخ، وهي طريقة يدوية تعتمد على نفخ العامل للزجاج بواسطة أداة خاصة ليأخذ الأشكال المرغوبة وبالألوان المميزة له. ومع مرور السنين والتطور الذي حصل في العمارة الدمشقية جاء ابتكار الدمشقيون لنوع جديد من الزجاج، وهو ما أطلقوا عليه اسم «الزجاج المعشَّق»، والذي خصصوه فقط للنوافذ والأبواب والواجهات الزجاجية في القصور والمعابد والبيوت الدمشقية التقليدية. ولكن بسبب تكلفته العالية اقتصر استخدام هذا النوع من الزجاج على الأماكن العامة والمساجد والكنائس والمراكز الثقافية والتراثية وعلى الميسورين في قصورهم ومنازلهم.

ومع عودة الدمشقيين إلى التراث لوحظ في السنوات الأخيرة قيام العديد من الذين يبنون منازل جديدة بالطلب من مهندسي الديكور أن تكون نوافذ وشبابيك وأبواب منازلهم مزينة بالزجاج المعشَّق لا الزجاج العادي، ومع هذه العودة إلى الزجاج المعشَّق بدأ العديد من الحرفيين اليدويين الدمشقيين بافتتاح ورش لتصنيع هذا النوع من الزجاج خصوصا في مناطق قديمة كسوق ساروجة والعقيبة والعمارة. ومن هؤلاء الحرفي الدمشقي حسام فاخوري الذي تحدث عن الزجاج وكيفية تصنيعه قائلا: «الزجاج المعشَّق بالجبصين فن قديم في دمشق، يتميز بمتانة وجودة عالية، وبالاستفادة من خواص الجبصين المتين مع الزجاج بحيث يمكن للحرفي أن يشكل ما يريد من الجبصين الذي لا يتأثر بالعوامل الجوية من رطوبة وحرارة مرتفعة وأمطار، والمادة الوحيدة التي تفسده هي المازوت. ولكن لكون الزجاج المعشَّق يُستخدم في النوافذ العالية والشرفات وهو مرتفع عن الأرض فلا تصل إليه مادة المازوت. وقد قمنا بتطوير أشكال مختلفة تزيينية وزخرفية، ومنها أشكال نباتية وقناطر هندسية وأقواس، والخيط العربي والشكل الهندسي المرغوب كالمربع والمثمن والمسدس وغيرها».

أهم ما يميز الزجاج المعشَّق أنه يحول النافذة إلى لوحة فنية، ومع تعشيق الزجاج بالجص تتشكل الألوان لتأخذ بعدا تراثيا فلسفيا، ومنها مثلا الأحمر الذي يرمز إلى الشمس والأصفر إلى الطيف والأخضر إلى الأرض والخير والأزرق إلى البحر والسماء، وبهذا تتشكل حسب نمط وطبيعة استخدام البناء الذي توضع عليه النوافذ.

وما يميز أيضا الزجاج المعشَّق أنه يسمح لنور الشمس بالدخول إلى المكان من خلال تصميم النافذة بزاوية حادة، نحو 20 إلى 35 درجة.

ويقوم الحرفيون بتطوير الزجاج المعشَّق في السنوات الأخيرة من خلال جعله متحركا، بينما كان في السابق يجعلونه ثابتا على النوافذ.