السعودية: «ترافيان» باتت تشكل مصدر تجارة لبعض اللاعبين بها

الدكتور فايز الشهري لـ «الشرق الأوسط» : اللعبة أغرت الشباب وأنستهم ما حولهم

اللعبة كما بدت على شبكة الإنترنت («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت لعبة «ترافيان» تأخذ مسارا مختلفا عن كونها مجرد لعبة إلكترونية للتسلية فقط، وإنما باتت تشكل مصدر تجارة لبعض اللاعبين بها، الذين يقومون بعرض ما يبنونه من قرى للبيع بمبالغ تصل إلى 5000 ريال سعودي للقرية الواحدة، إضافة إلى بيع مخططات تعليمية للاعبين المبتدئين، بهدف تنمية قدراتهم على اللعب بالشكل الصحيح.

وتعتمد فكرة اللعبة على إنشاء قرى إلكترونية وهمية، وتحصينها وإدارة شؤونها بتقنيات تبدأ باستراتيجيات الإمبراطورية الرومانية المختصة للمبتدئين في travian، التي ترى الشركة الألمانية المنتجة للعبة أن سبب البدء بها هو ارتفاع التطور الاجتماعي والتقني عند الرومان.

وذكر ممدوح البلوي أحد لاعبي ترافيان أن هناك من يتخذ القرى كنوع من أنواع التجارة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أحدهم يعرض على اللاعبين تطوير قراهم وإيصالها إلى مستويات متقدمة مقابل مبالغ مالية تتجاوز 1000 ريال سعودي، إضافة إلى بطاقات شحن الذهب الوهمي، التي تبدأ قيمتها من 30 ريالا وتتعدى 100 ريال، مشيرا إلى أن اللاعب يستطيع شراء الذهب عن طريق خدمة الجوال التي تتيح له فرصة الشحن بخمسة إلى عشرة ريالات فقط.

وأضاف: «أشعر بأن لعبة ترافيان تنمي الذكاء، إلا أن الهدف منها يعتمد على فكر اللاعب نفسه، إذ قد يتخذها البعض من باب الشراسة أو المتعة أو حتى السياسة، لا سيما أنها تحتوي على مجموعة تحالفات وجيوش ومعارك»، لافتا إلى أنه كان يمتلك 10 قرى استطاع تشييدها في غضون سنة واحدة.

وبيّن أن اللاعب بإمكانه الحصول على لقب «معجزة العالم» بحسب احترافه في اللعب، والذي يحتم عليه إيصال قريته إلى المستوى 100، بعد أن يتجاوز هجوم قبائل التتار التي تفوق قوتها خمسة أضعاف قوى القرى الأخرى، كاختبار من قبل الموقع لمهارات صاحب القرية، ليتم منحه فيما بعد خريطة المعجزة التي على أساسها يستخرج مخزن الذهب الموجود في قريته، إضافة إلى أنه يتم تسجيل جميع القرى الموجودة في مستواه باسم التحالف الذي يضم صاحب اللقب.

ورغم أن ترافيان تعتبر للوهلة الأولى مجرد لعبة إلكترونية يلجأ إليها أكثر من ثلاثة ملايين لاعب من أجل التسلية فقط، فإنها في بعض الأحيان تكون سببا في نشوب الخلافات بين أفرادها على أرض الواقع، بحسب ما ذكره اللاعب ثامر الحارثي، الذي أكد على أنها تسبب حساسية بين الأصدقاء خارج نطاقها، وقال: «إنني ألعبها من باب التسلية والمغامرة كونها تحوي جيوشا وحروبا، الأمر الذي يجعلني أدفع 100 ريال لشحن رصيد الذهب لدي، لا سيما أنني أسعى إلى تحقيق لقب (معجزة العالم) الذي يتيح لي الفوز بجائزة مالية تصل إلى 10 آلاف ريال سعودي، بحسب ما سمعت من أحد الأفراد».

ويرى ثامر الذي يقضي نحو خمس ساعات على تلك اللعبة، بأنها لعبة حرب بغض النظر عن كونها تنمي الذكاء، الأمر الذي يجعله يتقبل جميع مصطلحاتها العنيفة من نهب وهجوم وقتل، من باب اللعب فقط.

ويرى خالد السعدون أن «هذه اللعبة تنمي مفهوم المؤامرة ونزعة الاحتلال والاستعمار، الأمر الذي يجعلها تطور ذكاء التخطيط من المنظور السلبي»، على حد قوله، مؤكدا على أن المجتمع ليس بحاجة إلى مثل تلك الألعاب لأنها لا تعلم الاستراتيجيات مثلما يرى الآخرون.

من جهته أكد الدكتور فايز الشهري رئيس تحرير مجلة البحوث الأمنية والباحث في الإنترنت، أن أبرز المشكلات التي بدأت في الظهور من جرّاء لعبة ترافيان هي قوة جذبها وإغرائها لشريحة كبيرة من الشباب، الذين ينسون ما حولهم من أجل تسجيل إنجازات وهمية وأرقام قياسية.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هناك الكثير من فئة الشباب والمراهقين بدأوا يستجيبون لدفع الأموال مقابل شراء الذهب الوهمي، بهدف منحهم مزايا تميزهم عن اللاعبين الآخرين وتخولهم لتحصين مشاريعهم الوهمية.

وأضاف أن الشركة المسؤولة عن اللعبة نجحت في إدارة نشاطها من خلال تسويق التذكارات التي تحمل اسمها وقراها، وبيعها عالميا، إضافة إلى تطويرها لبرمجيات جافا ليتمكن اللاعب من مواصلة لعبه عبر الهاتف الجوال، مؤكدا أن مشكلة ترافيان تجاوزت حد الإدمان لدى الشباب لتصل إلى إنشائهم مواقع ومنتديات تتابع أسرار هذه اللعبة وتنشر الخبرات والأسئلة والحلول حول مراحلها.