الفلسطينيون يقبلون على اللحوم المجمدة

عدم سماح الاحتلال بدخول الغاز المستخدم في تدفئة الدجاج أجبر المزارعين على عدم تربيته

بعض المزارعين تكبدوا خسائر كبيرة، عندما نفقت آلاف الدجاجات بفعل برد الشتاء القارس لعدم توفر غاز التدفئة («الشرق الاوسط»)
TT

كانت مواقف السيارات الخاصة بسيارات الزبائن في محيط مذبح «العجلة» الذي يبيع لحوم الدجاج والحبش الطازج، والكائن في حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، خالية تماما بعد عصر الأربعاء الماضي، فيما انشغل العمال بالداخل بقضاء وقتهم بالحديث، لعدم وجود الكثير مما يمكن أن يعملوه. في الأوضاع الطبيعية كان الزبائن الذين يؤمون هذا المذبح يضطرون لترك سياراتهم خارجه، لعدم وجود مكان في موقف السيارات لكثرة الزبائن الذين يرتادونه لشراء اللحوم. في تلك الأوقات كان العمل داخل المذبح يتواصل من دون انقطاع من الصباح وحتى ساعات الليل.

ولكن الأوضاع الآن تغيرت وتضاءل الإقبال على طلب لحوم الدجاج بسبب ارتفاع أسعارها بشكل كبير في قطاع غزة. ومن أسباب ذلك عدم سماح الاحتلال بدخول الغاز الذي يستخدم في تدفئة الدجاج مما أجبر كثيرا من المزارعين على عدم تربية المزيد من الدجاج. بعض المزارعين تكبدوا خسائر كبيرة، عندما نفقت آلاف الدجاج بفعل برد الشتاء القارس لعدم توفر غاز التدفئة، ومن كان يفكر في تربية الدجاج أقلع عن الفكرة. أما الذين نجحوا في تربية الدجاج فهم المزارعون الذين تمكنوا من توفير الغاز عبر علاقاتهم مع أصحاب بعض محطات الغاز. والمعروف أن هناك حظرا على بيع الغاز لمزارع الدجاج، حيث إن الكميات القليلة جدا من الغاز التي تسمح إسرائيل بدخولها للقطاع وفي فترات متباعدة، جعل الحكومة المقالة تجبر أصحاب المحطات على بيع الغاز فقط للاستخدام المنزلي وليس لأصحاب المزارع. واستطاع قليل من المزارعين التغلب على مشكلة التدفئة بواسطة استخدام الكيروسين الأبيض الذي يتم تهريبه من مصر عبر الأنفاق، مع كل المخاطر التي قد تنجم عن استخدامه. وبلغ سعر الدجاجة التي يبلغ وزنها 2 كلجم 50 شيكل (13 دولارا)، وهذا مبلغ كبير جدا زاد الأعباء على المواطنين الذين يعانون من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع. إبراهيم إسماعيل، صاحب أحد محلات بيع الدجاج في المنطقة الوسطى من القطاع، يحرص حاليا على شراء عدد قليل من الدجاج بسبب قلة الطلب. إبراهيم الذي يعمل في مجال الدجاج منذ عشرين عاما قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يذكر فترة كساد في هذا المجال مثل الفترة الحالية. ويشير إسماعيل إلى أن متوسط عدد الزبائن الذين يتوجهون إلى محله في اليوم لا يتجاوز العشرة أشخاص باستثناء يوم الجمعة، حيث يصل العدد إلى عشرين. وبالرغم من ذلك فأغلبية الزبائن الذين يفدون إلى محله لا يشترون أكثر من دجاجتين. ويقارن إسماعيل بين الأعداد الحالية وبين عدد الزبائن الذين كانوا يزورون محله في الماضي، حيث كان العدد يصل إلى 150 شخصا في الساعات الأولى من اليوم، في حين يتضاعف العدد يوم الجمعة.

واشتدت أزمة الدجاج إلى الحد الذي أصبح فيه الكل عاجزين عن شراء الدجاج حتى أولئك الذين يعملون ولهم دخل ثابت. وبدأ الفلسطينيون في ظل الأزمة في الاتجاه إلى بدائل أقل تكلفة، حيث أصبحوا يشترون اللحوم المجمدة. أسامة سلمان الذي يعمل مدرسا ويقطن مخيم «المغازي» للاجئين قال لـ«الشرق الأوسط» إنه اعتاد في الأوضاع العادية على شراء ثلاث دجاجات في يوم الجمعة، حيث كان ثمنها 60 شيكل، على أكثر تقدير، أما الآن فإن سعرها يصل إلى 150 شيكل، وهو مبلغ كبير بالنسبة له، مما دفعه إلى الاتجاه لشراء اللحم المجمد الذي يصل سعره إلى أقل من ربع سعر لحم الدجاج الطازج.

وحتى الموسرين الذين كانت وجباتهم اليومية تضم لحم دجاج، أصبحوا لا يأكلونه إلا يوم الجمعة.