حلمي التوني ضيف بيروت عبر أعماله

أرشيف مرحلة إقامته في لبنان يعرض في الجامعة الأميركية

عملان لحلمي التوني في المعرض («الشرق الاوسط»)
TT

حل الرسام والمصمم الغرافيكي المصري حلمي التوني ضيفا من خلال أعماله في إحدى قاعات قسم الهندسة المعمارية والتصميم في الجامعة الأميركية في بيروت. كان يفترض أن يشهد التوني بنفسه على معرض أعماله التي اختصرت عقدا من حياته المهنية في لبنان وان يدير ورشة عمل مع الطلاب عن الفن الغرافيكي، لكن وعكة صحية طارئة حالت دون قيامه بذلك. هذا الأمر لم يمنع الأستاذة في قسم التصميم الفني في الجامعة زينة معاصيري وطلابها من المضي قدما في المشروع الذي حمل عنوان «حلمي التوني، سنوات بيروت 1973 ـ 1983». جمع المعرض أهم الملصقات وأغلفة الكتب التي تركت بصمة فنية وثقافية في ذلك الزمن مسلطا الضوء على أهم انجازاته التي لم تؤرشف، ولا سيما في تصميم الكتب والملصقات التي صممها لعدد من المؤسسات اللبنانية، وتتمحور كلها حول اهتمامات ثقافية وسياسية ووطنية إضافة إلى تلك الخاصة بالأطفال وقضايا التوعية العامة، وكلها من المجموعات الخاصة لزينة معاصيري وعبودي أبو جودة، وهي عبارة عن نماذج نادرة من أعمال لم يعد التوني نفسه يملكها بعدما ضاعت تحت ركام بيته في منطقة الروشة في بيروت بعد استهداف القصف الإسرائيلي له. وقد سبق للتوني أن وصف تجربته اللبنانية بقوله «استفدت من انفتاح لبنان على الغرب، وكانت الطباعة متقدمة والإمكانات متوافرة مقارنة بمصر ذات الإمكانات المحدودة». وكان قد أخذ على عاتقه خلال إقامته في لبنان مهمة تصميم الملصقات الخاصة بالمقاومة الفلسطينية وكذلك صمم شعار جريدة «السفير» التي عايش انطلاقتها. وكان التوني قد بدأ عمله في أواخر الخمسينات في مجلة «سمير» للأطفال في القاهرة، وقد حقق خلال خمسة عقود انجازات بارزة ساهمت في تطوير الكتاب العربي على صعيد التصميم والرسم. ثم انتقل إلى لبنان لأسباب سياسية وأقام بين عامي 1973 و1983 في بيروت حيث عمل مخرجا فنيا في «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» ومؤسسات ثقافية مهمة منها «النادي الثقافي العربي» الذي منحه الجائزة الأولى لأفضل تصميم غلاف لثلاث سنوات على التوالي، وكان أول فنان عربي يحصل على جائزة دولية في «معرض لايبزغ للكتاب» في ألمانيا، كذلك حاز جائزة «اليونيسف للعام الدولي للطفل» عام 1979، وهي ضمن محتويات معرض الجامعة الأميركية. وبعد عودته إلى مصر عمل التوني لـ«دار الشروق للنشر» وأنتج أجمل الرسوم وأغلفة كتب الأطفال التي خولته الحصول على جوائز عدة. ويشغل اليوم منصب رئيس تحرير فني لمجلة «وجهات نظر» وهي شهرية تهتم بقضايا السياسة والثقافة والفكر.

تقول زينة معاصيري: «إن اختيار أعمال التوني محورا لمعرض طلاب التصميم الغرافيكي كان هدفه إيجاد همزة وصل بين الجيل القديم والجيل الجديد، لا سيما ما يمثله هذا الفنان من صورة مميزة في مجال التصميم الذي نجح في أن يشكل في هذا العالم هوية خاصة به جعلته يتميز عن غيره من خلال تصوير المجتمع الشرقي والموروثات الشعبية في التاريخ العربي الإسلامي في محاولة لتحديث الرموز الشعبية». وتعتبر أن التصميم لا يختلف بين العصر القديم أو الحديث الذي تغزوه التكنولوجيا، لأن ركيزة هذه الفن تبقى دائما الأفكار التي تنفذ بصريا بشكل مميز. وتضيف «أهم ما انفرد به التوني هو بحثه عن الهوية الخاصة المستقاة من البيئة والمجتمع مع ما يحتويانه من طقوس ورموز شعبية مستوحاة من التاريخ ومصورة بطريقة فنية». وتوافقها الرأي إحدى الطالبات المشاركات في تنظيم المعرض رنا القطب وتقول: «الفكرة هي الأساس في التصميم الذي لا نزال نعتمد لتنفيذه على الرسم اليدوي، أما عمل الكومبيوتر فيأتي في المرحلة الثانية. لذا فإن أهمية الاستفادة من أعمال فنان عربي مثل التوني تكمن في تعرفنا على الأعمال التي تشبهنا وتشبه مجتمعاتنا على عكس الفنانين الأجانب الذين يقدمون تصاميم بعيدة عن طبيعة حياتنا وتاريخنا، الأمر الذي يعلمنا كيف يفترض بنا مقاربة واقعنا وتجسيده من خلال تصاميمنا».