حمى المهرجانات تصارع الانتخابات في لبنان

«فرقة كركلا» وتصاميم «بيغار» على أدراج قلعة بعلبك التاريخية

فرقة كركلا على أدراج بعلبك لمرة جديدة («الشرق الأوسط»)
TT

رغم وطأة الانتخابات، وزعيق المرشحين الذي يحجب الرؤية، تجاهد المهرجانات اللبنانية لتجد لها مكانا في المشهد الصيفي الحارق. وأول من أمس، وعلى وقع موسيقى الجاز أعلنت لجنة «مهرجانات بعلبك الدولية» عن برنامجها في الجامعة الأميركية، واعدة اللبنانيين بحفلات تنسيهم همومهم السياسية، وشجونهم. ففي الافتتاح يوم الرابع من يوليو (تموز) سيكون الافتتاح بحفل لفرقة الشهير بيغار «باليه لوزان» الذي يعتبر أحد أهم مصممي الرقصات وأكثرهم خصبا في القرن العشرين. وسيقدم 37 رقصة «كازينو الأرواح» لفيفالدي، و«أدادغيانو» إضافة إلى «عصفور النار» و«بوليرو»، والرقصات الثلاث الأخيرة من تصميم بيغار. لكن الحفل الذي قد يكون الأكثر شعبية هو الذي ستقدمه فرقة كركلا أيام 16، 17، و18 يوليو(تموز)، بعد انتظار وتأجيل سببته الأحداث الأمنية التي عصفت بلبنان. و«أوبرا الضيعة» تلك المسرحية الموسيقية الغنائية الزاهية بالأزياء والديكورات البراقة، يشارك فيها حشد كبير من نجوم الفن مثل: عاصي الحلاني، هدى حداد، آلين لحود، جوزف عازار، رفعت طربيه، غبريال يمين، نبيل كرم، طوني عاد، علي الزين، وضيف الشرف إيلي شويري، وذلك بالتعاون مع أهم الفنانين العالميين، فالموسيقى لمحمد رضا عليقلي، والإضاءة فينيشيو كيلي، سينوغرافيا لوشيا غوج. تصميم الرقص أليسار كركلا، وإخراج إيفان كركلا. ويعِد الفنان عبد الحليم كركلا جمهوره بوصلات من الدبكة كانت قد غابت عن مسرحيات سابقة له، وذلك لاستحضار جو الضيعة الأصيل على أدراج قلعة بعلبك التاريخية. وفي 25 يوليو(تموز) تقدم فرقة الروك البريطانية «ديب بربول» حفلها في باحة المعبدين، وهي التي لمعت في فن الهارد روك منذ عام 1968 وباعت أكثر من مائة مليون اسطوانة. وعلى البرنامج حفلتان ساهرتان في الأول من أغسطس(آب) تقدمهما الفرقة الموسيقية الخماسية لرون كارتر ـ جاز وبوسا والفرقة الموسيقية السداسية لإيدي بالمييري ـ سالسا لاتينية. وفي 13 أغسطس(آب) للجمهور موعد مع «لا ترافياتا»، واحدة من أشهر أعمال الأوبرا، التي وضعها غيزيبي فيردي، برفقة الفرقة الموسيقية التابعة للأوبرا الملكية في مقاطعة الفالون البلجيكية، وجوقة الغناء التابعة لأوبرا طولون بروفانس البحر المتوسط، والجوقة الغنائية لتور، والجوقة الغنائية التابعة للأوبرا الملكية في مقاطعة الفالون البلجيكية، وفرقة رقص الباليه الخاصة بأوبرا ـ مسرح أفينيون وبلاد الفوكلوز. ورواد المهرجان على موعد يومي العاشر والحادي عشر من يوليو(تموز) مع مونولوغات ميديه وفيدر وريسيتال بيانو من أداء دافيد فراي، الذي حاز على جائزة في الموسيقى الكلاسيكية في فبراير(شباط) 2008، وقدَم أعمالا مرموقة في فرنسا واليابان. وسيعزف هذا الشاب الموهوب للعبقريين شوبرت وباخ.

وبإعلان لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، عن برنامجها، تكون صورة الصيف اللبناني الفني قد اكتملت أو أوشكت، خاصة أن المهرجانات الكبرى، كانت قد سبقتها إلى الإعلان عن حفلاتها والفرق المشاركة. فبرنامج بيت الدين يتضمن عددا من الحفلات المهمة بينها الافتتاح الذي تقدمه يوم 2 يوليو(تموز) رائعة الصوت، المصرية أمل ماهر تحية لأم كلثوم برفقة أوركسترا يقودها سليم سحاب. وحفل شارل ازنافور يوم التاسع من يوليو(تموز) بدأت بطاقاته تباع بكثافة، كما أن كثيرين سيقبلون على الحفل الذي يحييه مارسيل خليفة يوم 12 أغسطس(آب) برفقة الأوركسترا الفلسطينية، احتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية. وإن كان من أمر لافت هذا الصيف، فهو اقتحام المهرجانات اليانعة الساحة بقوة، منافسة بذلك مهرجاني بيت الدين وبعلبك اللذين لمع نجمهما خلال السنين الفائتة. فإطلالة المغني الشهير، لبناني الأصل مساري من مهرجان البترون يوم 14 أغسطس(آب) سيجذب الكثير من الشباب الذين لم يزوروا هذه المنطقة الشمالية من قبل. واللافت أيضا على برنامج البترون الاستعراض الفني الراقص الكبير الذي ستقدمه فرقة صينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما يعتبره المنظمون ربحا كبيرا لمهرجانهم الذي يعولون على نقله من حيز محلي ضيق إلى مستوى دولي فسيح من خلال جولات سياحية مجانية للزائرين وبإقامة المسرح الدائري على السور القديم وخلفه البحر بامتداداته الزرقاوية الساحرة.

والمهرجان الآخر الذي بدأ ينافس بقوة هو بيبلوس، بفضل إصراره على الاستمرار حتى أثناء الأحداث التي عصفت بلبنان عام 2005 و2006، في ما ارتأى الآخرون التوقف لسنة، تخوفا من عنف قد ينسف الاحتفاليات في اللحظة الأخيرة ويكلف المنظمين باهظا. وأكثر ما سيجذب الجمهور إلى بيبلوس هذه السنة هي مسرحية صيف 840 للراحل الكبير منصور الرحباني، التي سيعمل ورثته على تقديمها بحلة جديدة تحية له، وتأكيدا لحضوره الدائم رغم الغياب.

وجدير بالذكر أن وزير السياحة اللبناني إيلي ماروني كان قد توقع أثناء الإعلان عن برنامج مهرجانات جبيل، منذ أيام، أن يدخل لبنان خلال الموسم السياحي 2009 نحو 800 ألف سائح عربي، ليرتفع بذلك عدد السياح العرب والأجانب المتوقع أن يقصدوا لبنان إلى نحو مليونين هذه السنة. وهو ما يعتبر مكسبا كبيرا، في بلد لا تزال سمعته الأمنية مرتجة وانتخاباته المرتقبة تثير مخاوف الكثيرين.