وفاة نجاة الحسيني.. أول سعودية عملت في شركة «أرامكو»

اشتغلت بتصريح من الملك فيصل.. وطورت أساليب الصحة الوقائية

نجاة الحسيني
TT

توفيت في مقاطعة سسكس في جنوب إنجلترا نجاة إبراهيم الحسيني، أول موظفة سعودية في شركة «أرامكو»، بعد معاناة طويلة مع المرض، وتم تشييع الفقيدة بعد صلاة الجمعة في جامع المركز الإسلامي في لندن، ووريت الثرى هناك.

وكانت الفقيدة، التي رحلت عن 74 عاما، تقيم في المملكة المتحدة منذ أن تقاعدت من «أرامكو» السعودية في عام 1985 برفقة زوجها واثق العلمي، البريطاني من أصول أردنية، ولم تخلف أولادا.

وعرفت شخصية نجاة الحسيني في الفترة التي عملت فيها في شركة النفط العملاقة في الظهران بالعزيمة والإصرار، فقد كانت أول موظفة سعودية تعمل هناك، في الوقت الذي كان العشرات من زميلاتها الأميركيات يعملن في الشركة التي كانت تحت الإدارة الأميركية، وخاصة في قطاع السكرتارية والصحة.

ولم يسبق لشركة «أرامكو» أن وظفت سعوديات حتى عام 1964. وقد كانت نجاة مصرّة على أن تعمل، فتقدمت إلى شركة «أرامكو» كأول طالبة عمل؛ مما دفع الشركة إلى طلب إذن خاص لتوظيفها من الملك فيصل، الذي كان يدعم تعليم المرأة.

ونجاة الحسيني حاصلة على الشهادة الجامعية، وحصلت على تأهيلها العلمي ابتداءً في العاصمة الإيطالية روما، حيث درست في مدرسة (ماري ماونت) الثانوية، والتحقت بعد ذلك بجامعة دمشق في سورية.

وهي الأخت الكبرى لأشقاء عملوا في «أرامكو»، بينهم الدكتور سداد الحسيني نائب الرئيس الأعلى للتنقيب والإنتاج وعضو مجلس إدارة الشركة سابقا، والدكتور مجاهد إبراهيم الحسيني رئيس تحرير مجلة (جيوا العربية) التي تصدر في البحرين، وحسان وهيثم وإحسان أبناء إبراهيم الحسيني الذين يقيمون في الظهران والخبر بالمنطقة الشرقية في السعودية.

وقال سداد الحسيني لـ «الشرق الأوسط» أمس «إن نجاة التي رحلت بعد مشوار طويل من العمل والمعاناة، لم تكن فقط أول موظفة سعودية في شركة «أرامكو»، بل كانت أيضاً أول مبتعثة للدراسة من السعوديات اللائي حظين بفرصة التعلم التي وفرتها «أرامكو» في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات».

وقال «إن نجاة كانت من بين النساء السعوديات اللائي عملن على تطوير أداء وتجربة عمل المرأة في السعودية، وكانت معروفة داخل الشركة وخارجها، وخاصة على صعيد المجتمع المحلي الذي مثل بيئة اجتماعية لـ«أرامكو» السعودية».

في حين يذكر الشقيق الأكبر للراحلة، حسان الحسيني، أن نجاة كانت مسؤولة عن إدارة الصحة الوقائية في الشركة. وقال «إن نجاة اشتغلت خلال فترة عملها على حماية المجتمع المحلي آنذاك من الأمراض الوبائية والميكروبية، وخاصة وباء الملاريا والرمد، وغيرهما من الأمراض التي كانت منتشرة في المنطقة الشرقية المعروفة بكونها مجتمعا ريفيا في ظل أوضاع مناخية تسهم في تكوين حواضن للأوبئة وانتقال العدوى».

وأضاف قائلا «إن نجاة كانت تستقل سيارة من سيارات الشركة مع سائقها لتجول على القرى في القطيف والأحساء لعرض الأفلام السينمائية للعائلات عن مخاطر هذه الأمراض وطرق الوقاية، مما أسهم في الحدّ من انتشارها».

كذلك، يذكر حسان الحسيني أن شقيقته، التي تزوجت في عام 1975 من مهندس كان يعمل في شركة (بريتش إيركرافت) في الظهران، أخفت أمر زواجها عن مسؤوليها في الشركة، لأن الإدارة الأميركية آنذاك كانت تمنع إقامة الموظفات المتزوجات في المجمع السكني، وظلّ أمر زواجها سريًّا حتى تقاعدت في عام 1985.