صداقة مثيرة بين سياسي وممثل

بن أفليك وأنتوني وينر.. جمعت بينهما السياسة والفن

TT

كان من المفترض أن الأمر لن يعدو كونه تعارفا روتينيا بين أحد المشاهير وشخصية سياسية، مما يعني أنه لن يتجاوز دقيقتين من تبادل عبارات المجاملة التقليدية والتظاهر بمعرفة الشخصيات الشهيرة.

ثم فجأة ودون مقدمات، انفجر عضو الكونغرس أنتوني دي. وينر في وجه بن أفليك صائحا: «تلك فكرة بشعة. لا تفعل هذا. من أخبرك أن تفعل ذلك؟ سيعرضك ذلك للقتل».

كان ذلك عام 2004 في أثناء انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي، عندما دخل أفليك عن غير قصد منطقة ألغام، حيث أفضى إلى وينر بأنه لو راودته فكرة الترشح إلى الكونغرس فسيسعى للفوز بمقعد مايكل إي. كابوانو، من ولاية ماساتشوستس، صديق وينر ورفيق حجرته في واشنطن.

وفي تعليقه على هذا الموقف قال أفليك: «تسعة من بين كل عشرة أشخاص كانوا سيعمدون إلى الكذب بصورة لطيفة، أو الرحيل دون إخبار الشخص المشهور الجاهل أنه يعرض نفسه للقتل».

وبعيدا عن كرامته المجروحة طغى على أفليك شعور بالانبهار، لذلك عندما احتاج إلى دراسة شخصية ستيفين كولينز، عضو الكونغرس الشاب الطموح في فيلم الإثارة الجديد الذي يشارك به «ستيت أوف بلاي»، تحول باتجاه وينر. وعلى مدار العام الماضي تعددت لقاءات أفليك ووينر لتناول العشاء في واشنطن ونيويورك، في إطار استعدادات أفليك للمشاركة في الفيلم.

وقال أفليك: «هناك هالة رائعة حول السياسي الذي يعد مقاتلا بحق. وأنتوني رجل يحارب بضراوة ونزاهة».

وعليه فمن الواضح أن رابطة صداقة غير محتملة تنامت بالفعل بين الاثنين، وتعززت بناء على جذورهما المشتركة المنتمية إلى الطبقة الوسطى وتأييدهما للحزب الديمقراطي وعشقهما للحمام المطهو جيدا. يذكر أن أفليك ينتمي في الأصل إلى كامبريدج في ماساتشوستس، بينما ينتمي وينر إلى بروكلين. كما أنهما متقاربان في العمر، حيث يبلغ وينر 44 عاما، أي أكبر من أفليك بثمانية أعوام. وقد قضيا ساعات في مناقشة قضايا متنوعة ما بين التنافس بين هيلاري كلينتون وباراك أوباما والسياسات الأميركية في الشرق الأوسط.

وقال وينر متحدثا عن أفليك: «في بعض الأحيان يوقعني في فخ فيما يخص قضية تتعلق بإسرائيل». وأشار أفليك إلى أن: «أنتوني يميل قليلا باتجاه حزب الليكود، بينما أميل بعض الشيء إلى حزب العمل».

وعلاوة على ذلك اطلع أفليك، الذي تخصص في دراسة شؤون الشرق الأوسط بالجامعة، على الحياة الشخصية لوينر، خصوصا ما يتعلق بصديقته المسلمة المقربة منذ أمد بعيد، هوما أبدين. وقال أفليك: «حاولت أن أثير حساسيته حيال بعض الأمور». وفي أعقاب موافقته القيام بدور عضو الكونغرس في «ستيت أوف بلاي» العام الماضي، زار أفليك وينر في مكتبه بواشنطن لدراسة الدور. واندلعت أصوات حديث مرتفع بين الاثنين على امتداد قرابة الساعة، لدرجة أنها بلغت مسامع مساعدي وينر في الفناء السفلي. وقال وينر: «إنه موالي بشدة لأوباما، وأنا مؤيد بقوة لهيلاري. وقد خضنا في هذا الأمر». وحسبما ذكر الاثنان فإنهما لم يتناولا خلال هذا اللقاء قط شخصية أفليك في الفيلم، والتي تدور حول عضو بالكونغرس يتورط في فضيحة داخل واشنطن حول عشيقة مقتولة ومقاول وهمي متخصص بالمجال الدفاعي. وقال وينر: «لقد أمضينا الكثير من الوقت يتحدث بعضنا إلى بعض فحسب»، وأضاف: «يتعين عليّ الاعتراف بأنه بمرور الوقت تولد بداخلي احترام بالغ تجاهه، فهو يتمتع بحس سياسي جيد. وقد توقع فوز أوباما، واتضح أنه على صواب». أما أفليك فأعرب عن إعجابه البالغ بشخصية وينر وأسلوبه القتالي في التعامل مع الأمور، مما يمنحه الفرصة لإثارة إعجاب وهزيمة خصومه في ذات الوقت.

وأوضح أفليك: «يثير الانطباع بأنه شخص دائم الحركة. إن الكونغرس مكان يطغى عليه احترام السن الكبير، ويحرص من به على الالتزام بالنظام، والانتظار بصبر كي يجري اتخاذ الإجراءات المتعارف عليها، وما إلى ذلك. إلا أنه أثار دهشتي لما يتميز به من نشاط أكبر عن الكثير من الأشخاص الذين قابلتهم، مع بالغ احترامي للكونغرس». واستطرد أفليك بأنه: «دوما يخالجني شعور حيال خطته للترشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك». جدير بالذكر أن وينر لا يزال مترددا حيال خطته للمشاركة في التنافس على منصب عمدة المدينة، فبعد تعهده بالترشح أخبر أنصاره أنه سيتخذ قراره النهائي في آخر مايو (أيار)، الأمر الذي يعزوه البعض إلى قرار العمدة مايكل آر. بلومبرغ المفاجئ بالمشاركة في السباق الخريف الماضي، بعد إعادة صياغة القانون الذي يحد من فترات تولي هذا المنصب.

ومن جهته أكد أفليك أنه لا يناصر جانبا بعينه في هذا السباق، وقال: «أعلم العمدة بلومبرغ جيدا، لكن ذلك لا يعني أنه الشخص الوحيد الذي ينبغي أن يتقلد المنصب».

وفي سؤاله له حول وجهة نظره إزاء إلغاء بلومبرغ للحد الأقصى المحدد بفترتين لتولي منصب العمدة، التزم أفليك الحذر وأجاب: «عليك أن توجه إلي سؤالا آخر». أما وينر فأكد أنه لا يزال يعتقد أن أفليك ليست لديه القدرة على هزيمة صديقه والحصول على مقعده بالكونغرس، ومع ذلك أعرب عن اعتقاده بأن أفليك قد يبني مستقبلا له داخل صفوف الحكومة. وقال: «ليس هناك الكثير من ممثلي هوليوود يمكن أن أصفهم بهذا الأمر، لكن بن شخصية سياسية جيدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»