أيام الشارقة التراثية.. أصالة الماضي بروح القرن الـ 21

الإماراتيون يعودون لماضيهم في 5 أيام فقط

يجد عشاق الماضي في كل ركن من أركان المهرجان زاوية دافئة لاسترجاع لحظات خاصة فيه («الشرق الاوسط»)
TT

من خلال دورتها الخامسة، التي تختتم غدا، تعيد أيام الشارقة التراثية تقديم صورة للمجتمع الإماراتي بكافة تفاصيله، ويجري ذلك في منطقة دبا الحصن التي تم اختيارها لإقامة الفعالية من قبل إمارة الشارقة كجزء من الجهود الرامية إلى إحياء حركة السياحة في المناطق البعيدة عن مركز المدينة والتعريف الغير بطبيعتها الساحرة وأهميتها التاريخية.

وإلى جانب المسابقات، يجد عشاق الماضي في كل ركن من أركان المهرجان زاوية دافئة لاسترجاع لحظات خاصة من الزمن الماضي، ولعل بداية المهرجان كانت هي أهم تلك اللحظات، إذ انطلقت الزرفة الحربية «الترحيبة» وهي دخلة العريس «المعرس» بالأهازيج المتعارف عليها في مثل هذه المناسبة، وتتضمن عبارات تبارك للمعرس وتمجده على كرم ضيافته وشجاعته. تبعت الزفة دخول مجموعة من النساء حاملين الحطب على رؤوسهن حيث كانت أمهاتنا تجلبن الحطب من السيح لطهي الطعام عليه قبل وصول الغاز، بعد ذلك تدخل «لوحة الرواح» وهي من الأهازيج التي تتميز بها قبيلة الظهوريين والشحوح ثم تدخل مجموعة من الأمهات (السقاية) حاملين على روؤسهن «اليحلة»، حيث كانت أمهاتنا قديما تسقين الماء من الآبار المعروفة بالمياه العذبة، وتدخل بعد ذلك «المطوعة» مع حفظة القرآن يرددون «التومينه» بعدها تدخل لوحة الصيد والنهمات البحرية واللوحة الأخيرة لوحة الألعاب الشعبية. وقد تم تقسيم القرية التراثية بشكل يسهل على الزائر التعرف على كل معالمها من دون صعوبة تذكر، فمدخل القرية يقع على جهة اليمين وهو عبارة عن مبنى مصغر عن الحصن القديم لدبا الحصن أو كما يسمى بـ«بيت الحكم» بجواره السوق القديم.

وبعد المدخل يطالعك ركن البيئة البحرية، ويقع على امتداد ممر السوق القديم بالقرب من البحر، وتجرى فيه فعاليات النهمة البحرية على قارب الصيد، ويتم فيها أيضا فلق المحار، طرق الليخ، روابة الليخ، عرض للمحار والصدف، وعرض لبيع السمك. وبعد البيئة البحرية يمكن للزائر التعرف على كل ما يتعلق بطبيعة تلك المنطقة من جبال عبر ركن البيئة الجبلية، ويتضمن بيت القفل والطبخ والدكة والتنور ومزرب الغنم. هناك أيضا خيمة الضيافة وعريش المواهب، وهي من أجمل الفعاليات التي تحويها القرية، وهي تعلم الصغار، كما يصف مدير بلدية دبا الحصن لـ«الشرق الأوسط» كل ما يختص بأصول الضيافة والترحيب بالضيف واحترام الكبير.

وتم تأسيس مسرح خاص للصغار يمارسون فيه الألعاب التراثية والأهازيج الشعبية.

وقد حظيت الفعالية، ومنذ أولى أيامها، بإقبال كبير من سكان الإمارات، مواطنين ومقيمين، إضافة إلى نسبة كبيرة من السياح الذين حرصوا على زيارة القرية بعد سماعهم عن هذه الفعاليات الشيقة. ويقول محمد أحمد المطوع رئيس بلدية دبا الحصن إن التحضير للمهرجان استغرق ثلاث سنوات، ويضيف: «حرصنا على التواصل مع كبرى الفنادق والمنتجعات السياحية في المنطقة لتنظيم أفواج تزور القرية وتضطلع على أهم ما تحويه من تظاهرات ثقافية».

ويوضح المطوع أن توقيت إقامة أيام الشارقة التراثية تم الحرص على أن يأتي بتزامن مع اليوم العالمي للتراث بتاريخ الثامن عشر من أبريل (نيسان) كل عام، وتتوجه الفعالية بالدرجة الأولى إلى فئة طلاب وطالبات المدارس، وقد تم تنظيم مسابقات خاصة لهم تتضمن مسابقة في التصوير الفوتوغرافي التراثي، وأخرى لرسم لوحة تراثية معبرة، وأخرى عبارة عن مسابقة في الإبداع البرمجي الإلكتروني عن التراث. ويؤكد المطوع أن لهذه المسابقات الشيقة دورا كبيرا في تحبيب تلك الفئة العمرية في التراث ويعلق على ذلك قائلا: «يعاني الجيل الجديد للأسف من ضحالة معلوماتية في كل ما يختص بتراثه، ما يزيد وبجدية من خطورة دور المؤسسات المهتمة بالتراث في تجديده وإبرازه بروح عصرية تستهوي المتلقي وتستفز فيه روح الفضول للاطلاع عليه والتبحر فيه».