متسلق مصري يقترب من تحقيق حلمه بارتقاء أعلى 7 قمم جبال في العالم

عمر سمرة يروي لـ «الشرق الأوسط» رحلته لـ«كارستينز بيرامد» بإندونيسيا

المتسلق المصري مع أطفال القبائل قرب جبل كارستينز بيرامد («الشرق الأوسط»)
TT

خلال مشواره لتحقيق حلمه في تسلق أعلى قمم الجبال في القارات السبع بنهاية العام المقبل، تمكن المتسلق المصري عمر سمرة، أخيرا، من الوصول إلى أعلى نقطة في القارة المعروفة جغرافيا باسم «أسترالاسيا»، التي تضم كلا من أستراليا (بما فيها جزيرة تسمانيا) ونيوزيلندا والأرخبيل الواقع شمالي أستراليا ولا سيما جزيرة غينيا الجديدة التي تضم جزءا من اندونيسيا وبابوا نيوغيني. وبعدما رفع سمرة علم مصر فوق أعلى قمة بجبل كارستينز بيرامد بإندونيسيا، على ارتفاع 4884 مترا، يكون قد أكمل تسلق أربع قمم أكثر الجبال ارتفاعا في آسيا وأفريقيا، كان على رأسها قمة جبل إفرست (أعلى قمم آسيا والعالم) التي تسلقها عام 2007، ولم يتبق أمامه غير ثلاث قمم في القارة المتجمدة الجنوبية، وألاسكا (جبل ماكينلي، أعلى قمة في أميركا الشمالية) والأرجنتين (أكونكاغوا، أعلى قمة في أميركا الجنوبية)، ليحقق حلمه الذي بدأ يعد له منذ صباه، في تسلق أعلى سبع قمم جبلية في العالم. يقع جبل «كارستينز بيرامد»، في بابوا الغربية، النائية التي تقطنها قبائل اندونيسية بدائية. وكان عمر سمرة قد بدأ رحلته لتسلق هذا الجبل انطلاقا من منطقة سوجابا، وهي قرية بعيدة عن أي مظهر من مظاهر العمران، ولا يزيد عدد السكان فيها على عدة مئات. ومن هناك انضم إلى سمرة فريق آخر من المتسلقين من عدة دول بينها أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان. ومن تلك النقطة بدأ التحرك نحو قمة الجبل، برفقة أربعة مرشدين (أدلاء) ومساعدين من القبائل التي تسكن بالقرب من الجبل.

وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط» في القاهرة قال عمر سمرة إن جبل كارستينز بيرامد بالنسبة له يعتبر الأكثر تحديا بين القمم السبع من الناحية التقنية، بسبب وعورة الأرض وطبيعتها الصخرية. وأضاف: «أستطيع أن أقول إن رحلتي هذه فريدة من نوعها، وتختلف عن الرحلات التي قمت بها في السنوات الثلاث الماضية لتسلق العديد من الجبال بما فيها قمة إفرست وقمم أخرى في أوروبا وأميركا الجنوبية وشمال ووسط أفريقيا..». وتابع إن السبب الذي جعل رحلته متميزة عن سابقاتها.. «يرجع لوجود العديد من القبائل التي تعيش بالقرب من جبل كارستينز بيرامد، وتبدو عليها مظاهر حياة الإنسان الأولى وما فيها من بساطة وخلو بال. ومن الأيام القليلة التي أمضيتها مع عدد من أبناء تلك القبائل، وجدت فرصة للتعرف على عاداتها وتقاليدها الغريبة عن قرب». ومن الطقوس الغريبة التي تعرف بها عمر سمرة ورفاقه أن على من يريد أن يصعد إلى جبل كارستينز بيرامد، الحصول على إذن من زعيم القبيلة أولا.. وقال: «أنا أتذكر قبل أن نبدأ رحلتنا في الأدغال نحو الجبل، كان علينا في البداية أن نلتقي مع رئيس القبيلة للحصول على مباركته وإذنه». وتطلب الأمر من سمرة وزملائه المشي على الأقدام لستة أيام متواصلة، لا يستريحون خلالها إلا بضع سويعات، قبل معاودة المشي وسط الغابات الكثيفة وعلى الجسور الزلقة.. والسير فوق أراض مشبعة بمياه الأمطار والطين.. «كانت أقدامنا تغرس في الطين، وكان البعوض يلدغ أيدينا ووجوهنا، وكانت الأنهار التي مررنا بها عميقة، وباردة. لا أعرف كيف تمكنا من النجاة من كل هذا.. للوصول إلى جبل كارستينز بيرامد». ويتابع سمرة: «في أغلب الأحيان كانت البرك الطينية هي مصدرنا الوحيد للمياه.. كنا نغلي المياه الموحلة لتصبح صالحة للشرب. بينما كان الأرز الأبيض هو الوجبة الرئيسية لنا، للغداء والعشاء طوال الرحلة». وأضاف سمرة، المولود لأسرة مصرية في لندن عام 1978، إنه بعدما وصل إلى قمة الجبل ورفع علم مصر فوقه، شعر أنه يقترب من حلمه في إكمال تسلق آخر ثلاث قمم شاهقة الارتفاع في العالم، بعد ما تسلق بالفعل أربعا منها. لكنه يواجه اليوم مشكلة تتعلق بالبحث عن رعاة لإنهاء مشروعه، بعدما تولى رعاية رحلاته الأربع السابقة رجال أعمال وبنوك بالقاهرة. وقال وهو ينظر أمامه بأمل جديد: «لكن لكل مشكلة حل، كما تعودت من خبرتي في تسلق الجبال». وعن السبب في سعيه وراء هذه المغامرات الخطرة، وتكريس سني عمره منذ الصغر للتدرب والتمرن لتسلق الجبال واحدا تلو الآخر، قال سمرة «كنت أحلم منذ الصغر، ومن خلال التحدي، أن أثبت للعالم، كعربي، أن العرب يمتلكون العزيمة والقدرة على اجتياز الصعاب. كما أنني أستخدم خبرتي لتحفيز الشبان العرب لتحقيق أحلامهم، مهما كانت الظروف. أريد أن يتعلم أصدقائي في مصر وفي لبنان والمغرب وغيرها من الدول العربية أنه بالصبر والعزيمة والتدريب والتخطيط، يمكننا الوصول إلى الأهداف التي نحلم بها».