بعد 26 عاما من وفاته.. بلجيكا تقيم متحفا لصاحب شخصية تان تان

عالم إيرجيه أقيم «في كنف سفينة كبيرة ترسو في عمق الغابة»

المتحف من تصميم الفرنسي كريستيان دي بورزامبراك ويفتح أبوابه للجمهور في الثاني من شهر يونيو (حزيران) القادم (أ.ف.ب)
TT

يعرف الملايين شخصية تان تان المحقق الشاب وكلبه سنوي ومغامراتهما في جميع أنحاء العالم ولكن مخترع شخصية تان تان لم يتمتع بنفس الشهرة التي منيت بها أهم شخصياته. والآن وبعد 26 عاما على وفاته أصبح لايرجيه متحفا يكرم هذا العملاق في مجال القصص المصورة حسبما أوردت وكالة أ.ف.ب. المتحف من تصميم الفرنسي كريستيان دي بورزامبراك ويفتح أبوابه للجمهور في الثاني من شهر يونيو (حزيران) القادم.

من خلال جسر خشبي طوله خمسة وسبعين مترا، يتصل المبنى بالساحة الكبرى لمدينة لوفان لا نوف الجامعية في والونيا، على بعد عشرين كيلومترا جنوب شرق بروكسل.

الزائر للمتحف سيجد نفسه داخل عالم إيرجيه منذ اللحظة الأولى، فعلى الجدار الخارجي إلى اليمين، يجد توقيع إيرجيه الجلي، أما إلى اليسار فيتأمل مشهدا مأخوذا من البوم «كرابك أو بانس دور». نرى فيه تان تان يختال على رصيف أحد الموانئ، وأنظاره معلقة على طيور النورس. ما من حركة في المشهد بل تشديد على إنسانية البطل. غير أن قارئ تان تان الوفي يدرك أن الصورة اللاحقة تعيد الصحافي البلجيكي القصير القامة والمقدام إلى الواقع، عندما يلمح سفينة شحن مثيرة للريبة كان يبحث عنها.

يكتشف محبو قصص تان تان والآخرون مجموعة وثائق، من بينها لوحات رسوم الكتب الأصلية، فضلا عن تفاصيل من السيرة الذاتية وصور وأفلام تتمحور على «أعمال وحياة» رجل جلب البهجة إلى «ثلاثة أجيال» من القراء على الأقل، منذ ظهور شخصية تان تان في عام 1929، على ما يقول الفيلسوف الفرنسي ميشال سير.

تعرض كنوز «مؤسسة إيرجيه» على امتداد ألفي متر مربع وعلى طابقين، ومن خلالها يمكن التقرب من كل جوانب «فنان القرن العشرين». ولم يتم التحفظ على بعض المسائل التي لطخت ذكرى إيرجيه في رأي البعض، مثل تعاونه مع صحيفة «لو سوار» التي أدارها الألمان إبان الحرب العالمية الثانية. ويؤكد أحد أكبر المتخصصين في أعماله فيليب غودان الذي ساهم في كتابة «سيناريو» المتحف أن الهدف لم يكن «صب الزيت على النار».

تعد أعمال ايرجيه أثرا إبداعيا أساسيا في مسار الفن التاسع، ذلك أنها ساهمت في منح فن القصص المصورة البريق. ولعل أكثر ما يلفت الأنظار في المتحف الجديد هو الشعور بالضوء والخفة في المبنى ففي الخارج، يحمل المتحف بعض سمات الفراشات. أما في الداخل، فثمة أربع غرف جدرانها تنحني وتتقوس وقد اصطبغت بألوان فاتحة ألقت بظلالها على الفناء المركزي وتربط الجسور بين هذه الأجزاء، ليغرق الداخل في إضاءة استثنائية بفضل ألواح زجاجية عملاقة.

وهناك سمة فريدة أخرى للمبنى. ينبغي للزائرين الراغبين في الوصول إلى المجموعة الدائمة في الطوابق، أن يستقلوا مصعدا يقع في عمود مغطى بمربعات باللونين الأبيض والأسود.

ويشرح كريستيان دو بورتزامبارك قائلا «لا تروقني المتاهات القاتمة. لهذا السبب نمر من صالات إلى أخرى عبر جسور تطل على الفناء».

ويوضح انه أراد «إعادة خلق عالم ساحر»، عالم ايرجيه «في كنف سفينة كبيرة ترسو في عمق الغابة».

أما فاني رودويل أرملة ايرجيه التي مولت مشروع المتحف الذي تكلف 15 مليون يورو، فكانت ترغب أن يقوم المبنى في بروكسل، في المدينة التي تعلق بها زوجها كثيرا.

لكن مهما كان المتحف ناجحا الآن يشكل بعده عن العاصمة، عائقا يصعب تجاوزه؟ يبدو مديره لوران دو فروبيرفيل غير قلق البتة في هذا الشأن وهو يؤكد «هدفنا هو أن يرتاد المتحف مائتا ألف زائر في السنة، على المدى الطويل».