حين يولّد الشغف «مئة قصة وقصة» تفاؤلية من صميم المشكلات

كتاب أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية لعام 2009

وزير الداخلية اللبناني زياد بارود يتوسط أصحاب المبادرات في المجتمع الأهلي («الشرق الأوسط»)
TT

حرص «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» بالتعاون مع «مجلس الإنماء والأعمار» ومؤسسة «فريدريك إيبرت شتيفتونغ» على التقاط قصص من قلب الواقع اللبناني وجمعها في كتاب ليروي في «مئة قصة وقصة» كيف يستطيع شغف فرد أو مجموعة أن يقود حلما فيحوّله واقعا قادرا على إيجاد تغيير ما وإضافة شيء إيجابي إلى محيط غارق في مشكلات اجتماعية واقتصادية وتنموية.

نقرأ في الكتاب قصة سامر محداد وفؤاد الخوري، وهما مصوران لبنانيان أقلقهما غياب أرشيف وطني مصوَّر عن وطنهما والعالم العربي بعدما وجدا أن المتوافر التُقط بعدسات أجنبية أوحت غالبا بما يختلف عن الواقع، فقرّرا إنشاء «المؤسسة العربية للصورة».

أما ريكاردوس الهبر وإدراكا منه لأهمية الطبيعة فأنشأ قبل رحيله جمعية «أصدقاء الطبيعة» التي تُعنى بنشر التوعية البيئية في صفوف المواطنين وتعمل على إعادة إحياء مواقع طبيعية كثيرة للمحافظة عليها وجعلها إرثا تتناقله الأجيال.

جمانة غندور عطا الله ورهام قسطا سرحان، قررتا مواجهة الموت الذي يهدد حياة الأطفال الرضع الذين يولدون مصابين بثقوب في قلوبهم الصغيرة. قرار أتى بعد معاناة شخصية مع هذا المرض فكان صندوق «القلب الشجاع» الذي أنشئ في 2003 ونجح في تغطية نفقات علاج أكثر من 500 طفل.

شغفٌ آخر قاد المخرج روجيه عساف لكسر الطوق الطائفي الذي يسيّج منطقة الطيونة في بيروت، بمساعدة عدد من الممثلين الشباب المحترفين والمبتدئين ولمساعدتهم على إظهار ما لديهم من طاقات وإبداعات. فأسس مركز «دوار الشمس» في نقطة كانت إلى الأمس القريب مرادفا للموت قنصا، وخط تماسّ أساسيا بين مناطق وأحياء لا تزال إلى اليوم مفروزة طائفيا. فحوّل هذا المركز ملتقى للثقافة، مسارح ومعارض ومحترفات.

مائة قصة وقصة نقرؤها في هذا الكتاب الذي يؤكد، في كل تجربة ينقلها، الإيمان بقدرة الفرد على التغيير الإيجابي والإصرار على تغيير الواقع لجعله أفضل. وهذان الأمران هما ما شددت عليهما مديرة مشروع التقرير الوطني للتنمية الدكتورة مهى يحيى. فأتى هذا الكتاب الذي ينقل ليس مجرد أخبار تفاؤلية إنما تجارب متواصلة من صميم مجتمع عانى ويعاني المشكلات والحروب والأزمات والحرمان. وتوضح يحيى أن هذا المشروع الذي يهدف إلى «إلقاء الضوء على مشاركة المواطنين الفعالة في الشأن العام للتأثير في قضايا محلية أو وطنية وتقديم حلول لمشكلات يعاني منها المجتمع، يندرج في إطار التقرير الوطني للتنمية البشرية لعام 2008 - 2009». وتشدد على أن «الشغف هو مكوّن أساسي لمفهومَي المواطنة وقوة التمثيل المدني اللذين غالبا ما يشكلان محور النقاشات حول تدني مستوى المشاركة في الديمقراطية»، لكنها توضح أن الشغف ليس وحده ما يجمع «أصحاب المبادرات» بل أيضا «تحلّيهم بالمسؤولية، مسؤولياتهم باعتبارهم مواطنين بعضهم تجاه البعض الآخر». هذه التجارب رأى فيها وزير الداخلية والبلديات زياد بارود «حكاية البلد»، وأنها «مليون قصة وقصة لناس وجماعات تتمتع بوعي أكبر من السلطة التي تحكمها». وقال خلال الاحتفال الذي أقيم لإطلاق الكتاب: «شعرت بأني واحد من الحكواتية الذين في بالهم أن يخبروا عن البلد من خلال هذا الكتاب الذي هو جزء من كتاب التاريخ الذي فشلنا في كتابته. ويصح في أصحاب المبادرات أن نقول لهم: دولة معالي المواطن ودولة سعادة المواطن دولة مائة قصة وقصة، إذا قارنّاها بالدولة التي نحاول أن نبينها، نرى أنها الأنجح».