مؤسسة «سي.إتش.إف» الأميركية تسعى لسحب 4 آلاف طفل من سوق العمل الأردنية

نسبتهم في القوة العاملة أصبحت تشكل 10%

سيتم العمل على إلحاق الأطفال العاملين من عمر 16 ـ 18 في بيئة عمل آمنه تتوفر فيها إمكانية التعلم والعمل معا والتدرب في أثناء العمل حسب احتياجات الطفل المادية («الشرق الأوسط»)
TT

أصبحت ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن تؤرق المجتمع الأردني وتأخذ مساحة غير بسيطة في سوق العمالة وتزاحم الكبار في الأعمال الحرفية والإنشائية. وإذا كان حجم العمالة الأردنية يتجاوز 300 ألف عامل أردني فإن نسبة عمالة الأطفال تصل إلى أكثر من 10 في المائة، إذ بلغ عدد الأطفال العاملين في سوق العمل 33 طفلا تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما حسب أرقام رسمية أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.

وبناء على هذه المعطيات فقد أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية حملة مكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال من خلال 40 مديرية كي تحث القيادات المحلية والوجهاء على ضرورة التوعية بمخاطر عمالة الأطفال وانعكاساتها على المجتمع.

ويقول الأمين العام للوزارة محمد الخصاونة إن الحملة امتدت إلى المساجد والجمعيات والمدارس لحث الطلبة على الأخطار التي تواجه الأطفال في سوق العمل. ويضيف أن الوزارة أخذت على عاتقها التعاون مع مؤسسات دولية وأردنية لسحب 4 آلاف طفل من السوق وإعادة تأهيلهم في المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.

وفي هذا الاتجاه وقّعت مؤسسة «CHF» الدولية الأميركية اتفاقية تعاون مع منظمة «كويست سكوب» لتنفيذ برنامج «مكافحة عمالة الأطفال عبر التعليم» في جمعية سحاب الخيرية، إضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم بين منظمة «كويست سكوب» و18 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المحلي.

وتقول لارا حسين ممثلة مؤسسة «CHF» الدولية في الأردن ومديرة البرنامج إن هدف برنامج «مكافحة عمالة الأطفال عبر التعليم» هو سحب 4000 طفل منخرطين في العمالة الاستغلالية، وحماية 4000 طفل معرضين لخطر الانخراط في عمالة الأطفال.

وتضيف أن الاتفاقية تركز على إتاحة الفرص التعليمية للأطفال العاملين في ثمانية محافظات في الأردن. ومن خلال الشراكة مع «كويست سكوب»، ستقوم مؤسسة «CHF» الدولية بتوسيع وتطوير خدمات التعليم غير النظامي المنفذ من قِبل وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع منظمة «كويست سكوب»، حيث سيوفر البرنامج عدة خيارات تعليمية للأطفال الذين تم سحبهم من العمالة الاستغلالية، منها إعادة الأطفال إلى التعليم النظامي في المدارس والتعليم غير النظامي بالإضافة إلى إلحاقهم بمراكز التدريب المهني.

وسيتم العمل على إلحاق الأطفال العاملين من عمر 16 إلى 18 في بيئة عمل آمنه تتوفر فيها إمكانية التعلم والعمل معا والتدرب في أثناء العمل حسب احتياجات الطفل المادية. كما سيتم توفير الدعم اللازم للأطفال المعرضين لخطر الانخراط في عمالة الأطفال لضمان بقائهم واستمرارهم في البرامج التعليمية.

وتشير لارا التي لها باع طويل في الخدمة في برامج الأمم المتحدة والخاصة بالأطفال إلى أن برنامج التعليم غير النظامي يستمر لمدة 24 شهرا، ويتكون من ثلاث مراحل مدة كل منها ثمانية أشهر، وعند إنهائها يحصل الطالب على شهادة تعادل شهادة الصف العاشر، والتي تؤهله للعودة إلى التعليم النظامي أو الالتحاق بمراكز التدريب المهني حسب رغبة الطالب.

وتقوم وزارة التربية والتعليم بتنفيذ البرنامج من خلال توفير المعلمين والمناهج والامتحانات ومن خلال حلقات دراسية مسائية تُعقد في مدارس الوزارة حيث تقوم منظمة «كويست سكوب» بتدريب معلمي وزارة التربية والتعليم على منهجية التعلم التشارُكي، حيث يتمّ التأكيد على دور الطالب التفاعلي في عملية التعلم من خلال توفير بيئة تعليمية تشارُكية.

وتؤكد لارا حسين أن البرنامج سيعمل في ثماني محافظات هي جرش ومادبا والبلقاء وإربد والعاصمة عمان والزرقاء والعقبة والكرك، لإعادة الأطفال إلى التعليم النظامي في حال كانت مدة تسرب الطالب من المدرسة أقل من 3 سنوات، أو أن عمر الطفل أقل من 13 سنة. وسيتم ذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي، حيث ستقوم هذه المؤسسات بالعمل مع الأطفال وأسرهم لإعدادهم للالتحاق في برنامج التعليم النظامي من خلال تأهيلهم وتهيئتهم وإلحاقهم أولا ببرنامج التعليم غير النظامي والذي يشتمل دروس محو الأمية ونشاطات رياضية وفنية وأنشطة ترفيهية وخدمات استشارية.

وحول أهمية التعليم في الأردن يقول كيرت رودس المدير الدولي لمنظمة «كويست سكوب»: «لا نريد لأطفال الأردن أن تفوتهم فرص الاستفادة من البرامج التعليمية المتاحة وفوائدها».

ويضيف: «ولعل ما يميز برنامج (مكافحة عمالة الأطفال عبر التعليم) المنهجية التشاركية المتبعة وتعدد الجهات المتعاونة في تنفيذ البرنامج والتي ستضمن لكل طفل فرصة ثانية للانسحاب من خطر العمالة الاستغلالية».

وتؤكد لارا حسين أن «أكثر ما نحتاج إليه في الأردن هو بناء قدرات المجتمعات المحلية في مكافحة عمالة الأطفال لضمان استدامة نتائج البرنامج».

ومؤسسة «كوست سكوب» للتنمية الاجتماعية في الشرق الأوسط هي منظمة غير حكومية تعمل في المجتمعات المحلية الأقل حظا في الشرق الأوسط تحت شعار «وضع الأواخر، أوائل». وتعمل المنظمة على تصميم وتنفيذ برامج مستدامة وفعالة لتوفير مسارات بهدف النماء الاجتماعي والتعليمي والوظيفي والشخصي للأفراد. ومن خلال شراكتها مع وزارة التربية والتعليم، قامت مؤسسة «كوست سكوب» على تطوير برامج تعليمية مبنية على أساس المشاركة والاحترام المتبادل بين الطلبة والمعلمين، توفر للطلبة فرصة الحصول على شهادة رسمية تمكنهم بعد ذلك من الحصول على تدريب في مراكز التدريب المهني.

وقد تم تأسيس مؤسسة «CHF» الدولية في عام 1952، وهي منظمة تنموية دولية تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية لإحداث تغيير إيجابي في حياة المجتمعات الأقل حظا والأفراد ذوي الدخل المحدود بهدف تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وتعمل المؤسسة حاليا على تنفيذ أكثر من تسعين برنامجا في 32 دولة في آسيا وإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية والكاريبي وأوروبا والقوقاز.

وتشير لارا إلى أن برنامج «مكافحة عمالة الأطفال عبر التعليم» هو مبادرة تنموية ممولة من قِبل وزارة العمل الأميركية ومنفذة من قِبل مؤسسة «CHF» الدولية بالتعاون مع مؤسسة «كوست سكوب» للتنمية الاجتماعية في الشرق الأوسط ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم والمجلس الوطني لشؤون الأسرة، لمدة 4 سنوات بميزانية قدرها 4 ملايين دولار بهدف القضاء على العمالة الاستغلالية للأطفال.

وتشير النتائج الأولية للدراسة الوطنية حول عمالة الأطفال لدائرة الإحصاءات العامة ومنظمة العمل الدولية (2007 ـ 2008) إلى أن: 33 ألفا من الأطفال العاملين في سن 5 ـ 17 عاما، 32 في المائة منهم في عمان الكبرى و67 في المائة في المحافظات الأخرى و91 في المائة منهم أردنيون، و2.9 في المائة عرب من السوريين والمصريين والعراقيين وغيرهم. وتتركز هذه العمالة في 27.2 في المائة منهم في الزراعة والصيد والتحريج و16 في المائة منهم في التصنيع و3.5 في المائة منهم في الفنادق والمطاعم و0.5 في المائة منهم في المناجم و0.5 في المائة في الكهرباء والغاز والمياه.

أما الفئات فهم 90 في المائة من الأطفال العاملين هم في سن 12 ـ 17 عاما و5.9 في المائة من العاملين هم في سن 10 ـ 11 عاما و4.1 في المائة من الأطفال العاملين هم في سن يقل عن 10 أعوام.