12 مليون زائر ليوتيوب ينقلون بريطانية «مجهولة» إلى مقعد «اوبرا وينفري»

قروية اسكتلندية بسيطة تتحول إلى نجمة وملكة الإنترنت في غضون ساعات

بدأت بويل الغناء في سن الـ12 ولطالما تمرنت على الغناء وفي يدها فرشاة للشعر بدلا من المايكروفون
TT

صعدت سوزان بويل إلى خشبة المسرح للمرة الأولى خلال برنامج اكتشاف المواهب البريطانية Britain"s got talent وهي ترتدي فستانا بتصميم قديم من الدانتال العاجي، ممتلئة القامة، تبدو مسنة، يلف خصرها حزام من الساتان الذهبي، شعرها غير مصفف يغزوه الشيب، التبرج لم يعرف طريقا إلى معالم وجهها، حاجبان كثيفان، وشكل لا يمت بصلة إلى الموهبة والغناء.

وقفت على المسرح وعرفت بنفسها على أنها تبلغ من العمر 47 عاما تعيش في قرية في اسكتلندا، وأنها عاطلة عن العمل وغير متزوجة ولم يقبلها أحد طيلة حياتها، سألها أعضاء لجنة التحكيم عن سبب مشاركتها بالمسابقة والمجيء إلى مسرح غلاسكو، فردت بأنها لطالما حلمت بأن تصبح مغنية، فكانت ردة فعل سايمون كاول صاحب فكرة البرنامج وصاحب فكرة برنامج «اكس فاكتور» و«أميركان أيدول»، سلبية جدا وبدا متأففا لأن بويل سوف تتسبب في تعطيل عمل اللجنة وتضيع وقتها ووقت الحضور، وكان رده كعادته لاذعا، فقال «على أي كوكب» ويعني بذلك «على أي كوكب تنوين أن تكوني مغنية». ولم تكن ردة فعل الحضور أفضل، فهزأ الموجودون من شكلها الخارجي وطريقة وقوفها على المسرح وسذاجتها في الرد على الأسئلة، ولكنها لم تأبه لأي ردة فعل قابلتها، وعندما سألها بيرس مورغان أحد أعضاء لجنة التحكيم عن مثلها الأعلى في عالم الفن وبمن تشبه صوتها ونوع فنها، كان ردها «الين بايج»، فهزئ منها وراح الحضور يضحك، إلى أن فتحت فمها وبدأت تغني، انطلقت نغمات ملائكية، صوت عذب لم يشهد مثله هذا البرنامج من قبل، صوت لا يمكن وصفه، مرت لحظات على غنائها الأخاذ، وساد السكون المسرح وبدا التعجب واضحا على وجوه أعضاء لجنة التحكيم والحضور، ووقف الجميع لها وهي تؤدي أغنية «أي دريمت أي دريم» المأخوذة من العرض المسرحي الغنائي «البؤساء» Les Miserables وتعتبر من بين أصعب أنواع الأغاني، وركزت الكاميرات على وجوه الأعضاء والحضور الذين وقعوا في فخ الشكل والهندام والأناقة التي أصبحت العنوان العريض للنجاح في عصرنا هذا، وخجل سايمون كاول من نفسه، وعندما انتهى مقطع الأغنية صفق كاول تصفيقا متواصلا تقديرا لموهبة سوزان بويل التي كانت حبيسة الشكل الخارجي الذي لم يدل على أي نوع من الموهبة.

في حين علق بيرس مورغان بأنه يعتذر شخصيا وبالنيابة عن الحضور لأنهم أثبتوا جميعا بأن مجتمعاتنا بلاستيكية، وقال لها إنها المفاجأة الأكبر التي تلقاها في تاريخ عمله وتحكيمه في برامج حية للمواهب، وأضاف «لا أحد يضحك الآن لقد كان الأمر مذهلا». في حين امتلأت عيني إحدى الأعضاء أميندا هولدن ولم تستطع التعليق بأكثر من أن غناء بويل كان رائعا ومذهلا حقا. ومنذ أن بثت الحلقة من البرنامج مساء يوم السبت الماضي، ولم تتوقف وسائل الإعلام عن ذكر اسم سوزان بويل التي توقع لها سايمون كاول أمس على إحدى القنوات التلفزيونية بأنها ستصبح نجمة كبيرة خاصة وأنها ستحل ضيفة على برنامج أوبرا وينفري، كما تنبأ بأنها إذا أصدرت ألبوما سوف تحتل المرتبة الأولى في أميركا وبريطانيا وستكون نجمة بكل ما في الكلمة من معنى ووصف موهبتها بغير المسبوقة.

ومنذ السبت جذب المقطع الذي تظهر فيه بويل وهي تغني على المسرح أكثر من 11 مليون زائر على شبكة الإنترنت وسجل موقع يوتيوب رقما قياسيا لنسبة مشاهدة المقطع وتبادله بين الأصدقاء حول العالم، مما دعا يوتيوب إلى خلق موقع خاص بها ليستوعب نسبة الزائرين العالية، وارتفعت نسبة الزائرين من مليون ونصف إلى أكثر من 5 ملايين زائر في غضون 24 ساعة فقط.

وأصبحت سوزان بويل نجمة الإنترنت الأولى وتناقلت وسائل الإعلام الأميركية الخبر، وقامت صحيفة «واشنطن بوست» بنشر صفحة كاملة عنها، وزار موقع قناة «إيه تي في» المسؤولة عن إنتاج وعرض البرنامج أكثر من نصف مليون زائر في غضون 10 ساعات، وزادت نسبة مشاهدة مقاطع من هذا البرنامج بواقع 500 في المائة عن العام الذي سبقه.

وراحت وسائل الإعلام من مختلف بقاع العالم، من أستراليا ونيوزيلندا تتصل ببويل وتطلب منها إجراء المقابلات الحية، وتم عرض غناء بويل على قناة «سي إن إن» التي خصصت برنامجا عنها، كما عرضت قناة «إن بي سي» أيضا غناء بويل مرات عديدة. وأصبح اسم بويل من أكثر الأسماء تداولا على مواقع «فيس بوك» و«تويتر» وتناقل أخبارها جميع المنتسبين على الموقعين الذين يقدر عددهم بالملايين.

ويراهن البريطانيون حاليا على فوز بويل في البرنامج الذي يخول الرابح فرصة الغناء أو عرض الموهبة مهما كانت أمام الملكة إليزابيث الثانية في حفل خاص.

وخلال مقابلة أجرتها قناة «سي بي إس» خلال برنامج أطلق عليه اسم «سوزان تغني لأميركا» غنت بويل بواسطة رابط عبر الأقمار الصناعية من منزلها في قرية بلاكبورن في اسكتلندا، وقالت إن هؤلاء الذين كانوا يهزأون ولا يحبونها أصبحوا يكنون لها المودة منذ ظهورها على التلفزيون السبت الماضي، ولمحت إلى أن الناس يهتمون بالمظهر والأناقة، وهي لا تملك أيا منهما إنما تملك صوتا جميلا وموهبة نمتها بالغناء المتواصل في البيت منذ أن كانت في سن الـ12، وقالت إنها شاركت ببرنامج المسابقات هذا إحياء لذكرى أمها التي توفيت منذ فترة قصيرة وكانت سوزان تقوم برعايتها.

وجمعت قناة «سي بي إس» بواسطة الرابط أيضا كلا من بويل وباتي لوبون التي كانت أول من غنى أغنية «حلمت حلما» في مسرحية «البؤساء» وقامت لوبون بتقييم صوت وأداء بويل، وقالت إن هذه الأغنية صعبة جدا وفيها نغمات عالية جدا لا يجرؤ على غنائها أي كان، وهنأت لوبون بويل، وعندما سأل المذيع بويل عن شعورها بعد أن حصلت على تقدير لوبون، ردت بكل بساطة «جيد».

وجواب بويل، يثبت أنها امرأة بسيطة، لا تتقن إلا الغناء وموهبتها جعلت منها نجمة في ليلة وضحاها، فعندما أنهت وصلتها الغنائية في أول ظهور لها في برنامج اكتشاف المواهب، تركت المسرح غير آبهة لرأي أعضاء لجنة التحكيم والحضور، فراح سايمون كاول يصرخ ويناديها «عودي عودي أود أن أكلمك»، وهذا دليل على أن البساطة قد تكون في مصلحة بويل وقد تكون من بين الأسباب التي جعلت الحضور والعالم يقف بجانبها ويدعمها ويجعل منها نجمة قبل أن تفوز. وقد أصبحت سوزان تقارن الآن ببول بوتس بائع الهواتف النقالة الذي أصبح مغني أوبرا بعد فوزه في البرنامج نفسه عام 2007 وتتصدر ألبوماته المبيعات في 15بلدا.