السعودية: 50 فتاة يتحضرن للعمل كأول مهندسات كهربائيات في البلاد

يمثلن أول دفعة تتخرج بنهاية العام من قسم الهندسة الكهربائية في جامعة عفت

الطالبات يتدربن داخل قسم الهندسة الكهربائية في جامعة عفت («الشرق الأوسط»)
TT

لم تكن طريق دخول خلود العمودي إلى قسم الهندسة الكهربائية محفوفة بالورد، فقد تخلت من أجل تحقيق هذا الحلم عن دراستها في كلية الطب، وتحملت بصدر رحب انتقادات أسرتها التي ظلت حتى وقت قريب تسخر من هذا التخصص الغريب الذي اختارته.

خلود الطالبة في قسم الهندسة في جامعة عفت في منتصف العقد الثاني تروي حكاية دخولها لهذا القسم بقولها «لا أخفي عليك رفض الجميع دخولي القسم في بداية الأمر وقول البعض ساخرا كهرباء 110 أو 220، اختاري مجال يخص الفتاة أنتن لكن الجمال والموضة».

لكن بعد الصبر فرجا، وبعد الجهد نجاح، حيث تواصل خلود رواية حكايتها بقولها «وهم الآن يحسدونني على ما أوتيت من خبرة فتحت كل آفاق العمل لي وسأكمل دراستي ولدي طموح كبير للوصول إلى مراتب عليا، وأنا ابنة السعودية أحمل طموحا وآمالا ودافعا أقوى من أي فتاة عربية».

وها هي خلود تتحضر مع خمس من صويحباتها لارتداء ثوب التخرج بنهاية هذا العام، ومعها نحو 50 طالبة أخرى يتحضرن في أوقات متقاربة للتخرج من القسم نفسه.

وخلود حالة فتاة واحدة تنطبق قصتها على 49 فتاة سعودية أخرى يدرسن في القسم نفسه ويتحضرن لاقتحام سوق العمل في السعودية بمجرد تخرجهن، منهن 5 فتيات سيتخرجن بنهاية العام و45 يلحقن بهن بعد فترة قصيرة. وتتسابق أحلام وطموحات وجهود الفتيات الخمسين اللواتي يرين أنهن يحققن نصرا عظيما لبنات جنسهن في السعودية باعتبار أن هذا المجال ظل على مدار عقود حكرا على الرجال سواء الأجانب أو السعوديين في البلاد.

«الشرق الأوسط» التقت بهن في داخل القسم الذي يتلقين فيه تعليمهن وقفت بشكل حقيقي على جهد جبار يتم بهدف إخراج أول دفعة بشكل يليق بجامعة عفت التي تم تحويلها من كلية إلى جامعة بأمر ملكي مؤخرا.

على أرفف الطاولات والدواليب كانت الدمى والريبورتات تنتشر في ذلك القسم، ووسطها يقف «الصانع المنحوت» وهو دمية من صناعة شابة سعودية تدرس في القسم نفسه.

تقول مها نور التي تشترك في الهم نفسه، مع زميلتها خلود، «كنت مولعة بفك وتركيب الأشياء الكهربائية منذ الصغر، فهذا القسم كان بمثابة الحلم لي تعلمت الكثير ووجدت أن لا صعب في الحياة، وأصبحت أرى كل المخترعات واستمتع بدراستي».

ومثلما كان هناك عقبات كان للبعض عناصر دعم ساعدت في نجاح بعضهن وهو ما تتحدث عنه أماني ماهيني التي وجدت في والدها الدافع الأول لنجاحها ودخول القسم والتي كانت تشاركه فتح وربط الأجهزة الكهربائية منذ الصغر.

تقول الدكتورة عزيزة إبراهيم الأستاذة المساعدة ورئيسة قسم التصميم المعماري بجامعة عفت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا القسم يعد أول قسم للتصميم يختص بالهندسة الكهربائية للبنات في السعودية، وبدأ منذ عام 2006 بخمس طالبات ووصل العدد هذا العام إلى 50 طالبة وستتخرج أول دفعة منه بعد نهاية العام القادم كمهندسات حاملات لدرجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية».

وكان لمبادرة جامعة الملك عبد الله الدور البارز في إشعال الآمال والطموحات لدى الطالبات بمنحهن نحو 15 منحة دراسية للماجستير والدكتوراه في تلك الجامعة العالمية وهو ما تشير إليه الطالبة لجين شحيتلي إحدى الخريجات المنتظرات بقولها «هي مبادرة جيدة وتثبت مدى الوعي والاهتمام كنت أحلم بإكمال طموحي لرفع اسم بلدي وسأحقق ذلك بعد إكمال دراستي الأكاديمية كفتاه سعودية في هذا المجال».

وتعود هنا الدكتورة عزيزة إبراهيم موضحة «السوق السعودية تسيطر عليها ما نسبته 70 في المائة من المهندسين الأجانب وسط عزوف كامل من السعوديين في المجالات التطبيقية خصوصا من الشباب وهو الأمر الذي سيتيح لخريجات القسم فرصا أكبر، ولدينا العديد من الإشادات والطلبات من شركات عالمية للمتخصصات».

وترى الطالبات الخريجات أن الأمر لا يوجد به ما يدفع للاستغراب، بل يعتبرن انه أمر عادي سيدافعن عنه خاصة وسط تجاهل الشركات لهن ولتوظيفهن كمهندسات، وتقول خلود العمودي إحدى الدارسات في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن قادمات لمواجهة التهميش». وتلتقط زميلتها مها نور أطراف الحديث لتقول بتحد «نحن أدق في التعبير والصبر ونرى في أنفسنا الأكثر حنكة حتى في هندسة الكهرباء ورغم ذلك نهمش». وتضيف «تعرضنا لتهميش في منتدى المدن الذكية بمكة ومنتدى المهندسين بجدة، لم يتيحوا لنا الفرصة للتحدث وإبداء الرأي والمشورة، وعلى النقيض تماما رحب بناء خبراء الهندسة الغربيين والحضور من الدول الأوروبية وسط علامات دهشة كبيرة وإعجاب بالفتاة السعودية».

الدكتور عزيزة إبراهيم تقول «لدينا اتفاقيات تبادل الخبرات ودراسة مناهج مع جامعة دوك العالمية، وكذا جامعة براك ليس في المجال النظري فقط بل في مجال المعامل والأدوات، وهو الأمر الذي يبرز قدرات تضاهي مثيلاتها العالمية وتعد الأفضل على مستوى المنطقة».

تقول لجين شهيدي إنها وجدت نفسها بعد دخول القسم مطلبا لأهم الشركات السعودية الكبرى. لكنها ترفض ذلك الآن وتجد في الدكتوراه حلما أكبر خصوصا مع المنحة التي قدمتها جامعة الملك عبد الله لها. وتؤكد لجين رغبتها في أن تنشئ شركة خاصة بها لصناعة الأجهزة الكهربائية النادرة. في حين تؤكد حنين باويان «أن الطموح يحدوها بعد صناعة أول ريبوت إلى أن تكون مالكة لشركة في صناعة أجهزة المصانع من السعودية وترويجها للخارج».