عدسة رالف توتن تروي في بيروت نجاحات في التغلب على الصدفية

معرض يروي محاربة مرض جلدي يصيب 3 % من البشر وغالبا ما يتسبب باكتئاب وانعزال

مرضى تمكنوا من التعايش مع الصدفية («الشرق الأوسط»)
TT

لولا الكراسات والبطاقات التي كانت توزع في المكان، لكان من شبه المستحيل التكهن أن أصحاب تلك الابتسامات في الصور الفوتوغرافية التي احتضنتها جدران معرض «الحقيقة المجردة» في مركز بيال للمعارض في وسط بيروت، يعانون داء الصدفية (Psoriasis) الذي يحدث تشوهات في البشرة بفعل ظهور القشور والبقع الحمراء. وهذا ما يتسبب غالبا في أعراض نفسية، تبدأ من الاكتئاب وتصل إلى الانعزال والنظر إلى الحياة بسوداوية تامة.

نحو 19 شخصا مصابين بهذا المرض الجلدي، اختارهم المصور العالمي رالف توتن من 14 دولة موزعة على ثلاث قارات، ليلتقط لهم صورا بعدسته التي تتقن فن التأطير من دون أن تبتعد عن البساطة. الهدف، كان إظهار إمكان المصابين بهذا المرض الجلدي المزمن، التغلب على الصعاب الحياتية والتعايش مع الأعراض التي تنتج عنه بشكل طبيعي. يروي توتن عن تجربته أنه «توجب علي، كمصور، أن أُبرز جمال المصابين الداخلي وأن أتجاوز مسألة إصابة البشرة. من هذا المنطلق، فضلا عن إيماني بالقيمة الإنسانية للمشروع، صورت مجموعة من الأشخاص ممن أمضوا قسطا كبيرا من حياتهم وهم يغطون أنفسهم لئلا يراهم الناس. تبرز مجموعة الصور إنجازات هذه المجموعة وعزمها على مواجهة الحالة المرضية».

ويقول المسؤول الإعلامي لدى شركة «وايث» للأدوية التي أطلقت هذا المشروع، إسماعيل الغصين لـ«الشرق الأوسط» إنه «وقع اختيار الشركة على توتن ليتولى هذه المهمة، لأن عدسته متخصصة في تصوير الوجوه بأسلوب يعكس مشاعر أصحابها من دون أن يشوب مقاربته هذه أي تطفل أو فضول». وأشار إلى أن توتن اختار جزر الكناري الاسبانية مسرحا لجولات التصوير التي تمت في يناير (كانون الثاني) الفائت، ذلك انه رأى فيها مكانا ممتازا وطبيعة خلابة وبيئة مريحة جدا بالنسبة إلى أفراد موضوعه، ما ساعدهم على إظهار بشرتهم المصابة بتلك البقع الحمراء، من دون خجل أو تردد. وهذا ما ساعد على إظهار تجاربهم الناجحة في التعايش مع المرض ومتابعة حياتهم بشكل طبيعي، حتى إن إحدى المريضات قالت «صار داء الصدفية جزءا مني وبت عاجزة عن تخيل نفسي من دونه». بأربعين صورة استضافتها بيروت، من أصل 70، روت عدسة هذا المصور الذي حاز جوائز عدة، منها جائزة هاسلبلاد المرموقة التي تعتبر أهم جائزة في عالم التصوير الفوتوغرافي، 19 قصة، لا بل 19 عزما ونجاحا في تجاوز التحديات التي يفرضها هذا المرض على من يصيبهم. وفي هذا الإطار، تفيد الشركة التي تحرص أيضا على عرض المشروع في دول أوروبية عدة بعدما اختارت بيروت ودبي، أن الصدفية تصيب نحو 3 في المائة من سكان العالم ما يوازي 125 مليون مريض سنويا. واللافت عدم وجود علاج يشفي من الصدفية كليا، لكن تتيح بعض العلاجات الحصول على بشرة أنقى ما يخفف الآلام النفسية. وتقول استريد وهي من الناشطات في جمعية الصدفية في هولندا ومن المصابات بالمرض: «تم تشخيص حالتي عندما كنت في السابعة، ومنذ ذاك الحين تحكم المرض بحياتي وعملي وعلاقاتي وهواياتي وأماكن تمضية عطلتي. لكنني واجهت هذه التحديات ووجدت العلاج المناسب الذي مكنني من السيطرة على المرض. ولهذا قررت أن أشارك في هذا البرنامج الذي يعزز ثقة المصابين بإمكان الحصول على علاجات فعالة تساعدهم على الاستمتاع بحياة طبيعية».