متحف يكشف الجانب الإنساني لوالت ديزني

يقيمه ورثته لتحسين الصورة السيئة المعروفة عنه

دايان ديزني ميلر ابنة والت ديزني خارج متحف والت ديزني في سان فرانسيسكو
TT

يستعد ورثة والت ديزني، الذين أغضبهم التصوير السلبي لشخصيته على امتداد سنوات عدة، للكشف عن رد فعلهم حيال ذلك، والذي يتمثل في متحف بتكلفة 112 مليون دولار يسلط الضوء على حياته العائلية السعيدة وإنجازاته الفنية. ومن المقرر أن يتولى ريتشارد بينيفيلد، النائب السابق لمدير شؤون المتاحف الفنية بجامعة هارفارد، إدارة متحف أسرة والت ديزني، الذي سيتم افتتاحه في أكتوبر (تشرين الأول) في سان فرانسيسكو. وأقر المتحف خطط العرض وممتلكاته، التي تتنوع بين مقتنيات شخصية (أفلام عائلية لم يكشف عنها من قبل قط) وخلايا الرسوم المتحركة لفيلم «ستيمبوت ويلي». ومن جهتها، علقت ديان ديزني ميللر خلال لقاء أجري معها بالقول: «لقد بدأ الأمر برمته من كتاب بغيض وشعوري بخيبة الأمل تجاه كيفية تناول المراسلين بمختلف أنحاء العالم له». يذكر أن ديان الوحيدة الباقية على قيد الحياة من أبناء والت ديزني، وكانت تشير في حديثها إلى كتاب «والت ديزني: أمير الظلام في هوليوود»، وهو عبارة عن ترجمة لديزني كتبها مارك إليوت وصورته كشخص متشدد.

وقالت ميللر، 75 عاماً، إنها شعرت بالصدمة إزاء كتاب آخر يدعى «والت ديزني: انتصار الخيال الأميركي»، وهو عبارة عن ترجمة كتبها نيل غابلر عام 2006، وتتضمن تصويراً سلبياً لحياة ديزني الزوجية. وعلى خلاف كتاب إليوت، والذي قوبل بالرفض من قبل بعض المؤرخين، استفاد كتاب غابلر من التعاون الكامل من جانب شركة والت ديزني وأسرته. وفي حديثها عن الشركة، أبدت ميللر عدم رضائها عن بعض جوانب إدارتها. وعلقت على ذلك بقولها: «إنهم يحاولون، لكن لم يعد هناك من كان يعرفه بالفعل». وأكدت أن الجانب الإنساني لديزني ضاع في خضم محاولات إمبراطوريته الترويج للعلامة التجارية الحاملة لاسمه بمختلف أرجاء العالم. واستطردت ميللر قائلة: «لقد قابل أبنائي أناساً لم يكن لديهم علم بأن والدي كان شخصا، وإنما كانوا يظنون أن اسمه مجرد شعار تجاري». يذكر أن ميللر لديها سبعة أبناء من زوجها، رونالد. وعليه، ظهرت فكرة إقامة المتحف. ويجري تمويل المتحف من جانب مؤسسة عائلة ديزني ومن خلال عمليات بيع السندات، ويرمي المتحف إلى إعادة تركيز الاهتمام على الشخص الحقيقي الذي يقف وراء الأسطورة من خلال عرض قصة حياته، منذ البداية المتواضعة في منطقة ريفية بولاية ميسوري، مروراً بتوليه مسؤولية قيادة سيارة إسعاف أثناء الحرب العالمية الأولى، وصولا إلى ولعه بالأفكار المثالية. وبطبيعة الحال، يهتم المتحف كذلك بالجانب العملي من حياة ديزني، حيث يعرض مواد تتعلق بصنع فيلم «سنو وايت والأقزام السبعة»، أول فيلم كارتوني طويل تنتجه هوليوود، بما في ذلك جوائز الأوسكار التي تتضمن تمثال أوسكار كاملا وسبعة تماثيل صغيرة أخرى. ومن جهته، قال ستيفن دي. لافين، رئيس معهد كاليفورنيا للفنون، الذي شارك والت ديزني، وشقيقه، روي، في إنشائه: «غالباً ما يركز عليه الأشخاص الساعون لتوجيه انتقادات دون تروٍ للثقافة الشعبية، وقد يترتب على ذلك إغفال عمق أعماله».

ومن المقرر إقامة المتحف داخل ثلاثة مبان تاريخية في بريزيديو أوف سان فرانسيسكو، والذي وقع الاختيار عليه لقربه من منزل ميللر، ولأنه سيقام بعيدا عن المقر الرئيسي للشركة في جنوب كاليفورنيا. وستنظم المعارض وفقا للترتيب الزمني وستعرض 215 شاشة عرض فيديو. وتتوفر مساحة عرض تتسع لـ120 مقعدا، ومتجر ومقهى.

ونظرا لمساحته المحدودة نسبيا، سيسمح المتحف بدخول 60 شخصا كل 15 دقيقة كحد أقصى. وهذا يسمح بحضور سنوي لـ517.000 زائر، على الرغم من أن بينيفيلد كان يهدف إلى حضور 350.000 زائر. وستكون التذاكر محددة بتوقيتات، لذا ربما لا يمكن السماح بالزيارات المفاجئة.

ونادرا ما تنجح المتاحف المقامة من أجل إضفاء بريق على سيرة الأشخاص، إلا في عقول المنظمين. وعادة ما تتجنب هذه المشروعات، التي أحيانا ما تحظى بالسخرية لتميزها بالخيلاء، أي شيء مثير للجدل أو غير مرض حتى لا تراود الجمهور الشكوك حول الجوانب الإيجابية من القصة.

وقال بينيفيلد إنه تحدث مع ميللر وابنها والت في صراحة قبل تولي المهمة. ويذكر أنه قال لها: «يجب أن تكون هناك نزاهة أكاديمية وثقافة على أعلى مستوى، وإلا لا أريد فعلا أن أشترك في الأمر».

واستطر بينيفيلد: «لقد قلت لها هناك أشياء قد لا ترغبين في سماعها عن والدك، ولكني لا أريد أن أتجاهلها. وسيكون هناك معنى مهم في توضيح الصورة كاملة. وسيفضح هذا زيف بعض هذه الخرافات الطائشة، مثل أنه تم تجميده عندما توفي. وهذا غير صحيح على الإطلاق».

(لقد أحرق جثمان ديزني، الذي توفي عام 1966 عن عمر يناهز 65 بعد معاناته من مضاعفات جراء إصابته بمرض سرطان الرئة؛ ويوجد مدفنه في مقبرة فورست لون في غليندال في كاليفورنيا).

وهكذا، سيتضمن المتحف، على سبيل المثال، عرض فيديو عن شهادة ديزني أمام لجنة الأنشطة غير الأميركية في مجلس النواب عام 1947، وسيمنح اهتماما لإضراب صانعي الرسوم المتحركة ضده عام 1941.

وكانت بداية المتحف صعبة. لم يكن ديزني يزين منزله بفنون الرسوم المتحركة، لذا تمتلك الشركة الغالبية العظمى من أعماله. وكان على ميللر أن تشتري ما تستطيع شراءه وأن تعتمد على المواد المستعارة أيضا. وترسل الشركة عشرات من المقتنيات، من بينها كاميرا نادرة متعددة الأسطح تمت صناعتها من أجل إضافة تأثير الأبعاد الثلاثية في فيلم «سنو وايت».

وما زاد من تعقيد الأمور أن شركة ديزني تمتلك اسم مؤسسها وصورته. ويقول بينيفيلد: «علينا أن ندير كل شيء عبر الشركة للتأكد من أنها سعيدة مما يحدث».

ورفض مديرو شركة ديزني التعليق. على الأرجح أنهم ذهلوا من مخاوف ميللر، نظرا للاهتمام الذي توليه الشركة لوالدها. وتنتج شركة ديزني اسطوانات دي في دي تحت اسم «كنوز والت ديزني» التي تعرض مرات ظهوره في التلفزيون وتستخدم وسائل جذب على طراز المتحف تدور حول حياته في عالم والت ديزني. وأصدرت الشركة في الفترة الأخيرة مجموعة من التماثيل التي تحمل صورته وتدير الشركة أيضا ناديا لمحبيه. ويجري إعادة بناء جزء من كاليفورنيا أندفنتشر بارك ليعكس أيام ديزني الأولى في الولاية.

وقد نجحت الشركة من خلال السيطرة على شخصياتها، سواء كانت ميكي ماوس أو والت ديزني ذاته. ولكن ربما تضع ميللر معيارا أعلى فيما يتعلق بحماية صورة والدها. ويذكر بينيفيلد أنه لدى الاستعانة به، قال ابنها والت: «أي شيء تريده والدتي، تحصل عليه».

* خدمة «نيويورك تايمز»