نساء عراقيات يرتدن مراكز التجميل

في تحد جديد لبشاعة السلاح والحرب

TT

العشرات من النساء بدأن في الدخول إلى أحد الأماكن التي أعلنت قبل فترة عن أن أجهزة للرشاقة وطرقاً للوصول إلى قمة الجمال ستكون بين أيديهن، وأن التسجيل في هذا المكان يجب أن يكون في وقت مبكر للحصول على فرصة أسرع للجمال.

الموضوع أثار استغراب الناس، وسط الأخبار والأحداث اليومية الساخنة، فحلت «الشرق الأوسط» ضيفة على هذا المكان الذي افتتح مؤخرا في إحدى مناطق بغداد. وتقول بان عدنان الحيالي إنها تعشق كل ما له صلة بالجمال والرشاقة، وقد عادت إلى العراق مؤخرا بعد أن تحسنت الأوضاع الأمنية فيه مع زوجها وأولادها الخمسة، لتقوم بافتتاح مركز يعتني برشاقة وجمال المرأة، مؤكدة أن النساء العراقيات تهافتن على مركزها بشكل ملف للنظر، على الرغم من أن الأوضاع الأمنية لا زالت ـ في نظر العديد من العائلات ـ غير مستقرة تماما.

وتشير الحيالي، وهي امرأة في منتصف الثلاثينات من العمر، إلى أنها سبق أن دخلت معاهد في ألمانيا لتعلم فن العناية بالجمال والبشرة، ثم دخلت دورات أخرى في فنون قصات الشعر أيضا. وعندما عادت إلى العراق في عام 2002 مع زوجها الذي يعمل طبيبا، وبعد دخول القوات الأجنبية إلى العراق، اختطف والدها، وهو صحب مصانع تعليب كربلاء، وتم إطلاق سراحه بعد دفع فدية قدرها 500 ألف دولار أميركي، الأمر الذي جعل عائلتها تصر على الخروج من العراق مرة أخرى، خصوصا بعد الحملات ضد الأطباء، وبعد أن تم تهديد زوجها بشكل مباشر. وخرجت بان وعائلتها إلى ألمانيا، ثم مصر، لتعود مرة أخرى بعد تحسن الأوضاع الأمنية، وكانت مصرة هذه المرة على افتتاح هذا المركز الذي تراه على النقيض تماما من بشاعة الحرب والسلاح.

تقول إن العديد من النساء يترددن عليها بشكل يومي، ويتحدثن بآخر الأخبار والنزاعات في الشارع السياسي، في نفس الوقت الذي يؤكدن عليها بالاهتمام ببشرتهن وجمالهن وبالرياضة التي يواظبن عليها ثلاث مرات في الأسبوع، وأحيانا أكثر من ذلك.

وكانت ميليشيات مسلحة قد أغلقت العديد من محال التجميل وصالونات الحلاقة الخاصة بالرجال والنساء، وتعرض العديد من أصحاب هذه المحال للتهديد والقتل إبان التوتر الطائفي بين عامي 2005 و2007، وأغلقت العديد من تلك المحال أبوابها، خوفا من القتل، ثم عادت واستقرت الأوضاع بعد أن انحسر تواجد المسلحين، خصوصا في المناطق الساخنة في بغداد والمحافظات.

وتقول الحيالي إنها شعرت بالخوف والتردد عندما عادت إلى العراق، ولكن النساء هن من شجعنا على افتتاح هذا المركز الذي انتشر أيضا في مناطق أخرى من بغداد، وبدأت النساء يترددن عليه، دون خوف.

الدكتورة صبا فوزي كانت تجلس تحت يدي صاحبة المكان، وتؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن عملها كطبيبة في المستشفى، وما تشاهده يوميا من حالات مرضية محزنة، وربما مناظر تحملها لهم بشكل دائم التفجيرات التي تحصل أحيانا في شوارع بغداد، لم تمنعها من اقتطاع جزء من وقتها للاهتمام بما تراه عنصرا مهما في شخصية المرأة، وهو الجمال والرشاقة. وتؤكد فوزي أنها تحضر أسبوعيا إلى هذا المكان للاهتمام ببشرتها وشعرها، بينما تؤكد ريام وليد، وهي طالبة في قسم الترجمة بجامعة المأمون، أنها من أشد المهتمين بالرشاقة، وأن جسدها النحيل لا يمنعها من أن تستمر في تأدية التمارين الرياضية على الأجهزة، وأنها ترى أن هذا النوع من مراكز التجميل في العراق بمثابة عودة إلى الحياة، وتحدٍّ لمن يقول لا للجمال، ويحاول أن يعمم بشاعة السلاح.