صالات الأفراح في غزة تعاني الكساد بعد الحرب

بعضها تحول إلى مخازن

بعض العائلات التي تنتظر الفرحة الأولى في بيتها أجلت عقد قران أبنائها حتى تتحسن الظروف («الشرق الاوسط»)
TT

لم يعد الأهالي الذين يقطنون الأحياء الغربية من كل من مخيمي المغازي، والبريج، والأحياء الشرقية من مخيم النصيرات وقرية الزوايدة، يعانون من الضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت المثبتة فوق صالات الأفراح التي كانت تصدح بالأغاني والأناشيد من العصر وحتى الساعات المتأخرة من الليل. فأثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبعدها انخفض العمل في هذه الصالات إلى الصفر تقريبا، فقد أجل الكثير من الشباب الفلسطيني الذين هم على وشك الزواج إقامة أفراحهم حتى تتحسن الظروف. ويحرص الآخرون ممن قرروا إتمام مراسم زواجهم في الوقت الحالي على أن يكون ذلك بدون مظاهر فرح احتراما لمشاعر آلاف العائلات التي فقدت أعزاءها خلال الحرب. أصحاب صالات الأفراح التي تنتشر على شارع صلاح الدين، وتحديدا بين معسكري المغازي والبريج لا يجدون ما يفعلونه في هذه الأيام رغم أن الإقبال على صالاتهم قبل الحرب كان مرتفعا لدرجة أن بعض الصالات كانت تتلقى حجوزات على كل أيام الشهر. ويقول صلاح سالم مدير نادي خدمات المغازي الذي يضم صالة أفراح لـ«الشرق الأوسط» إن الإقبال على صالة أفراح النادي كان كبيرا بسبب الأسعار المخفضة، لدرجة أن الكثير من العائلات كانت تؤجل أفراحها حتى يتسنى عقد الزواج في صالة النادي. وأضاف أن الوضع قد تغير بعد الحرب حيث امتنع الكثيرين عن استئجار صالة النادي بسبب حرصهم على مشاعر أسر الشهداء والجرحى. وانخفض الإقبال أيضا بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث إن متوسط ما تدفعه العائلات مقابل إحياء حفلة العرس في صالة للأفراح يبلغ 1200 شيكل (300 دولار) وهو ما يعتبر مبلغا ضخما. وبسبب الكساد فقد اضطر بعض أصحاب الصالات إلى تأجيرها لتكون مخازن مؤقتة للجمعيات الخيرية التي تستقبل المساعدات الأجنبية لضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع. ويلفت نظر الزائر لشارع صلاح الدين المئات من الفقراء والمعوزين الذين ينتظمون أمام بوابات بعض صالات الأفراح انتظارا لتلقي المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية والتنظيمات السياسية.

لكن، ومع ذلك، فإن رب ضارة نافعة، فالكثير من الشباب الذين حالت الحرب دون إتمام مراسم زواجهم، وجدوا في الواقع الجديد بعد الحرب مناسبة للتحرر من الكثير من الالتزامات المالية التي كانت تثقل كاهل الشباب الغزي، سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. كمال أبو هواش (28 عاما)، شاب من دير البلح، وسط قطاع غزة كان من المفترض أن يتم عقد قرانه في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن اندلاع الحرب أجبره على تأجيل عقد الزواج إلى ما بعد انتهاء الحرب. كمال قال لـ«الشرق الأوسط» إنه سيوفر على الأقل مبلغ 3000 دينار كان سيدفعها لو لم تندلع الحرب، فالمجتمع الغزي بات يتفهم أنه يتوجب في هذه الأجواء عدم إقامة وليمة الفرح المعهودة التي يدعى إليها المئات وتكلف أكثر من ألفي دينار في الأوضاع الطبيعية، وهي تكلف حاليا أكثر من ذلك بكثير في ظل ارتفاع أسعار اللحوم بشكل جنوني. ولكن كمال يؤكد أنه سيقيم وليمة على نطاق ضيق جدا يدعو فيها بعض أقاربه وأقارب عروسه. بعض العائلات التي تنتظر الفرحة الأولى في بيتها أجلت عقد قران أبنائها حتى تتحسن الظروف ويكون الاحتفال مناسبة سعيدة للكل. يقول رامي أبو جبر (26 عاما)، الولد البكر لوالديه لـ«الشرق الأوسط» إنه سيؤخر حفل زفافه حتى يكون بالإمكان إقامة الأفراح بدون المس بمشاعر أحد.