السعودية: سائقون يواجهون قسوة ساعات الانتظار بتبادل «الحكايات»

تتنوع من السياسة إلى الاقتصاد إلى الدين حتى الأمور الشخصية

سائقون أجانب يتبادلون الحديث في أحد مواقف السيارات خلال وقت انتظارهم (تصوير: غازي مهدي)
TT

264 ألف سائق وافد يعملون لدى الأسر في السعودية ـ بحسب إحصائية رسمية معلنة ـ يقطعون آلاف الكيلومترات يوميا في المشاوير الخاصة بتلك الأسر، وتشكل بالنسبة لهم ساعات الانتظار التي يقضونها أمام المدارس والجامعات والأسواق تجمعات قسرية قاسية يتبادلون فيها أخبار بلادهم وشؤون الحياة العامة.

وبعيدا عن أبواق المركبات وزحمة الطرق بسبب أعمال الصيانة في معظم شوارع مدينة جدة، اتخذ، دولي عبد الله، السائق الإندونيسي مواقف جامعة الملك عبد العزيز مقرا دائما لراحته، حيث يستعيض بالجلوس هناك بدلا من اختيار العودة إلى مسكنه الذي يبعد عن الكلية 15 دقيقة يرفعها الزحام إلى 50 دقيقة. في ذاك المكان وغيره من أماكن تجمع الأسر والطلاب يتجمع عدد من زملاء المهنة، حيث تفوح روائح الدخان الآسيوي وتتعالى الضحكات من التعليقات التي يطلقها السائقون حتى تتحول الأماكن إلى ما يشبه الديوانيات يناقشون فيها كثيرا من الأمور الاجتماعية والمواقف اليومية التي تمر بهم. ومع الساعات الأولى من كل صباح تكتظ الشوارع في السعودية بطوابير السيارات المتوجهة للكليات والمدارس، حيث عمد كثير من الآباء وأولياء الأمور إلى الاستعانة بسائقين من جنسيات مختلفة يكفونهم شر الزحام.

يقول السائق الهندي أشرف عبد الودود إنه ينتظر أربع ساعات يوميا في موقف المجمع التجاري حيث تلتقي ربة عمله بصديقاتها فيستغل الوقت في الحديث مع سائق صديقتها.

وحول ما يقومون به، يقول إنه وزملاءه يقطعون الوقت في الحديث عن مشكلاتهم وهمومهم، ولا يخلو الحديث من الظروف السياسية، كل تجمع يتحدث بلغة، لكن لغة الأوردو هي السائدة، حيث تجمع الباكستاني مع الهندي والبنغالي وغيرهم. الغالبية الأكبر من السائقين في مختلف المناطق كانت لسائقين إندونيسيين لا تخلو جلساتهم من الجانب الديني أحيانا، والجانب الفكاهي أحيانا أخرى، ويستمر الحديث عن مواقفهم مع السيدات اللاتي يقومون بتوصيلهن، وتشمل تصرفات بقية السائقين في الشوارع السعودية ومدى احترامهم لقوانين السير خاصة الشباب، لتعكس نظرة هذه الفئة إلى الشعب المضيف.

وليس ببعيد عن هؤلاء، يتجمع عدد كبير من السعوديين من قائدي سيارات الأجرة، بعضهم على مركبات خاصة لتوصيل المعلمات أو الطالبات، يقول عبد الله القرني: «نتجمع يوميا هنا في انتظار من تريد إيصالها. لدينا نظام وترتيب خاص، نقوم بصف السيارات، ويمشي الدور تدريجيا، هذا بالنسبة لقائدي الأجرة، البعض منا لديه بعض المعلمات والطالبات يقوم بتوصيلهن. وجلستنا ممتعة نناقش فيها كل القضايا الدولية والمحلية وحتى الشعبية والرياضية، بعيدا عن ضغوط المنزل، كما نمارس في بعض الأوقات بعض الألعاب الشعبية». ويستطرد: «قد لا تصدق ما يتم الحديث فيه، فنحن في هذه الجلسات لا نترك شيئا، بل نتحدث في كل شي، ومن دون ترتيب، وذلك أمر طبيعي، خاصة أن لا أحد يحب الانتظار، لذلك نحاول تقطيع الوقت بأي شيء».