أمسية شعرية في البيت الأبيض تمزج الكلمات بالموسيقى

البعض قال بأنها الأولى من نوعها في تاريخ المقر الرئاسي

عازفة الباص إسبيرانزا سبالدينغ تعزف خلال الحفل الذي أقيم في البيت الأبيض أول من أمس (أ.ب)
TT

ربما تكون هذه أول مرة على الإطلاق يحتفل فيها البيت الأبيض ويمتلئ صخبا، حيث ازدحم شعراء ومؤلفون وممثلون وموسيقيون في القاعة الشرقية المزخرفة يعزفون موسيقى الجاز ويلقون أشعارا رائعة، يخلطون بعضا من الرقص مع بعض الأبيات الشعرية. وفي وسط كل ذلك، كان الرئيس والسيدة الأولى يشاهدان ويصفقان.

وافتتح أوباما الأمسية بقوله: «نحن هنا اليوم لنحتفل بقوة الكلمات. (فهي) تساعدنا على تقدير الجمال وأيضا استيعاب الألم. إنها تلهمنا للعمل» وقدم السيدة الأولى على أنها شاعرته.

وقالت ميشيل أوباما للحضور إن تلك المناسبة وسيلة لفتح البيت الأبيض ودعوة أصوات مختلفة إليه. وقالت: «كنت أريد أن أفعل ذلك منذ اليوم الأول؛ إنها فكرة الوقوف في هذه القاعة والاستماع إلى بعض الأشعار».

وقد أطلق البعض على هذه المناسبة أول حفلة للشعر في البيت الأبيض في التاريخ. ومن الناحية المتخصصة، لم تكن هناك «مسابقة شعرية» بين الشعراء، وهي نوع من المسابقات التي بدأت في الثمانينات في منزل أوباما في شيكاغو. وفي المسابقة يقف شاعر ضد آخر أمام جمهور يقدم لهم حكما فوريا ولا يكون مناصرا دائما. وبالطبع لا يتناسب ذلك مع تقاليد اللياقة في البيت الأبيض.

ولكن أظهرت مناسبة إلقاء الشعر على وجه التحديد ما يفعله أفضل المتسابقين في المسابقة الشعرية: أن يضفوا إحساسا بالحياة على القصيدة وهم يلقونها في إيقاع وكأنها تغنى، مما يسمح للمتحدث بالوصول بالكلمات إلى أعمق وديان المشاعر ثم الصعود إلى أرقى مرتفعات الألفاظ.

وفي قاعة يسودها الصمت قدم الممثل الشهير جيمس إيرل جونز، بصوت يمكنه أن يجعل قراءة دليل الهاتف وكأنها قراءة لأحد أعمال شكسبير، مقطعا من مأساة عطيل، فاعتلى منصة القراءة ورفع ذراعيه، وصوب نظره نحو الجمهور وهو يستحضر شخصية عطيل البربري من البندقية وعذابه. وجلس أوباما على منضدة في المنتصف إلى جوار حماته ماريان روبنسون بينما جلس المخرج سبايك لي يشاهد من على منضدة في المقدمة.

وافتتح عازفا موسيقى الجاز، عازفة الباص إسبيرانزا سبالدينغ وعازف البيانو إيريك لويس، العرض بقطعة موسيقية من تأليف لويس تحمل اسم «رسائل الحب». وقد ملآ القاعة بلحن لطيف، وكانا يعزفان وكأن البيت الأبيض أصبح مكانا لحفلات موسيقى البلوز. وبعد ذلك، عزفت سبالدينغ مقطوعة بعنوان «أخبره».

وتميز الحفل بحضور نجوم صاعدة في المسرح والجاز وإلقاء الشعر بالإضافة إلى ممثلين وكتاب راسخين. وقد وقف الروائي الحائز جائزة بوليتزر مايكل شابون على المنصة هو وزوجته كاتبة سلسلة مقالات «أم سيئة» آياليت ألدمان وتحدثا عن قوة تأثير الكلمات.

وعزف لين مانويل ميراندا، مؤلف المسرحية الموسيقية «إن ذا هايتس» المستوحاة من موسيقى الصلصا والهيب هوب والحائزة على جائزة توني. وألقت بطلة المسابقة الشعرية مايدا ديل فال، المولودة في الجانب الجنوبي من شيكاغو، سردا شخصيا على إيقاع موسيقى الهيب هوب.

وألقى جاميكا هيولميليكالاني أوسوريو، الشاعر الشاب القادم من هاواي، القصيدة العاطفية: «ماذا يحدث للمنسيين؟» واعتلى المنصة بعده جوشوا براندون بينيت، الذي ظهر في حلقات إتش بي أو «أصوات جديدة شجاعة» وألقى قصيدة غنائية لشقيقته الكبرى، الصماء، وقال فيها: «تامارا لم تستمع مطلقا إلى الهيب هوب/ ولم ترقص مطلقا على إيقاع سقوط المطر».

وكان كل من سبالدينغ ولويس يقدمان ما سمياه فاصلا موسيقيا بين فقرات الأداء الشعري.

وكانت أول مرة تتم فيها دعوة سبالدينغ إلى البيت الأبيض في شهر فبراير (شباط) عن طريق المغني ستيفي ووندر عندما حصل على جائزة غيرشوين عن مجمل أعماله من مكتبة الكونغرس. وقالت إسبيرانزا في حوار معها قبل الحفل: «عندما كانوا يعدون لهذا الحفل الشعري، أدركوا أنهم يريدون بعض الأشخاص الذين يمثلون الموسيقى. واتصلوا بي وقالوا: هل يمكنك أن تأتي؟ فقلت: دون أن تكملوا حديثكم. نعم!».

وقال مصدر في صناعة الموسيقى إن ديزيريه روجرز، المسؤولة الاجتماعية في البيت الأبيض، من أشد المعجبين بلويس. ورأت روجرز لويس وهو يعزف في نادي (HR-57) للجاز والبلوز في شارع 14 في الشمال الغربي. وقد رأت روجرز لويس من جديد في نيويورك في شهر فبراير (شباط) في عرض أزياء دونا كاران، حيث قدم لويس عزفا حيا على منصة عرض الأزياء. (ويمكن أن يعتبر لويس أيضا أوبرا وينفري من بين مشجعيه).

وقد تلقى لويس ثناء من النقاد على ارتجاله في موسيقى الجاز، وهو ما يسميه «جاز الروك». ولكنه أيضا تعرض لنقد عنيف من بعض المعسكرات. ولكنه قال إن حصوله على دعوة للعزف في البيت الأبيض تمثل تأييدا لموسيقاه.

وقال لويس في حوار معه قبل الحفل: «لقد قابلت للتو السيدة الأولى وأعطيتها حقيبة يد حمراء. وقد أعجبتها. وقالت إنها شاهدت بعض لقطات الفيديو لحفل عزفت فيه وقمت وقتها بالعزف على أوتار البيانو من الداخل وطلبت مني أن أقوم بذلك في هذا الحفل. كان من اللطيف الحصول على تأييدها، لقد طلبت مني أن أملأ البيت بالموسيقى وأن أقدم عملا مميزا على البيانو».

وقال لويس الذي عزف مقطوعة «السيد برايتسايد»: «لا يمكنني أن أقول مدى خصوصية أن تطلب مني ميشيل أوباما أن أعزف من داخل البيانو. فقد كانت متفتحة لتطلب مني هذا الأمر، وهذا يظهر لي أن بعض الناس يستوعبون موسيقاي وبعضهم لا». «وحدث أن من بين الذين استوعبوا موسيقاي السيدة الأولى».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»