دبي: مائدة لتناول العشاء بين السماء والأرض

تحلق على ارتفاع 50 مترا وتتسع لـ22 شخصا

عشاء فاخر في السماء وعلى ارتفاع 50 مترا («الشرق الأوسط»)
TT

قد يتفق كثيرون على أن نوعا من الملل يتخلل وجبات الغداء والعشاء الروتينية. تلافيا لذلك يلجأ البعض إلى سماع الموسيقى أثناء تناول الطعام، فيما يلجأ البعض الآخر إلى تجاذب أطراف الحديث، كما يفضل آخرون تناول الطعام في مكان عام أكثر حيوية.. ولكن ما رأيك بأن تجمع بين كل ذلك، ولكن على مائدة تطير في الهواء على ارتفاع 50 مترا، ستحصل على ذلك في أحد أكبر الفنادق والمنتجعات السياحية في إمارة دبي، الذي أعلن عن استضافته لأول مرة مطعم معلق في الهواء على المستوى العالمي. حيث يقدم الممشى في «جميرا بيتش ريزيدنس» المطل على البحر «عشاء في السماء»، على ارتفاع 50 مترا، جلوسا على مقاعد تم تصميمها خصيصا حول مائدة أنيقة تتسع لـ22 شخصا يتحلقون حول مائدة لا تختلف كثيرا عن موائد المطاعم الفاخر، عدا أنها تستطيع التحليق عاليا وبشيء شبيه تماما بأحزمة القفز المظلي يتم تحزيم الضيوف بأحزمة أمان مزدوجة استعدادا لبدء رحلتهم إلى السماء لتناول العشاء وشم الهواء.

الجميع يستعد إذا للإقلاع، والأجواء لا تختلف كثيرا عن الاستعداد لرحلة طيران جوية «أعدك بأنك لن تشعر بالخوف عندما تستقر الطاولة في الأعلى حتى لو كنت ممن يكرهون الأماكن المرتفعة.. ولكنك قد تشعر قليلا بالخوف عند الصعود والهبوط» هذا ما قاله لي المشرف على هذه المائدة.

وفيما يبدو شاب سعودي على الرغم من توتره مصرا على خوض هذا العشاء، سألته هل أنت مستعد لخوض التجربة قال لي ضاحكا «ادعُ لي أن لا يكون عشاء الوداع»، «ماذا ستأكل في الأعلى؟»، «أرجو أن لا أكتفي بشرب الماء». بعد الأخذ بكل عوامل الأمان، يبدو أن كل شيء جاهز الآن لتبدأ الطاولة بالارتفاع بواسطة رافعة تزن 100 طن لتستقر على ارتفاع 150 قدما مربوطة بحبل يحافظ على عدم تأرجحها وحالما يستقر الضيوف في الجو، تصبح المائدة حرة الحركة 180 درجة، بينما يطلق الضيوف أقدامهم في الهواء بحرية. ولاستكمال هذه التجربة الفريدة، سيكون الطهاة والمتخصصون بالخدمة موجودين لتقديم مجموعة فاخرة من ألذ أطباق الطعام للزوار، التي تتراوح بين قهوة الصباح، إلى وجبات مكونة من ثلاثة أطباق رئيسية، فيما توفر المنصة التي تتسع لـ22 مقعدا أيضا أطعمة بحرية فاخرة.

لكنك عزيزي إذا فكرت في خوض هذه التجربة، فكن مستعدا لأن تقطع عشاءك في السماء إذا اضطر أحدهم لدخول الحمام لأنه ـ وبالتأكيد ـ لا حمام على هذا الارتفاع، فلا سبيل إلا الهبوط لدقائق حيث يتصل موظف الأمان في الأعلى مع موظف في الأسفل ويطلب منه عبر أجهزة اللاسلكي الهبوط في حالات أخرى أيضا قد يصاب أحد الضيوف بالدوار الذي يعد سببا رئيسيا أيضا لهبوط اضطراري، هو ليس دوار البحر على الرغم من أن المائدة تمنحك الاستمتاع بصوت أمواج البحر الذي يبعد أمتارا معدودة عن هذا العشاء، أما دوران المائدة 180 درجة فيتيح الفرصة لمشاهدة مشاهد رائعة لدبي في اتجاهاتها الأربعة، لأن الموقع الذي اختير لهذه المائدة وفقا للمنظمين يجعلها مكشوفة لا يحجب الرؤية عنها أي برج من الأبراج الكثيرة في المنطقة.

ويقول هالوك يالينكاي، وهو شريك في هذا المشروع، إن حجوزات الطاولة ممتلئة حتى نهاية الأسبوع، ولا يعتبر أن قيمة ألف درهم إماراتي (266 دولار أمريكي) هي مبلغ كبير إذا ما قورن بحجم المتعة التي يمكن تحقيقها في الأعلى، حيث يفتح هذا المطعم الطائر أبوابه لوجبتين؛ الأولى من الثالثة ظهرا إلى الساعة الثامنة، وهي عبارة عن أطعمة خفيفة واسترخاء لمدة ساعة واحدة وبقيمة 250 درهم، في حين يكون المطعم جاهزا لاستقبال زواره من الثامنة إلى العاشرة لتناول العشاء السماوي.

هذه الطاولة هي ليست الأولى في العالم هنا في دبي وفقا ليالينكاي «لأننا قمنا بتجريبها في عدة دول حول العالم»، ويتابع أن «للمنطقة خصوصية، تتمثل في أنها تصبح حارة جدا في الصيف، لذلك نفكر في أن نضيف المكيفات إلى هذه المائدة ليصبح الأمر أكثر متعة في الصيف».

بعد ساعة استغرقها العشاء على ارتفاع خمسين مترا هبطت الطاولة بسلام مع صمت يخيم على الجالسين قاطعه تصفيقهم عند ملامسة أقدامهم للأرض، وبالتأكيد كان الانطباع الأفضل سيأتي من محمود ـ الشاب السعودي ذاته ـ عدت إليه، تنفس الصعداء، وأكثر ما قاله إن التجربة كانت مرعبة أحيانا عندما «كنت أتذكر أني أجلس على كرسي في الهواء، لكنها تجربة مثيرة، ولم أكتفِ بشرب الماء». لكن هذا الخوف لم يبد على آخرين قالوا إن الجلوس في الأعلى يمنح المتحلقين حول المائدة إثارة ومتعة ويدفعهم إلى تناول الطعام بشهية.

أكثر ما لفتني ما قالته شابة أوروبية بأنها قد تكون هي المرة الوحيدة التي لن تنسى فيها ما الذي تناولته على العشاء لأنه بالفعل عشاء لن ينسى.