الكشف عن لوحة لشكسبير يعتقد أنها الوحيدة المرسومة في حياته

بقيت لدى عائلة واحدة منذ قرون وصاحبها لم يعرف هوية المرسوم

الروفسور ستانلي ويلزا لى جانب لوحة يعتقد أنها لويليام شكسبير أثناء الكشف عنها امس في لندن (تصوير حاتم عويضة)
TT

كشف أمس عن لوحة تعود إلى القرن الـ17، لكن لم تكن هوية الشاب الوسيم المرسوم فيها معروفة لغالبية تلك الفترة. وبعد 3 سنوات من الدراسة العلمية والتاريخية والفنية للوحة، أكد خبراء أمس، أنها لوحة للكاتب والشاعر البريطاني الشهير ويليام شكسبير. ولكن ما يجعلها مثيرة أن الخبراء يعتقدون أنها اللوحة الوحيدة التي رسمت لشكسبير وهو على قيد الحياة، إذ يعتقد أنها رسمت عام 1610، أي ست سنوات قبل وفاة شكسبير.

وفي مؤتمر صحافي موسع أمس، أعلن مدير «صندوق مكان ولادة شكسبير» والخبير في كل ما يتعلق بالكاتب البريطاني الشهير، بروفسور ستانلي ويلز، أنه «واثق بنسبة 90 في المائة أن هذه اللوحة الوحيدة التي رسمت لشكسبير وهو على قيد الحياة»، مضيفا: «أنه تطور مثير في تاريخ صور شكسبير». وأعلن عدد من الخبراء المجتمعين في المؤتمر الصحافي تأكدهم من ذلك من خلال الفحوصات التي أجريت وتؤكد تاريخ رسم اللوحة وربطها بتاريخ الصور المعروفة لشكسبير.

وكانت عائلة كوب البريطانية قد احتفظت باللوحة منذ قرون، ليرثها أليك كوب، وهو مهتم بجمع القطع الفنية. وقال مارك بروك، وهو مسؤول عن مجموعة كوب الفنية، إنه عندما ورث أليك كوب اللوحة، اعتقد أن اللوحة تعود إلى الشخصية التاريخية البريطانية السير والتر رالي، وهو مؤرخ ومغامر عاصر شكسبير، إلا أن بعد «اتصالات بكل المؤرخين المهتمين برالي، اكتشفنا أن الشخص المرسوم ليس رالي». وأضاف بروك لـ«الشرق الأوسط»: «بعدها لم يكن لدينا أدنى فكرة من هو الشخص المرسوم في اللوحة، فتصورنا أنه أحد أجداد العائلة، لم تكن لدينا أية فكرة». وبروك الذي يعمل عند كوب منذ ست سنوات لم يتوقع أن تصبح اللوحة مركز اهتمام عالمي مع الكشف عن تاريخها الحقيقي، بطريق الصدفة.

وكانت هذه الصدفة حضور كوب معرضا في المتحف الوطني للصور عام 2006 رأى فيها لوحة زيتية لشكسبير تدعى «لوحة فولغر» نسبة لمالك اللوحة، ليكتشف أنها نسخة عن لوحة يمتلكها في منزله في دابلن الأيرلندية، التي بقيت في المنزل العائلي منذ عقود. وروى ويلز تلقيه مكالمة هاتفية من كوب، الذي كان يعرفه مسبقا، وهو يصر على أنه مالك اللوحة الأصلية لشكسبير. وقال ويلز: «في البداية كنت متشككا، إلا أنني اليوم متأكد بنسبة 90 في المائة»، وأضاف ضاحكا: «لو حصلت على إيصال يقول إن الايرل قد دفع مبلغا بقيمة 40 شيلينغ لفنان معين لرسم لوحة لشكسبير كنت سأصدق 100 في المائة، ولكن العثور على مثل هذا الإيصال غير وارد». يذكر أن نسخة «فولغر» التي تعرض في «مكتبة شكسبير» في واشنطن كانت تعتبر صورة مطابقة لشكسبير، إلا أنه، وقبل 70 عاما، اعتبرت هذه اللوحة غير دقيقة، بعد اكتشاف أن بعض الشعر المرسوم على رأس شكسبير كان إضافيا. وقدم ويلز أمس شرحا مطولا حول شعر شكسبير المرسوم في لوحتي كوب وفولغر كإثبات على أن اللوحة هي تصوير صحيح لأشهر كتاب بريطانيا. إذ تبين أن لوحة كوب كانت قد رسمت أساسا، بينما كانت نسبة الشعر على رأس شكسبير قليلة بعض الشيء، إلا أنه بعد بضعة أشهر تم إضافة شعر جديد ليبدو شكسبير بشعر كثيف. وبعد ذلك، رسمت 3 نسخ للوحات لشكسبير تظهره بشعر كثيف. وفي عام 2002 أزيلت الصبغة الإضافية على لوحة كوب، ليظهر شكسبير مجددا بشعر أقل وهو في الـ46 من عمره، بحسب تقدير المؤرخين. وقد ساهمت جامعة كامبردج في الكشف عن مصداقية اللوحة من خلال دراسة طبيعة رسمها والصبغة المستخدمة، بينما قامت جامعة هامبورغ بدراسة تاريخ الخشب المستخدم للوحة، لتظهر أنه يعود لبداية القرن الـ17. كما أجريت فحوص باستخدام الأشعة الحمراء للوحة لتظهر أية إضافات طرأت على اللوحة الزيتية، ولكن لم تظهر الفحوصات أية تغييرات. وشرح بروك أن اللوحة احتفظت بحالتها الجيدة، لأنها بقيت لدى عائلة واحدة توارثتها وحافظت عليها. ومن الملفت أن هوية الرسام غير معروفة بعد، ومن غير المحتمل أن تكشف. ولكن بروك أوضح أن ذلك ليس غربيا، قائلا: «هوية الرسامين في القرن الـ17 لم تكن مهمة». ولفت إلى أن الرسامين في تلك الفترة لم يعتادوا التوقيع على لوحاتهم، أو وضع اسم الشخص المرسوم، ولكنهم عادة يضعون عمر أو تاريخ اللوحة. وعلى الرغم من أن لوحة كوب لم تحمل أي أرقام، إلا أن نسخة فولغر، التي يعتبر المؤرخون أنها نسخة من لوحة كوب، حملت رقمي 46، أي عمر شكسبير، و1610 وهو العام الذي يتوقع أنه رسمت فيه نسخة كوب. وستعرض لوحة كوب في معرض خاص في متحف شكسبير في مكان ولادته في ستراتفورد-ابون-ايفون ابتداء من 23 أبريل (نيسان) المقبل، وهو تاريخ ميلاد شكسبير. وقال بروك إنه لم يتم الاتفاق بعد على ما سيفعله كوب باللوحة بعد انتهاء المعرض في سبتمبر (أيلول) المقبل.