ركوب الدراجات في أوروبا هواية جديدة للسياسيين والمشاهير وأبناء العائلات المالكة

سرقة دراجة زعيم المعارضة البريطانية كاد يكلفه الكثير سياسيا.. بالرغم من أنها قديمة وسعرها لا يتعدى 500 دولار

بوريس جونسون أمام بلدية لندن (أ.ب)
TT

هناك الكثير من السياسيين والمشاهير ممن يستخدمون الدراجات في تنقلاتهم. ويحاول بعضهم مثل زعيم المعارضة البريطانية ورئيس بلدية لندن المنتخب المحافظ بوريس جونسون تشجيع الناس على ركوب الدراجات للمحافظة على لياقتهم وصحتهم والبيئة أيضا. صورتهم في الشوارع تعطي نموذجا جيدا عنهم وقد تزيد من شعبيتهم عند الانتخابات.

لكن هناك أيضا الكثير من الناس يستخدمون الدراجات كرياضة وهواية.

السير ريتشارد سكوت الذي ترأس التحقيق في بيع الاسلحة للعراق كان هو الآخر يتنقل على دراجته. حتى خلال قيامه بمهمة التحقيق في القرار وزعت له صور آنذاك وهو على دراجته وشوهد ملف التحقيق مربوطا بخيط على المقعد الخلفي للدراجة. هناك أيضا العديد من رجال الإعلام مثل المذيع التلفزيوني جون سنو الذي لا يستخدم أي وسيلة مواصلات في تنقله في لندن غير الدراجة، ويقال انه لم يتعلم قيادة السيارات. الدراجة وليس أي سيارة تعطي هذه الصورة الشعبية والايجابية عن من يستخدمها. أبناء العائلة المالكة في السويد والدنمارك تنشر صورهم باستمرار وهم يستقلون الدراجات ويتنقلون عليها في مدنهم. رؤساء الدول الأوروبية شوهدوا قبل عدة سنوات خلال القمة الأوروبية وهم يركبون الدراجات في محاولة منهم لتشجيع الناس على عدم الاعتماد على السيارات وبذلك التقليل من انبعاثات الغازات المضرة بالبيئة.

إلا أن لندن تبقى المكان غير المناسب جدا لركوب الدراجات بسبب ضيق شوارعها. أما أمستردام مثلا، فقد أخلت وسط المدينة من جميع السيارات ولهذا تجد استخدام الدراجات شيء طبيعي ومناسب جدا في التنقل. المناظرة التي تقام يوم الأربعاء، بين الحكومة والمعارضة في مبنى مجلس العموم البريطاني، تمثل قمة التناحر السياسي لأحداث الأسبوع بين الأحزاب البريطانية المتناحرة. المواجهة هذا الأسبوع بين الحزبين الرئيسيين، العمال الحاكم والمحافظين المعارض، اعتبرت من قبل العديد من المحللين والصحافة الأشد والأهم بينهما لسنوات عدة. إلا أن ديفيد كاميرون زعيم المعارضة المحافظ كاد يخسر هذا اللقاء ضد رئيس الوزراء غوردون براون بسبب سرقة دراجته الهوائية. اللقاء انتهى لصالح الأول بأربعة أهداف مقابل هدفين للحزب الحاكم، كما سجلت النتيجة صحيفة «ايفنينغ ستاندرد» في عمودها اليومي تحت اسم «لعبة اليوم على ارض ملعب ويستمنستر».

هذه ليست المرة الأولى التي تسرق فيها دراجة زعيم حزب المحافظين. وفي كل مرة تجده يحاول استدرار عطف السارق بإرجاعها له، ليس بسبب ثمنها، خصوصا أنها أصبحت قديمة وعمرها أكثر من سبع سنوات ولا يتعدى سعرها 300 جنيه إسترليني (500 دولار تقريبا)، ولكن بسبب تعلقه بها بعد كل هذه السنين الطويلة. ولكن في هذه المرة وفي صباح يوم الأربعاء، أول من أمس، سرقت دراجته من نوع «سكوت» من أمام بيته الكائن في «نورث كينسينغتون» في غرب لندن قبل تحضير نفسه لركوبها والتوجه الى مبنى البرلمان في منطقة ويستمنستر الكائن في جنوب غربي لندن. بالمناسبة يصر ديفيد كاميرون انه يسكن في «نورث كينسينغتون» وليس «نوتينغ هيل»، التي تعتبر أعلى درجة من الأخرى على السلم الاجتماعي، ويحاول من خلال ذلك أن يظهر على أنه أكثر التصاقا بعامة الشعب، خصوصا انه ينتمي إلى الفئات الاجتماعية الأعلى من المتوسطة في المفاهيم البريطانية الاجتماعية. طبعا كاميرون محق من الناحية الجغرافية إلا أن كثيرا من الناس ممن يسكنون في المنطقة يصرون على عكس ذلك، أي أنهم يعيشون في «نتينغ هيل» الأكثر رقيا، أو «كوول». ولأهمية اللقاء الأسبوعي استعار كاميرون دراجة مساعده ديز سوين حتى يتسنى له الوصول إلى المكان ومواجهة رئيس الوزراء الذي واجه أسبوعا سياسيا سيئا بعد أن مني بالخسائر في التصويت على قضايا طرحت أمامه وانتقاد بعض وزرائه لأدائه. وكاميرون يعرف ذلك جيدا وكان تواقا لأن يوجد في المكان ويطمح بأن يسجل ضربة قاضية لخصمه خصوصا بسبب انتخابات البرلمان الأوروبي وبعض الدوائر المحلية في انجلترا وويلز واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العامة.

أما مساعده ديز سوين فقد اختار ان يركض المسافة من بيت كاميرون إلى مبنى البرلمان. وقال أمس لصحيفة «ديلي ميل»: إن حاجته للدراجة للوصول إلى البرلمان كانت في غاية الأهمية.. «أن أتبرع له بها فهذا ما يمليه علي واجبي الحزبي»، مضيفا بشكل مازح «إن الدراجة قديمة جدا وقد تسبب له المتاعب وربما الوفاة في حالة تصادم، مما يعني أننا سنضطر إلى عقد انتخابات ثانوية لانتخاب بديل له في دائرته الانتخابية». وتمكن كاميرون من الوصول إلى المكان بسلام يصاحبه وزير خزانة الظل جورج اوزبورن. دراجة زعيم المعارضة أصبحت حديث الساعة في الصحافة الوطنية، في الجرائد ونشرات الأخبار. قبل عدة أشهر كان يشتري حاجاته من شارع «بورتيبولو رود» القريب من بيته ومن متاجر «تيسكو» عندما ربط الدراجة بجهاز مضيء يستخدم على ناصية الشارع لتبيان الفصل بين جانبي الشارع، ولهذا كان من السهل جدا على السارق رفع الدراجة وفكها دون الحاجة إلى كسر قفلها. الدقائق القليلة التي غابها كاميرون عن المكان كانت كافية لسرقة الدراجة. والتقطت الصور له من قبل المارة وهو يحاول إيجادها. وبعد أن نشرت صحف المساء خبر الدراجة ونداءات كاميرون في محاولة استدرار عطف السارق وتطمينه بأنه لن يرفع دعوى ضده عند الشرطة، أعاد السارق الدراجة، إذ تركها قريبا من المكان. وفي الأمس قال أحد أصدقائه معلقا على الموضوع لصحيفة «ايفنينغ ستاندرد»: «إنه متعلق جدا بها بعد كل هذه السنين الطويلة، خصوصا انه استعملها كوسيلة مواصلات منذ أن انتخب زعيما لحزب المحافظين».