السعودية: حملة ضد محترفي «التسول» تسعى لتحسين صورة المعاقين حركيا

أكاديمي: المسلسلات الهادفة تخدم قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة

أبو بكر سالم في أثناء المناسبة التي أقامها السفير اليمني محمد محسن الأحول احتفالا بالوحدة اليمنية («الشرق الأوسط»)
TT

لا تقف مشكلة «التسول» المنتشرة في العديد من الدول العربية على أنها ظاهرة غير حضارية، بل تمتد لكونها ظاهرة مؤذية لشريحة كبيرة من المعاقين حركيا، بعد أن تركز اهتمام المتسولين على استجداء عاطفة الناس بإظهار عدم مقدرتهم على الحركة، مرة بـ«الكرسي المتحرك» وأحيانا بمسك «العكاز»، الأمر الذي دفع جهات سعودية تعنى بشؤون المعاقين حركيا لتحسين صورة هذه الفئة، والعمل على فصل التوأمة السيامية التي جمعت الإعاقة بالتسول.

الحملة اختارت «الأفلام» كوسيلة لتحمل صوت ورسالة ذوي الإعاقة الحركية القائل «احترموا مشاعري، فلا علاقة للتسول بإعاقاتي». وفي هذا الصدد قال عبد الله الجوير، المدير المكلف لجمعية الإعاقة الحركية للكبار في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجمعية تنوي إنتاج فيلم يقوم عليه كوادر سعودية ذات كفاءة عالية، يهدف لتحسين الصورة الذهنية العامة تجاه ذوي الإعاقة الحركية، خاصة في ما يتعلق بربط الإعاقة بالتسول، قائلا «للأسف المتسولون أساءوا لأصحاب العوائق الحركية وآذوهم في مشاعرهم».

وأفاد الجوير بأن هناك بعض المهندسين والأطباء الناجحين في أعمالهم من ذوي الإعاقة الحركية تعرضوا لمواقف غريبة من أشخاص يمدون لهم بعض النقود في الأماكن والطرقات العامة على اعتقاد بأنهم متسولون وليسوا أشخاصا طبيعيين فاعلين في المجتمع، مشيرا للأثر النفسي البالغ الذي يسببه مثل هذا التصرف في نفوس أصحاب الإعاقة الحركية، فيما أكد أن حقوق هذه الفئة ترتبط بـ«واجب المجتمع تجاه المعاق وليس إشفاق المجتمع تجاه المعاق».

من جانبه، يرى الدكتور بندر العتيبي، أستاذ مشارك في قسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود في الرياض، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الانفتاح الإعلامي وثورة الاتصالات عادت بشكل ايجابي على ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعتقد أن بالإمكان خدمة قضاياهم بصورة أكبر عبر البرامج والمسلسلات والأفلام التوعوية، فيما يتساءل «هل سبق أن مر علينا مسلسلات محلية تتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة؟»، مشددا على الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في الجانب التوعوي وتحسين الصورة الذهنية عن ذوي الإعاقة بكافة فئاتهم.

وأوضح العتيبي أن انتشار مفهوم العمل التطوعي والجهود الخيرية التي تبذلها الجمعيات المعنية بشؤون الإعاقة ساهم بخدمة قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، مشددا على ضرورة دعم كل عمل من شأنه خدمة ذوي الإعاقة الذين يرى أن هناك فئة داخل المجتمع ما زالت تحاول تهميشهم والإساءة لهم، وأكد أن الجهات الحكومية تبذل جهودا في الشأن التوعوي وتحسين أوضاع ذوي الإعاقة بعكس القطاع الخاص، الذي يعتقد أنه ما زال مقصرا بهذا الجانب، قائلا «هذه الجهود لابد أن تكون مشتركة للتوعية بالإعاقة والمعاقين».

في حين ترى إسراء محمد، طالبة انتساب في كلية الآداب بالدمام، أن بعض الأفلام والمسلسلات شوهت صورة ذوي الإعاقة بإظهارهم كأشخاص محدودي الذكاء والقدرات، وأضافت أن ذلك يشمل أيضا الأدوار الفنية للمعاقين، بقولها «دائما الأعور لص، والأعرج فقير، فلم أر أبدا شخصا ذا مركز مرموق يظهر في التلفزيون بأي إعاقة!»، وأكدت أن ذلك يضاف إليه أيضا وجود من يمتهنون التسول ويتخذون الإعاقة ستارا لأعمالهم، مما تراها أمورا ربطت بين الإعاقة الحركية وبين التسول والحاجة والضعف.

وتسترسل إسراء بسرد مشاعرها إزاء الإعاقة الحركية التي لازمتها قبل حوالي 6 سنوات جراء حادث مروري، قائلة «أصبحت متقبلة الآن لوضعي ومتكيفة معه، لكن تؤلمني أحيانا نظرات الشفقة وعبارات مثل: مسكينة، يا حرام». وتضيف أن هناك من يتجاهل دعوتها للمناسبات بحجة أنها ربما لا تستطيع القدوم، إلى جانب أنها تجد نفسها غالبا بالأماكن الخلفية، موضحة أن هذه أمور اعتادت عليها ولم تعد تحز بنفسها كالسابق، فيما أبدت تفاؤلها بأن ينظر المجتمع مستقبلا لذوي الإعاقة الحركية بنضج ووعي أكبر.

جدير بالذكر أن الإحصاءات الحديثة في السعودية تكشف أن نسبة المواليد من ذوي الإعاقة تبلغ واحدا في الألف، مما يجعل عدد الأطفال المعاقين سنويا يأتي بين 400 و500 معاق، فيما يوجد حاليا نحو 720 ألف معاق يشكلون ما نسبته 4 في المائة من مجمل السعوديين، و400 ألف منهم هم من ذوي الإعاقة الحركية.