معرض في القدس يعيد التذكير برواد الفن التشكيلي الفلسطيني

لأعمال جمعت من أصدقاء تعكس انطباعات 9 ممن رحلوا عن المدينة القديمة

TT

يعيد معرض الفن التشكيلي «القدس أبجدية الألوان» تذكير زواره بأعمال تسعة فنانين، من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني، منهم من رحل عن هذه الدنيا، ومنهم من غادر البلد ولم يتمكن من العودة إليها. ويشمل المعرض، الذي افتتح مساء الأول من أمس الخميس، في قاعة حوش الفن الشعبي الفلسطيني بمدينة القدس، مجموعة كبيرة من أعمال الفنانين التسعة، جمعت من عائلاتهم وأصدقائهم وآخرين كانت لديهم مجموعة من هذه الأعمال، التي تروي حكاية المدينة المقدسة، قبل أن يحاصرها الجدار العازل الإسرائيلي، ويحول دون وصول عدد كبير من المؤمنين إلى الأماكن المقدسة فيها.

وقالت روان شرف، مديرة مركز حوش الفن الشعبي، لـ«رويترز»: «القدس أبجدية الألوان، معرض يجمع أعمال تسعة فنانين من رواد الفن التشكيلي، الذين رسموا القدس وعبروا عنها بمختلف الوسائل والأساليب». وأضافت، «تم اختيار اللوحات التي تعكس انطباعات هؤلاء الفنانين عن مدينة القدس قبل احتلالها عام 67، ولاحقا حتى ثمانينات القرن الماضي، حيث نراها ببعدها الواقعي من خلال عمارتها وطبيعتها، إضافة إلى تركيبة هذه المدينة، إضافة إلى الرمزية في هذه الأعمال». والفنانون المشاركون في هذا المعرض هم: كمال بلاطة، وسامية حلبي، وصوفي حلبي، وجمانة الحسيني، وسليمان منصور، وتيسير شرف، وفيرا تماري، وفلاديمير تماري، وداود زلاطيمو. وكتبت الفنانة فيرا تماري، المشاركة في هذا المعرض، تقول: «أثناء التحضير لهذا المعرض بحثنا عن أعمال لفنانين ممن اختبروا في الستينات، وبشكل مباشر جسديا وعاطفيا، المعنى الحقيقي للقدس، وجدنا مجموعة مذهلة من الأعمال، التي تظهر مكانة القدس لدى هؤلاء الفنانين، جذبتهم بسحرها». وأضافت «يكرس هذا المعرض لهؤلاء جميعا، لمن رحل من بينهم، وإكراما لمن هم بعيدون عن مدينتهم الحبيبة قصرا، ولحبهم المستديم لها». ويبدأ المعرض بلوحة للفنان سليمان منصور، (1947) من مواليد بلدة بيرزيت شمالي رام الله، الذي لم يتمكن من الحضور إلى المعرض وقت الافتتاح، وقال القائمون عليه: إنه عالق على حاجز قلنديا، الذي يفصل بين القدس ورام الله. تتضمن اللوحة رسومات متعددة على واجهات للمنازل القديمة، فيمكن أن تقرأ تعويذات ورسومات للكف والعين بألوان غاية في الجمال.

ويتنقل الزائر بعد ذلك ليقف أمام لوحة كبيرة للفنان تيسير شرف (1939-2002)، من مواليد مدينة القدس، يمزج فيها بين جمالية الألوان ومعالم المدينة المقدسة، التي تبرز فيها قبة الصخرة وتحيط اللوحة كلمات من آيات القران الكريم تتعلق بالمدينة». وتشير لوحات الفنان داود زلاطيمو (1906-2001)، إلى تأثره البالغ بالمدينة التي ولد وعاش فيها، وتظهر فيها قبة الصخرة والفضاء المحيط بها، ورجل دين يخرج منها، وآخر يمر جنبها. ويظهر الفنان فلاديمير تماري، مواليد (1942)، الذي يعيش في الغربة قسرا منذ أربعين عاما في العاصمة اليابانية طوكيو، التعايش في مدينة القدس بين المسلمين والمسيحيين، فيكتب على لوحة، خلفيتها بيوت القدس القديمة، آيات من القران، كما يظهر فيها الصليب، وأمام ذلك فلسطيني ملثم يحمل العلم الفلسطيني.

وتبدو لوحات الفنانة جمانة الحسيني، مواليد القدس (1932)، باعثة على الأمل من خلال ألوانها وتجسيدها لمنازل القدس، التي تظهر فيها قباب المنازل، وعلى الرغم من عدم ظهور بشر في بعض لوحاتها فإنها تنبض بالحياة.

واتخذت صوفيا حلبي (1912-1998)، التي وصفتها نشرة وزعت خلال المعرض بأنها واحدة من أقدم الفنانات التشكيليات الفلسطينيات، نموذجا خاصا بها في رسم الطبيعة بالألوان المائية.

وتميزت لوحات الفنان كمال بلاطة، من مواليد القدس (1942)، والمقيم في فرنسا حاليا، باستخدام الحروف العربية في رسم لوحاته الفنية. وتوقف الكثير من زوار المعرض عند لوحات الفنانة سامية حلبي، مواليد القدس عام (1936)، التي تتداخل في خطوط الألوان لتخلق حالة من التأمل حول ما تحمله من معاني. وأبدت الفنانة التشكيلية الشابة رنا بشارة، إعجابها الشديد بالمعرض، وقالت لـ«رويترز» خلال تجولها به، «لهذا المعرض قيمة تاريخية، ويقدم لنا صورة للمدينة المقدسة على أصالتها، وقبل أن تشوهها الجدران والحواجز، وتمنع وصول الناس إليها». وأضافت، «هذا المعرض رسالة لنا أن نستمر في توثيق هذا التراث وأن نحافظ عليه أمام محاولات طمسه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ولا بد للجميع أن يأتي إلى هذا المعرض لرؤية ما يشتمله من لوحات تعبر عن أصالة وتراث مدينة القدس».

ويستمر المعرض، الذي قال القائمون عليه: إنه جزء من فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية، التي ستنطلق رسميا في الحادي والعشرين من مارس (آذار) الجاري، حتى الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) القادم، لينتقل بعد ذلك إلى جامعة بيرزيت.