قصائد أدونيس وأنسي الحاج تخرج من منحوتات بنكهة صينية

الأظن وفريديل يريدان إنقاذ اللبنانيين من جنونهم اليومي

الفنانة الفرنسية سيبال فريديل
TT

«نريد أن نعيد الناس، من الجنون اليومي الأرعن، إلى شيء من الروحانية»، هكذا قال المخرج المسرحي اللبناني نبيل الأظن، وهو يتحدث عن معرض يجمعه مع الفنانة الفرنسية سيبال فريديل، في «قصر بيت الدين» التاريخي. فقد أتت الفنانة بمنحوتاتها ورسومها المستوحاة من الفن الكاليغرافي الصيني، التي نفذتها إثر حرب يوليو (تموز) عام 2006 بعد أن زارت لبنان، ورأت بأم العين ما حلّ بالأهالي من بؤس، وفي البلد من دمار. يقول الأظن إنه بمجرد أن رأي هذه الأعمال، رغم تجريديتها، شعر أنها طالعة من روح لبنان، وأنها مسّت عنده وترا حساسا، فعرض على سيبال أن يقيما معا معرضا مشتركا. بدأ المخرج يبحث عن أشعار تتلاءم مع هذه المنحوتات وإيحاءاتها القوية، وينبش عن موسيقى تجعلها أكثر بلاغة، وقدرة على التأثير. واعتبارا من يوم أمس الاثنين، انتصبت هذه الأعمال التشكيلية التي تجمع الكاليغرافيا الصينية بالتأثيرات اللبنانية، والخلفية الفرنسية لصاحبتها، في إحدى صالات متحف كمال جنبلاط، في منطقة الشوف، الذي لم يقم فيه أي معرض، منذ إغلاقه إلى اليوم. يقول الأظن «وفي هذا المكان المهاب يستطيع الزائر أن يجول كما يشاء، ويتوقف أمام المنحوتات، وكلما استوقفته منحوتة، وبدأ يتأملها؛ سيأتيه صوت يصدح بتلاوات شعرية، تدخله في مزيد من التأمل والاستغراق». الموسيقى الصادحة في أرجاء الصالة، مع اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، إضافة إلى الأشعار، لا تترك الزائر حياديا. كلٌّ سيرى في هذا الفضاء المفتوح ما يناسبه. الشعراء الذين اقترنت أصواتهم بالمنحوتات حاضرون بقوة. أنسي الحاج، الذي يتزاوج صوته مع إحدى المنحوتات، يقرأ مقطعا من قصيدته «العاصفة». أدونيس حاضر عبر مقطع من قصيدته «مزمور»، الشاعر اللبناني الراحل حديثا بسام حجار، اختيرت له كاليغرافيا من ثلاثة أحجام، مصنوعة من الخشب، ترمز إلى الهروب والتمزق اللبناني، لتقترن بقصيدته «أينا أيها الظل يحيا». وكلما وقفت أمام عمل لتتأمله، تنساب إلى مسمعك قصيدة لجورج شحادة، أو ناديا تويني، أو إيتل عدنان، وربما فينوس خوري غاتا، أو صلاح ستيتيه. الشعراء حاضرون مع هذه الأعمال الطالعة من نبض بلادهم. والزائر قد يبقى في هذه الصالة المفعمة بالكلمات والإيحاءات والمنحوتات 4 ساعات، يصغي إلى صوته الداخلي، منفعلا مع ما يأتيه من أرجاء المكان، ليخرج إلى باحة قصر بيت الدين بعد ذلك، ممتلئا بروحانيات، كان يظن أنها قد هجرته بسبب الصخب الغامر الذي يغطي اليوميات الحارقة. وكان الفنانان، الأظن وفريديل، قد أقاما معرضهما هذا للمرة الأولى في فرنسا، في كنيسة سان جرمان في «سولي سور لوار» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008، ويعرضان في لبنان الآن، ضمن أنشطة مهرجانات بيت الدين الصيفية التي تبدأ في الثاني من يوليو (تموز) المقبل. ويقام المعرض أيضا في إطار التحضير للألعاب الفرانكفونية التي يشهدها لبنان بدءا من 26 سبتمبر (أيلول) المقبل. ويبقى المعرض قائما في القصر التاريخي الجميل طوال الصيف، مواكبا المهرجانات، ومنتظرا زيارات روادها الكُثْر.