«تويتر».. تجسيد عصري للمثل القائل «خير الكلام ما قل ودل»

تابع أخبار أصدقائك وسياسييك ونجومك بـ140 كلمة فقط

موقع تويتر اصبح من اكثر المواقع العالمية انتشارا
TT

ثمة عادة متوارثة لدى كثير من العرب (وحتى في بعض الدول الغربية)، في سياق الأحاديث الخاصة وكلام الصالونات، حيث غالبا ما يأتيك أحدهم ليقول «أبلغتني العصفورة كذا» للدلالة على سر ما، أو حتى نميمة لا يريد القائل أن يكشف مصدرها. وإن كانت تلك «العصفورة» وهمية فذلك لا يقلل من أهميتها، فلطالما حملت إلينا أخبارا سارة أو عاجلة، ولطالما شكرناها دون أن نعرفها، لأنها كانت تطلعنا أولا بأول بأمور لم نكن لنعرفها من المصادر المعتادة. لكن من المفارقات اللافتة أن يتحول هذا المفهوم إلى ظاهرة عالمية على شبكة الانترنت، هي من الأسرع انتشارا في العالم حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، وأن تشاء الأقدار أن تحمل هذه الظاهرة اسم «تويتر»، وهي كلمة مشتقة من فعل «تويت» بالإنجليزية، كلمة تعني «زقزقة» بالعربية. ولمن لا يعرفه، يمكن تعريف موقع «تويتر» على أنه خدمة ترابط إلكتروني Social Networking (تماما مثل «فيس بوك» و«ماي سبيس») إلا أن الفارق هو أن هذا الموقع خاص بما بات يعرف بـ«التدوين المصغر»، أو الـMicro Blogging، حيث يدور كليا حول فلك سؤال واحد هو «ماذا تفعل الآن؟» (سؤال يشبه خانة «تحديث الحالة» Status Update التي يعرفها مستخدمو «فيس بوك» جيدا)، ولا يسمح لكل مستخدم أن يكتب أكثر من 140 حرفا في كل تحديث جديد يضعه ردا على هذا السؤال. وفي حين قد يعتبر كثيرون ممن يقرأون هذا عن «تويتر» أنه لا يوجد شيء مفيد يمكن أن يقال في 140 حرفا، نذكرهم بالمثل الشهير الذي يقول «خير الكلام ما قل ودل»، والآخر الذي يقول «البلاغة في الإيجاز»، وربما لم يكتسب هذان المثلان أهمية منذ أن قيلا أول مرة، كما هي أهميتهما اليوم في «عصر المعلومات»، حيث يركز الكثيرون على «المختصر المفيد»، ويتجنبون قراءة المطولات. الميزة الأخرى في خدمة «تويتر» هي سرعة التحديث الفورية، التي تستغرق أجزاء من الثانية، وسهولة ذلك حيث يمكن أن يحدث المرء حالته عبر الموقع على الإنترنت أو من خلال الهاتف الجوال، أو إرسال رسالة نصية (SMS).

ويبقى الخيار للمستخدم لتحديد أخبار من يريد أن «يتابع»؟ وكلمة «متابعة» هي ترجمة حرفية لمفهوم To Follow الذي يقدمه الموقع، والمقصود هو أنك «تشترك» في صفحة أحد الأشخاص الذين يهمونك، وبالتالي تستطيع رصد كافة التحديثات والأخبار التي يبثها. وهنا يطرح سؤال نفسه، وهو من يمكن أن نجد على «تويتر»؟، والإجابة هي ملايين الأشخاص من الرئيس الأميركي باراك أوباما، مرورا بمشاهير عالم الغناء والتمثيل مثل بريتني سبيرز، ووصولا إلى أصدقائك وأقربائك الشخصيين (تجدر الإشارة إلى أنه في حالة كثير من المشاهير، لا يقومون سوى فيما ندر بتحديث المعلومات عن أنفسهم بأنفسهم، بل يقوم بذلك مديرو أعمالهم أو مختصون في الترويج لهم).

إعلاميا، أخذ «تويتر» منحى أكثر جدية خصوصا مع «هوس» الصحافة بالأخبار الفورية، فبت تجد مؤسسات إعلامية تبث آخر أخبارها عبر هذا الموقع، من خلال صفحات رسمية لها، ونحن نتحدث هنا عن مؤسسات من وزن «سي إن إن» و«نيويورك تايمز»، ويضاف إلى ذلك «بي بي سي العربية» و«الجزيرة الإنجليزية» وغيرها. ويمكن متابعة صفحات الخدمات الإعلامية لمعرفة عناوين الأخبار العاجلة التي تحدث باستمرار. لكن بما أننا أتينا على ذكر الكثير من الحكم في هذا الموضوع، فلا بد من التذكير أنه مع «تويتر» كما هو الحال مع بقية مواقع التعارف الاجتماعي فإن «سرك» ليس «في بئر»، فبث كل هذه المعلومات الشخصية مثل أماكن الوجود، وماذا في أجندة أعمالك، أو بمن ستلتقي، قد يضعك في ورطة، خصوصا إذا كنت لا تريد لأحد ما معرفة تلك المعلومة عنك.

من جهة ثانية، قد تتسبب قدرة هذا الموقع على جعلك تتواصل مع الملايين في حالة تشبه الإدمان، ولعل أبرز عواقب ذلك ما جرى مؤخرا مع النجمة الأميركية جينيفر أنيستون، التي قررت الانفصال عن صديقها المغني جون ماير، في وقت سابق من الشهر الجاري، بسبب «ولعه» بموقع «تويتر». وذكرت مجلة «ستار» البريطانية أن أنيستون، قررت الانفصال عن ماير، بعدما علمت أنه يقضي ساعات في تحديث صفحته على الموقع الإلكتروني، في الوقت الذي يؤكد فيه لها مدى انشغاله وضيق وقته، الذي لا يسمح له بالتواصل معها، حقا إنه «عذر عقب من ذنب»!