استقبال حافل لأبطال «المليونير المتشرد» لدى عودتهم إلى الهند

الحكومة تقرر نقلهما إلى شقق مبنية من الأسمنت مع كل وسائل الراحة

أزهار الدين (رويترز)
TT

لقي أبطال فيلم «المليونير المتشرد» الحائز على جوائز الأوسكار استقبالا حافلا لدى عودتهم إلى الهند أمس الخميس. كانت جماهير غفيرة في الانتظار في مطاري شيناي ومومباي، فيما كان واضع موسيقى الفيلم والملحن إيه آر رحمن، ومهندس الصوت ريسول بوكوتي، والممثل ارفان خان، والأطفال نجوم الفيلم يهبطون من الطائرة.

وكانت هذه الحشود هي الأكبر في شيناي مسقط رأس إيه آر رحمن. وقام عازف الطبلة الشهير شيفماني وفرقته ومجموعات من الراقصين والموسيقيين بأداء عرض فني خارج المطار.

وكان وفد وزاري من ولاية تاميل نادو، وعاصمتها شيناي، فضلا عن مئات المعجبين، في انتظار رحمن لدى خروجه من المطار. كما تجمع المعجبون أمام بيته.

ونقلت وكالة أنباء «برس ترست أوف انديا» عن الموسيقار قوله إنه تأثر كثيرا بالاستقبال وقال، «إنهم (المعجبون) كادوا يقتلونني حبا».

وقال رحمن إنه «لا يرى أن جائزة الأوسكار خاتمة مشواره الفني بل نقطة بداية وانطلاق».

وأضاف «إنها نقطة بداية لعمل شيء مختلف تماما في الموسيقى وفي الطريقة التي ينظر بها الناس للموسيقى».

وأردف قائلا، «أهدي الجائزة للمواطنين وللشباب عموما، وأخص منهم الموسيقيين».

ويعتبر رحمن، 42 عاما، واحدا من كبار المؤلفين الموسيقيين في الهند، وتحقق أعماله مبيعات قياسية، ويقال إنه باع أكثر من 100 مليون البوم.

ولم تسيطر والدة أزهار الدين محمد إسماعيل، على نفسها لدى نزولها من الطائرة، وكانت الدموع تنهمر من عينيها. وقالت، إن وجودها مع ابنها في أميركا، كان مثل الخيال، وهذه هي المرة الأولى التي تغادر فيها مومباي إلى أي مكان خارج المدينة، مضيفة أن ذلك بسبب «الصلوات التي قام بها الملايين من الناس في الهند من أجلنا».

«نزلنا في فندق من الدرجة الأولى، وقدم أفخر أنواع الطعام»، الذي لم يكن على مذاقها. أما والدة رابينا خوشي فكانت حزينة لأنها لم تلتقِ بابنتها بعد عودتها مباشرة. وكانت خوشي قد انفصلت عن زوجها رفيق أصغر علي قريشي. «أعتقد أن زوجي أخفاها عني بقصد»، قالت كلماتها بمرارة أمام الخيمة التي تعيش فيها رابينا مع والدها وزوجته. ولكن يضطر الطفلان إلى العيش في أحياء فقيرة بعد رحلتهما إلى الولايات المتحدة، واختلاطهما بمشاهير هوليوود، حيث يسكنان في أكواخ مكونة من غرفة واحدة في أحد أحياء مومباي الفقيرة.

وستكون لديهما قريبا شقتان مبنيتان من الطوب والأسمنت، بهما جميع وسائل الراحة الحديثة، حيث قررت الحكومة الهندية منحهما شقتين في إطار خطة هيئة تنمية المساحة والإسكان في ماهارشترا بعد تشريفهما للبلاد. ويعيش الممثلان الطفلان، أزهار الدين محمد إسماعيل (10 سنوات)، وروبينا رفيق قريشي (9 سنوات)، اللذان مثلا المرحلة المبكرة للشخصيتين الأساسيتين في الفيلم في حي غريب النجار الفقير في باندرا في مومباي.

وعلى الرغم من أن مظاهر التكريم التي تنهال عليهما من كل مكان، ما زال الطفلان يعيشان في ظروف بائسة في هذا الحي الفقير.

ومنزل أزهار الحالي عبارة عن ملاذ مؤقت مصنوع من قطع التربولين، وتحوم الفئران من حوله. وعلى الرغم من أن روبينا أكثر حظا حيث تعيش في غرفة واحدة في الحي ذاته، إلا أنها ترى المجاري المفتوحة بالقرب منها.

وقد أظهرت عدد من الصور، التي نشرتها وسائل الإعلام، الطفلين وهما يعيشان في حي فقير ذي ظروف سيئة، على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه الفيلم، الذي حقق إيرادات بلغت 155 مليون دولار حول العالم منذ عرضه وحتى الآن.

وفي الفترة الأخيرة، مع حصول الفيلم على عدد كبير من جوائز الأوسكار، سلطت الأضواء من جديد على الطفلين مع تعالي الأصوات المطالبة بتغيير أوضاع معيشتهما.

وفي يوم الثلاثاء، كتب أمراجيت سينغ مانهاس، رئيس مجلس إدارة هيئة تنمية المساحة والإسكان في مومباي، طلبا إلى الحكومة للموافقة على منح الطفلين شقتين.

وأعلن الوزير الأول في ولاية ماهاراشترا أشوك تشافان، منح كل من الطفلين شقة من الحصة المخصصة للوزير الأول قائلا، إن الطفلين «حققا مجدا للبلاد»، ويستحقان المكافأة.

وجاءت خطوة الحكومة الهندية بعد أن صرح مخرج الفيلم داني بويل، والمنتج كريستيان كولسون، لوسائل الإعلام أن أزهار الدين محمد إسماعيل، وروبينا علي، وعائلتيهما سينتقلون إلى شقتين، تبلغ قيمة كل منهما 20.000 جنيه إسترليني خلال الشهور المقبلة، وأضافا أن الطفلين وعائلتيهما يتطلعون إلى شقتين جديدتين واقعتين على حافة المنطقة التي يعيشون فيها. ويعمل والد روبينا نجارا على فترات غير منتظمة، ويعمل إسماعيل والد أزهار الدين في بيع الأثاث القديم، ويعاني من السل بينما ترى والدته بعين واحدة.

وقد رحب والد روبينا، رفيق قريشي بقرار الحكومة. ونقلا عنه، كتبت صحيفة «مومباي ميرور»: إن «هذا القرار خبر سار بالنسبة لنا. منذ ثلاثة أشهر قامت السلطات المحلية بهدم منزلنا. ونحن سعداء لأنه سيكون لدينا سقف ثابت فوق رؤوسنا». وأكد غاوتام تشاتيريجي، نائب رئيس هيئة تنمية المساحة والإسكان في ماهاراشترا، على تقديم التوصية إلى سلطات الولاية.

ولكن وصفت وسائل الإعلام الهندية هدية الشقتين بالخطوة السياسية، التي تسبق الانتخابات العامة.

وفي وقت سابق ادعى أولياء أمور الطفلين أن مخرج ومنتج الفيلم لم يدفعا ما يكفي من الأموال للطفلين، بل ورفضا إرسال الطفلين لحضور احتفال الأوسكار، مطالبين بدفع ثمن تذكرة الطيران لهما بدلا من ذلك، وهما ما قد يستخدماه للوفاء باحتياجاتهما الأساسية.

ولكن فند مخرج الفيلم داني بويل والمنتج كريستيان كولسون هذه الإدعاءات وقالا، إنهما اتخذا خطوات كافية لضمان مستقبل جيد للطفلين المشردين.

وقالا: «بذلنا جهدا كبيرا في الاعتناء بكيفية تحقيق استفادة دائمة لأزهار وروبينا من اشتراكهما في الفيلم، وذلك علاوة على الأجر الذي حصلا عليه من العمل. وبعد الانتهاء من تصوير الفيلم في العام الماضي، التحقا بالمدرسة لأول مرة، وتم إقامة صندوق لهما لضمان مستقبل جيد لهما، وسيحصلان عليه إذا ظلا ملتحقين بالمدرسة حتى يبلغا سن 18 عاما». ويدرس الطفلان في مدرسة محلية، ويحصلان على 28 دولارا أميركيا في الشهر مقابل الكتب والغذاء، حيث يعتقد بويل وكولسون أنه سيكون من غير المسؤول منح الطفلين مبالغ كبيرة، التي ربما يأخذها أقاربهما أو آخرين. وأضافا: «لقد أدى ذلك إلى خلاف مع أسرتيهما حول المال».

ويضع كل من أزهار وروبينا عيونهما على هوليوود، مركز صناعة الأفلام الهندية في مومباي. ويقول أزهار إنه يريد أن يكون سلمان خان القادم، بينما ترغب روبينا في أن تكون نجمة كبيرة مثل بريتي زينا، وهما من كبار ممثلي هوليوود. وإذا نجحا في ذلك، ستصبح حياتهما قصة أخرى في الصعود من الفقر إلى الثراء.

وقد حاز فيلم «المليونير المتشرد» على 8 جوائز أوسكار في حفل جوائز الأكاديمية للعام 81، ويأتي ذلك شبيها برحلة بطل الفيلم التي تشبه القصص الخيالية.