مخرج مغربي يخوض في فرنسا تصوير تجربة تلفزيونية غير مسبوقة

تجمع بين شبان فلسطينيين وإسرائيليين في مفاوضات بشأن السلام

محمد أولاد محند، المخرج والمنتج المغربي، صاحب فكرة المشروع التلفزيوني «معاهدات سان ساتورنان» («الشرق الأوسط»)
TT

يتأهب محمد أولاد محند، المخرج والمنتج المغربي المقيم بباريس، لخوض تجربة تلفزيونية غير مسبوقة، وتتلخص في الجمع بين شباب من فلسطين وإسرائيل بفرنسا في مفاوضات حول السلام، سوف يتم تصويرها في سلسلة وثائقية دولية، وتوزيعها بعد ذلك على مختلف قنوات العالم التلفزيونية.

وقال أولاد محند، إن فكرة هذا المشروع راودته منذ مدة، انطلاقا من سؤال ظل بالنسبة له بمثابة هاجس أساسي، وهو: «هل السلام ممكن بين الأجيال الفلسطينية والإسرائيلية الجديدة؟» مضيفا أن هذه العملية تكتسي بعدا فلسفيا، من وجهة نظره.

وأوضح أولاد محند، في تصريح هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أنه فنان، وليس سياسيا، مؤكدا أن إحلال السلام في الشرق الأوسط، يهمه كغيره من الناس الذين يدعون للتفاهم والتعايش والحوار وقبول الطرف الآخر.

وتقوم الفكرة أساسا، كما يتصورها أولاد محند، على استضافة مجموعة من الشباب الفلسطيني والإسرائيلي، لا تتعدى أعمارهم 18 سنة، وذلك بمعدل 6 أفراد من كل جانب في مكان واحد بإحدى بلدات فرنسا، وفسح المجال معهم للتباحث والتفاوض حول إيجاد الفرص الممكنة للسلام، وكل ذلك تحت أضواء الكاميرا التي سترافقهم في التنقل والتبضع، وفي بعض مراحل حياتهم اليومية. ويشرح أولاد محند، وهو زوج مازارين بينجو، كريمة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، أن اللقاء بين الشباب الفلسطينيين والإسرائيليين لن ينحصر كله في الحديث حول السياسة، بل ستتخلله أنشطة رياضية وفنية، لخلق لحظات للتقارب، وردم الهوة النفسية بينهم، إما عن طريق مباراة يشارك فيه اللاعب زين الدين زيدان، أو من خلال التدرب على مسرحية «روميو وجوليت»، إلى غير ذلك من الفقرات المتنوعة.

واختار المخرج لهذه السلسلة الوثائقية، التي سيدوم عرض كل حلقة منها 26 دقيقة، عنوان «معاهدات سان ساتورنان»، نسبة إلى البلدة الفرنسية الجنوبية التي سيجري فيها التصوير، خلال شهر كامل في الصيف المقبل، موضحا أنها منطقة ذات طبيعة هادئة، وتشبه فلسطين وإسرائيل من حيث المناخ وأشجار الزيتون، التي تنتشر فيها، التي تحيل في رمزيتها إلى السلام.

ويرفض أولاد محند، رفضا باتا تصنيف هذا العمل ضمن ما يسمى برامج «تلفزيون الواقع»، التي تختلق صراعات مفتعلة بين المشاركين فيها، بحثا عن توفير الفرجة للمشاهدين، موضحا أن الفرق هنا يكمن في أن الصراع بين الشباب الفلسطينيين والإسرائيليين، هو صراع حقيقي وكائن، ومنه سيتم الانطلاق في البحث عن الصلح، إن أمكن، عبر طرح وجهات النظر، سعيا وراء سلام ليس من السهل التوصل إليه.

وأعلن أولاد محند، أن المفاوضات بين الجانبين سوف تجري بحضور مترجمين، بغية تفسير بعض المصطلحات التقنية، التي قد يقع حولها نوع من الالتباس، أو الخلاف في الفهم والتصور.

وأشار أولاد محند، إلى أن الشباب الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين سيقع الاختيار عليهم، انطلاقا من الانتماء لمختلف الفئات الاجتماعيـــة والثقافيــــة والحساسيات الســــياسية للمشاركة في المفاوضات حول السلام، أحرار في اختيار اللغة المراد التحدث بها، سواء العربية أو العبرية، إذ سيجري ترجمة كلامهم مكتوبا على الشاشة، اعتبارا لكون السلسلة الوثائقية دولية، وسوف يتم تقديمها إلى المشاهدين بمختلف لغات العالم.

وردا على سؤال حول مصدر التمويل المادي لهذا المشروع، أجاب أولاد محند، انه «تمويل كلاسيكي عادي»، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن تكاليف إنتاجه محسوبة على القناة التلفزيونية الفرنسية، التي سيتم الاتفاق معها قصد إنجازه، ملحا على أنه تفادى أي تمويل خارجي، تأكيدا لاستقلالية العمل، والنأي به عن أي التباس في فهم مقاصده وأبعاده. وأعلن أولاد محند، أنه سوف يتم إحالة خلاصة المعاهدات السلمية، التي قد يتوصل إليها الشباب المشاركون في هذه السلسلة الوثائقية في النهاية، إلى رئيسي الوزراء في فلسطين وإسرائيل، آملا أن يتوصل الشباب إلى تحقيق ما عجز عنه شيوخ السياسة من تصورات لحل أزمة السلام في منطقة الشرق الأوسط.

يذكر أن أولاد محند، من مواليد مدينة أصيلة (شمال المغرب)، وأنتج من قبل أعمالا وثائقية حول موضوعات مختلفة، مثل «مستشفيات الأمراض العقلية في البرازيل»، و«الرياضيون الإيرانيون»، و«مرشحو الحزب الاشتراكي للرئاسة الفرنسية».