أكثر من 478 مليون دولار حصيلة «مزاد القرن»

بيع رأسين من البرونز لكلب وأرنب رغم احتجاج الصين

جمهور المزاد يتابعون بيع القطع الصينية (أ.ف.ب)
TT

بعد ثلاثة أيام «ساخنة» في عز شتاء باريس، انتهت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، تصفية التركة الفنية لمصمم الأزياء الراحل إيف سان لوران وشريكه بيير بيرجيه. وحققت عملية البيع التي استحقت تسمية «مزاد القرن» حصيلة مجموعها 373.50 مليون يورو، أي أكثر من 478 مليون دولار. وعلى الرغم من أن المزاد جرى في «القصر الكبير» في باريس، فإن حصة المتاحف الفرنسية منه لم تتجاوز 13 مليون يورو، هي قيمة ثلاث لوحات من الفن الحديث وبعض المنحوتات والتماثيل المنمنمة.

وخصص اليوم الأخير من المزاد لبيع تماثيل من الفن الآسيوي وبعض القطع الأثرية. وكانت نجمتا الختام منحوتتين صينيتين على شكل رأسي كلب وأرنب، من «منهوبات» القصر الإمبراطوري الصيفي في بكين. وقدر الخبراء ثمن الرأس الواحد بعشرة ملايين يورو، لكن المزاد وصل إلى 31.40 مليون يورو للرأسين. ولم تعرقل البيع التهديدات التي كانت جمعيات وشخصيات موالية للسلطات الصينية كانت أطلقتها، معتبرة أن هاتين القطعتين تعودان للبلد الذي سرقتا منه أثناء الحملة البريطانية الفرنسية في القرن الثامن عشر. وحاول بعضهم التظاهر ولفت أنظار كاميرات وسائل الإعلام أمام بوابة القصر الكبير، من دون طائل. والتمثالان اللذان يجسدان رأس كلب ورأس أرنب يبلغ ارتفاعهما حوالي أربعين سم قد نهبا من القصر الصيفي في بكين من قبل جنود فرنسيين بريطانيين في 1860.

وبيع التمثالان مقابل 7.15 ملايين يورو لكل منهما، من دون أن يكشف اسم المشتري أو المشترين الذين شاركوا في المزاد عبر الهاتف.

وقال فرانسوا ريكلس، نائب رئيس دار «كريستيز فرنسا» التي نظمت المزاد «نحن نلتزم بالسرية مثل الأطباء».

وعلى الرغم من أن لوران وبيرجيه اشتريا بشكل قانوني هذه الأعمال التي تعود إلى القرن الثامن عشر، فإن الحكومة الصينية تطالب باستعادتهما. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم الخارجية الصينية قوله «في التاريخ الحديث نهبت القوى الإمبريالية الغربية الكثير من القطع الفنية الصينية من القصر الصيفي، ويجب أن تعود هذه القطع إلى الصين». غير أن الحكومة الفرنسية قالت إنها لم تتلق «أي طلب رسمي» بهذا الصدد من الحكومة الصينية.

وقال بيرجيه «إني مستعد تماما لإعطاء هذين الرأسين (من البرونز) إلى الصين، وكل ما أطلبه من الصين في المقابل هو احترام حقوق الإنسان ومنح الحرية إلى التيبت واستقبال الدالاي لاما». وردت الصين بوصفها عرض بيرجيه بأنه «مهزلة».

وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية كريستين البانيل، قبيل عملية البيع لقناة «تي في 5» إن الرأسين «تم شراؤهما من السوق الخاصة، وتم بيعهما في مزاد خاص. وبإمكان الدولة التي تريد استعادة بعض هذه القطع الفنية أن تشتريها».

وجرت عملية البيع بإشراف محاميين، قالا إنهما منتدبان من جمعيات صينية ومن مجموعة شبان صينيين قدموا ليظهروا احتجاجهم.

وحذر أحد المحامين ليو يانغ، من أن بيع تمثالي البرونز «سيسيء إلى العلاقات بين الشعبين» الصيني والفرنسي، مع إقراره بأنه لم يتم انتدابه رسميا من قبل بلاده.

كما شهد اليوم الثالث والأخير، أيضا، بيع رأس منحوت لجانوس، يعود إلى النصف الأول من القرن السادس عشر بمبلغ مليوني يورو. وبيعت مزهرية من كريستال روش، مرصعة بالياقوت ومصنوعة في ميلانو أواخر القرن الخامس عشر بمبلغ 529 ألف يورو، وجزء من تمثال لرأس المسيح، عليه السلام، يعود إلى القرن السابع عشر بمبلغ 53.800 ألف يورو، أي بما يزيد أربع مرات على الثمن المقرر له.

هذه النتائج جاءت فوق ما توقعه الخبراء الذين كانوا قد قدروا الحصيلة بمبلغ يتراوح ما بين 200 و300 مليون يورو. وبهذا تكون مؤسسة «كريستيز» بالإشتراك مع مؤسسة «بيير بيرجيه» قد حققتا رقما قياسيا عالميا في مزاد لبيع مجموعة فنية تعود لأفراد، لا لجهات رسمية. وأعرب إد دولمان، رئيس مجموعة «كريستيز» عن رضاه قائلا: «بفضل هذا المزاد استعادت باريس وهجها الذي عرفت به كسوق عالمية للفن في خمسينات القرن الماضي».