معارض القطع الأثرية و التحف تتنافس في لندن

تضم أكبر بيضة في العالم ومنحوتات بيكاسو وساعة الملك جورج الثالث

TT

على امتداد شارع كينغز رود بمنطقة تشيلسي بوسط لندن اشتدت المنافسة بين تجار القطع الأثرية و التحف الفنية على اجتذاب الزبائن و الزوار، حيث أقيم سوقان متخصصان، يفصل بينهما بضعة أمتار. الأول "سوق تشيلسي للأنتيكات"، الذي يحتل الطابق الأول من مبنى مجلس المدينة، وحال الدخول إليه تبادر مسؤولة الاستقبال بتوضيح أن توقيت إقامة السوق مع السوق الآخر (سوق بادا للأنتيكات والأعمال الفنية) إنما هو لصالح المشتري ومتذوق الفنون. ولكنها تحاول أن تميل الكفة لصالح سوقها؛ فتضيف «لدينا هنا حدث خاص، فنحن نعرض أكبر بيضة في العالم».

وخلال التجول داخل أروقة المعرض، الذي ينقسم إلى أجنحة صغيرة تضم المفروشات الكلاسيكية والمجوهرات القديمة واللوحات وأيضا المنحوتات وقطع الزينة، يبدو أن المكان أخذ من طابع المبنى التاريخي الذي يقام فيه روحه، فالمعروضات كلها تقريبا ترجع إلى قرون مضت، ولا تكاد توجد بضائع حديثة نسبيا. وفي أحد أجنحة المجوهرات تلفت النظر بطاقة كتب عليها «مجوهرات لأعضاء حركة تحرير المرأة». وعند سؤال صاحب الجناح عن مغزى البطاقة وعن القطع المشار إليها، يبادر بالقول «إن القطع المعروضة، وهي قطع ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة والماس بالألوان الأبيض والأخضر والأحمر، من ممتلكات سيدات كن نشيطات في حركة المطالبة بحقوق المرأة خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر، وترمز الأحرف الأولى من كل لون إلى كلمة في عبارة «أعطوا المرأة حقوقها»، التي استخدمتها الحركة كشعار لها. ويروي صاحب الجناح أن المجوهرات التي تتميز بالرقي والذوق الرفيع كانت طريقة سيدات الطبقة الراقية والمنتميات إلى الحركة في التعرف على زميلاتهن في الحركة.

وفي ركن آخر من المعرض يقيم تاجر الأنتيكات وعالم الآثار جون شيبارد ركنا خاصا يضمِّنه قطعا أثرية ومجسمات، وإنْ كانت مساحة العرض الزجاجية تقدم أشهر قطع المعرض، وهي بيضة طائر الفيل، أكبر بيضة في العالم، التي حظيت باهتمام إعلامي واضح منذ الإعلان عن عرضها في المعرض. و يقول شيبارد لـ «الشرق الأوسط»: «إن البيضة التي تظهر عليها آثار تشققات، وتحمل آثار عملية ترميم، قد بيعت بالفعل بمبلغ 5000 جنيه استرليني». ويضيف «إن طائر الفيل المنقرض لم يتبق من بيضاته الضخمة سوى عدد محدود، يتنافس عليه محبو القطع الفريدة والأنتيكات».

ومن سوق تشيلسي للأنتيكات، كان لا بد من الانتقال إلى السوق المجاور«بادا للأنتيكات والقطع الفنية»، أو «المنافسة الرئيسية»، على حد تعبير مسؤولة الاستقبال، وإنْ كان الانطباع الأول لدى الدخول للسوق هو الفخامة في كل شيء.. بدءًا من البهو الذي تتوزع فيه مجلات الديكور المتخصصة، إلى المدخل الذي يحيط به رجال الأمن الذين يقومون بتفتيش الداخل إلى المعرض تفتيشا دقيقا. وقد لا يفهم البعض سر الوجود الأمن المكثف، ولكن بمجرد الدخول إلى قاعات المعرض، فإن الاستغراب يختفي، إذ إن المعرض يضم قطعا فنية ومجوهرات نادرة وثمينة قد تكون هدفا للصوص.

أجنحة المجوهرات في سوق بادا لا تعرض المجوهرات القديمة فقط، ولكنها تقدم قطعا لكبرى دور المجوهرات العالمية، أمثال «بوشرون»، و«كارتيير»، و«فان كليف أند آربلز». ومن الطبيعي ألا توضع أسعار على تلك القطع الخلابة، فالمتوقع أن تصل أسعار معظمها إلى مئات الآلاف من الجنيهات.

ومن المجوهرات إلى جناح آخر يتميز بالطرافة، فهنا يعرض تاجر الأنتيكات جيوفري بريز مجموعته من العصي والمظلات. ويصر بريز على أن معروضات جناحه لا تستخدم للتوكـؤ عليهـا، كما قد يتبادر إلى الذهن لدى رؤيتها، ولكنه يقول بابتسامة واسعة «أنا أرى أن العصي تعتبر من مكملات أناقة الرجل، فهي تحمل في اليد، أو تحت الإبط، ولكنهــا هنـاك فقط للوجـاهة والتعـبير عــن القوة أو المكانة، أو حتى الجاذبية». ويصنف بريز العصي المتراصة على الجدران بتصنيفــــات طريفة، فهناك عصى «ذات وظائف خفية»، وهي مجموعة من العصي تستخدم لأغراض مختلفة، فمنها العصا التي تحمل تجويفا صغيرا في مقبضها «هذه لوضع الأقراص الطبية»، وأخرى لها مقبض على شكل سماعة للأذن «هذه للمساعدة على السمع»، وأخرى تحمل تجويفا لوضع أعواد الثقاب فيه، وأخرى بعدسة مكبرة في مقبضها. وفي جانب آخر توجد «عصي تاريخية» يعود بعضها إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر.

ومن العصي وفلسفتها، تتناثر في أرجاء المعرض أجنحة المفروشات التي تضم قطعا أثرية، منها المكاتب والمقاعد الخشبية والأرائك وخزانات الكتب. وفي جناح هولي جونسون للمفروشات تلفت النظر خزانة للكتب ذات طابع مختلف عن الخزائن الخشبية الأخرى، فالخزانة المغلقة تحمل رسومات مطبوعة لساحات رومانية ونوافذ، وعند فتح أبواب الجزء العلوي تتحول الخزانة إلى عمل فني ثلاثي الأبعاد، وكأن أبواب تتفتح داخله تقود النظر إلى أبواب أخرى. الخزانة التي حرص راعي الجناح على مراقبتها وإبعاد الأيدي من العبث بها معروضة للبيع بسعر 85 ألف جنيه استرليني.

المعرض يقدم في أرجائه العديد من الكنوز البارزة والمخفية، فمن مجموعة من المنحوتات التي تحمل توقيع الفنان بيكاسو، إلى ساعة مكتب ترجع إلى عهد الملك جورج الثالث. ومعرض بادا يقام للعام السابع عشر، ويشارك فيه 100 تاجر من رابطة تجار الأنتيكــات البريطانية.