برنامج «المواهب البريطانية» شغل العالم.. و«بطلته» تهدد بالانسحاب

الملكة رانيا تشجع سوزان بويل على تويتر والأطباء النفسيون يحذرون من شهرة برامج تلفزيون الواقع

امرأة تشاهد مقطعا من الأغنية التي تسببت في شهرة سوزان بويل (أ.ف.ب)
TT

عندما ظهرت سوزان بويل لأول مرة على مسرح برنامج المواهب البريطانية «بريتنز غوت تالينت» في الحادي عشر من أبريل (نيسان) الماضي، استقبلها الجمهور بالسخرية والشفقة وتأففت من حضورها لجنة الحكم وعلى رأسها صاحب فكرة البرنامج سايمون كاول، لكن عندما غنت بويل سحرت الحضور واللجنة والعالم بأكمله بصوتها الذي شبهه كثيرون بصوت الملائكة، وفي ليلة وضحاها تحولت سوزان بويل من قروية في سن السابعة والأربعين إلى نجمة عالمية تهافتت عليها وسائل الإعلام من جميع بقاع العالم، واحتلت على مدى شهر كامل عناوين الصحف وكانت مادة دسمة للإعلام واستضافتها ملكة برامج التوك شو أوبرا وينفري، وورد اسمها في برنامج «ساوث بارك» و«سيمبسونز»، وأصبحت نجمة موقع يوتيوب، وراحت الحشود تنتظرها كل يوم خارج منزلها في بلاكبورن في اسكتلندا للحصول على توقيعها والتقاط الصور معها.

شهرة بويل كانت سريعة جدا وغير مرتقبة، فهي عانس اعترفت في أول ظهور لها على الشاشة بأنه لم يقبلها أحد من قبل، وأنها لم تعرف معنى الحب ورفيقها الوحيد في حياتها هو القط الذي يعيش معها في منزل والدتها التي توفيت العام الماضي وكانت بويل تقوم برعايتها حتى يوم مماتها، فكان من الصعب عليها تصديق ما يجري في حياتها فتعرضت للكثير من الضغوطات النفسية بعد ظهورها في البرنامج للمرة الثانية في المرحلة نصف النهائية، وكما حصل في المرة الأولى سحرت بويل الحضور والمشاهدين بصوتها، وقال أعضاء اللجنة إنها تتمتع بكل المواصفات التي تؤهلها الوصول إلى المرحلة النهائية الليلة، وحازت على أعلى نسبة تصويت من المشاهدين وعلى أثر ذلك ضمنت بويل مقعدها الليلة، غير أن تعليق بيرس مورغن على غناء الطفل الويلزي من أب أفغاني شاهين جعفرغولي (12 عاما) بأنه سيشكل خطرا على سوزان بويل في الليلة النهائية جعل بويل تتأثر وتبكي، وانتشرت أخبار نشرتها الصحف البريطانية أمس بأن بويل انفعلت وحبست نفسها في غرفتها عندما سمعت الإطراء الذي وجهه مورغن لمنافسها جعفرغولي، ويقال إنها قد تكون معجبة بمورغن، وبعد هذه الحادثة بدت بويل متوترة وفاقدة لأعصابها وحصلت عدة مشادات مع أناس وصحافيين تواجدوا في الفندق الذي تنزل فيه في لندن كما أنه يشاع بأنها نطقت بالألفاظ نابية أمام أحد أفراد الشرطة بعدما سمعت تعليقا جارحا من أحدهم، وتناقلت وسائل الإعلام البريطانية أمس أنباء تفيد بأن بويل غير مستقرة نفسيا وتعاني من انهيار عصبي وحزمت أمتعتها وكانت في طريقها إلى ترك الفندق والمسابقة، مما دفع ناطق باسم البرنامج بالتصريح بأن بويل بصحة جيدة وستشارك الليلة في البرنامج كما هو مقرر.

المنافسة هذا العام على الفوز ببرنامج المواهب من أشدها على الإطلاق، بسبب الكم العالي من المواهب الرائعة، ووصل إلى مرحلة النهائيات الليلة كل من بويل وفرقة دايفرسيتي للرقص والمغني شون سميث وفرقة فلولس للرقص وشاهين جعفرغولي وفريق ستافروس فلاتلي الذي يضم أبا من أصول يونانية مع ابنه يقومان بالرقص على الطريقة اليونانية بأسلوب مبتكر ومضحك، وستكون الليلة من أهم الليالي التي يواجهها المتسابقون فهي تحدد مصيرهم الفني والمهني، ومن شأن الفائز الحصول على مبلغ مائة ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 115 ألف يورو) وسيغني في عرض تحضره الملكة إليزابيث الثانية.

أما بالنسبة لسوزان بويل، فبغض النظر عن فوزها أو خسارتها، فهي قد أمنت حياتها من الناحية المادية لأنه من المرجح أن توقع عقدا بمبالغ خيالية مع إحدى شركات الاسطوانات، فضلا عن إمكانية مشاركتها في مسرحية موسيقية في الـ«ويست إند» في لندن.

وقد تكون بويل تعاني من أزمة نفسية حاليا بسبب التغيير الجذري الذي طرأ على حياتها فجأة وبسبب بعض التعليقات اللاذعة التي تعرضت لها بعد ظهورها للمرة الثانية على التلفزيون بما فيها تعليق المغنية ليلي ألين التي صرحت على موقعها الإلكتروني بأنها تكره بويل وأنها تعتبرها غير مستحقة للشهرة والضجة الإعلامية التي حصلت عليها، وأنها تفضل موهبة الطفل جعفرغولي، كما أن نشرات الأخبار الرئيسية بثت في عناوينها الرئيسية أن نسبة كبيرة من المشاهدين تعتقد أن بويل ظاهرة أشبه بطفرة الجلد سرعان ما ستختفي لأنها لا تتمتع بالموهبة الكافية كما يراها البعض، كما رأى بعضهم أن شهرة بويل السريعة هي بسبب شكلها الخارجي وهندامها عندما أطلت على العالم في المرة الأولى بشعرها الذي يغزوه الشيب وحاجبيها الكثيفين وجواباتها الساذجة، غير أن بويل وفي مقابلة على الهواء مع المقدم لاري كينغ قالت ردا على سؤاله عما إذا كانت الشهرة ستغيرها: «لماذا يجب أن أتغير» قبل أن تلجأ إلى حسها الفكاهي لتضيف «على الأرجح لن أبقى عزباء طويلا».

ومن مشجعي بويل الملكة رانيا العبد الله والممثلة العالمية ديمي مور اللتان تواصلتا مع بعضهما البعض عبر موقع «تويتر» فقالت ديمي مور لبويل سوزان بويل: «حظ سعيد الليلة، أنا معك». في حين عبرت الملكة رانيا عن تشجيعها لبويل من خلال عبارة: «ثقي بأن العالم بأسره يشجعك مهما كانت النتيجة». وفي مقابلة أجرتها قناة «جي إم تي في» البريطانية، قال أستاذ الغناء الذي كان يعطي بويل دروسا في الغناء منذ سنين طويلة إنه طالب المشاهدين بإنصاف بويل ووصفها بالملاك، وقال إنها إنسانة رقيقة ولا تستحق سماع العبارات اللاذعة، فهي تعرضت منذ صغرها للكثير من المضايقات في المدرسة وكانت منبوذة من قبل رفاقها وكانت تطلق عليها ألقاب عديدة من بينها «سوزان الساذجة» وجلب الأستاذ معه رسالة كتبتها له سوزان بيدها منذ حوالي 10 سنوات تشكره فيها على اهتمامه بموهبتها واصفة إياه بالشخص الوحيد الذي يتصرف بحنان واحترام تجاهها، وتابع أن سوزان بويل تتمتع بهدية من الله سبحانه وتعالى وخامات صوتها لم تظهر بعد في البرنامج وقال إن صوتها فريد من نوعه ولطالما قال لها إنها تتمتع بهبة من السماء، وقال إن الاهتمام بسوزان غير عادي، فعلى الرغم من الانتقادات المسيئة التي تعرضت لها سوزان مؤخرا تبقى الصحافة العالمية تطاردها، وقال إنه انتهى للتو من مقابلة مع فريق من التلفزيون البرازيلي جاء خصيصا من البرازيل لمقابلته والتعرف على بويل من خلاله.

ومن المعروف عن إدارات برامج تلفزيون الواقع مثل برنامج الأخ الأكبر وبرامج المواهب أنها تسعى دائما إلى خلق أجواء من الشوشرة حول المتسابقين لأن انتشار أخبارهم يساعد على نجاح البرنامج بغض النظر عن معاناة المتسابقين وتعرضهم لأشد الضغوطات النفسية. وتقول الطبيبة النفسية ليندا بابادوبولوس إن الشهرة التي نزلت بسوزان بويل بهذا الشكل العشوائي من شأنها أن تضر بها وتحطمها، فالشهرة لها ثمن وفي حالة سوزان سيكون الثمن باهظا لأنها شخص بسيط لم تعتد من قبل على الظهور والتحول إلى شخصية ملك العالم لذا يجب التنبه إلى هذه المسألة الخطيرة وتحضير بويل نفسيا في حال فوزها. يشار إلى أن المكاتب التي تسجل المراهنات كشفت أن سوزان بويل لا تزال هي المرشحة الأقوى للفوز هذا المساء بحسب دفاتر تسجيل المراهنات لديها.

* ثروات الفائزين في مسابقات تلفزيون الواقع بالأرقام

* فرقة غيرلز الاود: 25 مليون جنيه إسترليني

* ويل يانغ: 12.5 مليون جنيه

* ليونا لويس: 10 ملايين جنيه

* جايد غودي: 8 ملايين جنيه

* مايلين كلاس: 7.5 مليون جنيه

* غاريث غايت: 6.5 مليون جنيه

* بول بوتس: 5 ملايين جنيه

* كريغ فيليبس: 5 ملايين جنيه

* لومار: 5 ملايين جنيه

* جاين ماكدونالد: 3.5 مليون جنيه

* بويل في سطور

* ولدت بويل في اسكتلندا، في عام 1961 في ظل عائلة من المهاجرين الأيرلنديين، وعمل والدها مفرغا للبضائع، في حين كانت والدتها ناسخة على الآلة الكاتبة. وكادت سوزان لا ترى النور في كنف عائلة تتألف من 11 ولدا. أنجبتها أمها في سن السابعة والأربعين وكانت ولادتها عسيرة ذلك أن الأكسجين انقطع عن الطفلة خلالها لبرهة قصيرة.

وفي المدرسة، يتردد أن سوزان عانت مشاكل في التعلم، وكانت تلقب «سوزي الساذجة»، ولطالما كانت ضحية رفاقها خلال فترات الاستراحة في الملعب. تخلت سوزان عن الدراسة من دون أن تنال شهادة وعملت طباخة خلال ستة أشهر، وهذا هو النشاط الوحيد الذي امتهنته على مر حياتها.

وفي أعقاب وفاة والدها في التسعينات، تولت الاهتمام بوالدتها التي توفيت بدورها في عام 2007، لتعيش وحيدة في الشقة العائلية في صحبة قطها وهو رفيقها الوحيد. وقالت سوزان إن رجلا لم يقبلها قط، وإن شغفها الوحيد هو الغناء. وهي حلمت بأن تمتهنه غير أنها لم تتخط يوما حدود المهرجانات المحلية في اسكتلندا، مسقطها.

وبدت مشاركتها في تصفيات «بريتنز غوت تالنت» وكأنه محكوم عليها بالفشل. غير أن «الملاك الاشعر» كما لقبت بسرعة، أسكتت معارضيها ما أن شرعت تغني وعرض موقع يو تيوب مقطع أغنيتها، لتسجل بويل بذلك أعلى نسبة للمشاهدة على الموقع.

* نسبة مشاهدة برنامج المواهب البريطانية بالأرقام

* حصل برنامج المواهب البريطانية الذي تبثه قناة «آي تي في» في بريطانيا على نسبة عالية جدا من المشاهدة فسجل نسبة وصلت إلى 13.63 مليون مشاهد متفوقا بذلك على النسبة التي سجلها البرنامج الوثائقي الخاص بمرض التوريت الذي بث على قناة «بي بي سي» كما سجلت نشرة أخبار الساعة العاشرة على قناة «آي تي في» أول من أمس نسبة خيالية من المشاهدين وصلت إلى 6.14 مليون مشاهد بعد أن كان عنوانها الرئيسي برنامج «بريتنز غوت تالنت» فتفوقت النشرة بذلك على نشرة أخبار «البي بي سي» عند العاشرة أيضا التي شاهدها 3.58 مليون مشاهد.