مكتبة الإسكندرية توثق للسينما التسجيلية في مصر

بدأت بفيلم يصور زيارة سعد زغلول لباريس

صورة لغلاف الكتاب
TT

ظل تاريخ السينما المصرية لفترة طويلة يعتمد على الاجتهادات الشخصية لبعض الكتاب دون اتباع منهج علمي صارم، وهو ما نتج عنه تباين واضح في تناول الوقائع التاريخية، وضياع حقائق كثيرة بين آراء الهواة، وغياب وثائق يمكن الاعتماد عليها في تحديد وقائع هامة، مثلما ظهر الخلاف في تحديد تاريخ أول عرض سينمائي في مصر. لهذه الاعتبارات أصدر مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية كتابا بعنوان «تاريخ السينما التسجيلية في مصر» للباحث ضياء مرعي، يؤرخ لبداية ظهور السينما التسجيلية في مصر وتطورها وتأثرها بالحقب السياسية والاجتماعية المختلفة التي تعاقبت على المجتمع المصري.

العمل الذي أرّخ لبداية السينما التسجيلية في مصر اعتبر أن أول الأفلام التسجيلية المصرية صور الزعيم سعد زغلول في زيارته لفرنسا، ثم تلاه فيلم روزيني «خطر البصق» عام 1923.

يقول الباحث في كتابه إن أهمية السينما التسجيلية تنبع من الحاجة إلى اكتشاف الواقع والتعرف عليه من خلال رؤية الفنان لهذا الواقع. والفيلم التسجيلي يعتمد من وجهة نظره على «التيمة» بدلا من الحبكة، ولا يهتم بأي أحداث ملفقة أو متخيلة. ويتضمن الكتاب تسعة فصول، ويعد الفصل الأول مدخلا للدراسة ويقدم فيه الباحث استعراضا لأهم التعريفات والآراء في الفيلم التسجيلي مع الإشارة إلى الاتجاهات والأساليب المختلفة لتناوله مثل الاتجاه الواقعي والرومانسي والسيمفوني وعرض أنواعه المختلفة مثل الفيلم الخيالي والفيلم الواقعي.

ويتطرق المؤلف في الفصل الثاني إلى نشأة وتطور السينما التسجيلية في مصر وكيفية ظهورها والمحاولات الأولى لعمل أفلام تسجيلية في مصر، مثل الجرائد السينمائية، ثم المشاهد السينمائية وبداية الأفلام التسجيلية ودور محمد بيومي المؤسس الحقيقي لصناعة السينما في مصر بعد عودته من النمسا ودراسته للتصوير هناك وإحضاره الآلات والمعدات وافتتاحه لاستوديو الإنتاج السينمائي بشبرا، ورغم أن أول فيلم لبيومي كان كوميديّا فإن هذه التجربة فشلت بسبب وفاة ابنه فتوقف عن مباشرة نشاطه السينمائي لفترة.

ويتناول الفصل الثالث البدايات الأولى للأفلام التسجيلية من خلال «شركة مصر للتياترو والسينما» التي أسهمت في إنشاء جريدة مصر السينمائية، والتي أسهمت بدورها في تغطية القضايا الوطنية، مما انعكس على المسار التاريخي لحركة الفيلم التسجيلي في مصر.

فيما رصد الفصل الرابع تطور الفيلم التسجيلي المصري بعد التوسع في صناعة السينما بشكل كبير وإنشاء «استوديو مصر» الذي لعب دورا كبيرا وهاما في تطور حركة السينما التسجيلية المصرية، إضافة إلى كونه أهم مركز لصناعة السينما في الشرق الأوسط. وقال المؤلف في كتابه إن صدور جريدة «الحرب في الشرق» في أثناء الحرب العالمية الثانية، أسهم في تدعيم صناعة السينما التسجيلية في مصر، فقد كان الجيش البريطاني يوفر الأفلام الخام اللازمة للاستوديو مقابل منحه التسهيلات الفنية لبعثة «جريدة الحرب» المصورة، والتي كانت تغطي الحرب في منطقة الشرق الأوسط. وبناء على هذا كان يتم تجميع مادة «الغرافيك» من ميادين القتال لتحمض وتُطبع باستوديو مصر ثم تضاف إليها المؤثرات الصوتية والتعليق والذي كان يتم بـ15 لغة مختلفة من بينها اللغة العربية، وفي واقع الأمر فقد كان ذلك النشاط الواسع للجريدة بمثابة تجربة قيمة للفنيين المصريين.

ويختتم الباحث ضياء مرعي الكتاب بالفصل التاسع الذي يعرض ملخصا للنتائج التي توصل إليها والتي توضح تاريخ السينما التسجيلية المصرية والتيارات التي تجاذبتها والمشكلات التي تعترض سبيلها مثل افتقارها إلى الدراسات والأبحاث التي تساعد في توضيح الرؤية أمام العاملين فيها.