السودان: الشرطة تقتل الشائعات بـ«الرسائل النصية»

ترتب لبث تلفزيوني خاص.. ولها إذاعة تعمل لمدة 24 ساعة

جانب من مبنى الإعلام التابع للشرطة السودانية في الخرطوم («الشرق الأوسط»)
TT

قالت الشرطة السودانية إنها نجحت إلى حد كبير في إطفاء الشائعات والأخبار الكاذبة عن طريق «رسائل نصية» تبعث بها إلى الصحافيين والإعلاميين إضافة إلى قادتها في المناطق المختلفة.

وكشفت بأنها، استنادا إلى نجاح التجربة، تدرس حاليا تعميم الرسائل إلى قطاع كبير من الناس بصورة اختياريه، يطلبها من يرغب في مثل هذه الخدمة. وكانت الشرطة السودانية بدأت منذ نحو عام تجربة جديدة لتوصيل المعلومات العاجلة حيال قضايا شرطية وأخرى عامة عبر رسائل نصية، ترسل إلى فئات مختلفة من قيادات الشرطة وإلى الصحافيين والإعلاميين بالتركيز على القيادات والكتاب والمحررين المختصين في مجال الأمن والحوادث والجرائم.

وكان لافتا بالنسبة إلى الصحافيين والإعلاميين، تسلمهم لرسائل نصية، من الشرطة السودانية، تؤكد خبرا أو تنفيه، أو تقدم معلومات جديدة، وكان آخرها تسلمهم رسالة نصية تؤكد وفاة الرئيس السوداني الراحل جعفر محمد نميري، في أواخر مايو (أيار) الماضي، بعد أيام ظلت الشائعات غير صحيحة تطلق في الخرطوم عن وفاته.

وتمتلك الشرطة السودانية إذاعة تبث لمدة 24 ساعة، كما أكملت الاستعدادات لإطلاق قناة تلفزيونية أرضية خاصة بها. وقال مسؤول في الشرطة لـ«الشرق الأوسط» إن «كل المعدات (الخاصة بالقناة) وصلت». وأوضح العقيد أبو عبيدة العراقي مدير دائرة الإعلام في جهاز الشرطة السودانية لـ«الشرق الأوسط» أن تجربة الرسائل النصية بدأت منذ نحو عام حيث تقرر إبلاغ قيادات الشرطة برتبهم العسكرية المختلفة عن أحداث معينة أو قرارات لها صلة بنشاط الشرطة أو مناسباتهم الاجتماعية عبر رسائل نصية تعمم من قِبل المكتب الصحافي للشرطة إلى الجهة المستهدفة في الشرطة.

وقال إن «بعض الرسائل تعمم إلى القيادات العليا للشرطة، وأخرى إلى الضباط برتبة العميد، وهناك رسائل تعمم إلى كل الضباط في الشرطة». وأوضح أن «الهدف من الرسائل النصية في البداية كان الإبلاغ بقرارات أو إجراءات محددة لها علاقة بالشرطة صدرت فعلا، أو حالات الوفاة أو تدشين نشاط، ثم تطور الأمر إلى إشراك الصحافيين والإعلاميين من قيادات والمتخصصين في مجال الشرطة والكتاب، في الخدمة، ولكن على أن تحمل أخبارا محددة تتعلق بأحداث وقعت أو في طريقها إلى الوقوع».

وذكر أن تلك الرسائل الهدف منها إبلاغ الصحافيين بحدث معين يتعلق بعمل الشرطة مثل مؤتمر صحافي أو اجتماع أو تخريج دفعة من الشرطة أو تدشين معدات أو غير ها من الأنشطة التي تتعلق بعمل الشرطة، كما تهدف إلى إبلاغهم بحقيقة حدث معين مثل وقوع الحرائق الكبيرة التي قد تولّد شائعات أخرى حولها في اللحظات الأولى، ولتوصيل معلومة حقيقية حيال موت شخص أو مرض شخص.

وتتكون دائرة الإعلام في الشرطة من أربعة إدارات رئيسية: المكتب الصحافي، ومركز «ساهرون للإنتاج الإعلامي»، ومركز «ساهرون للتدريب وقياس الرأي العام»، و«إذاعة ساهرون» (إذاعة الشرطة).

وقدم العقيد العراقي نماذج للرسائل النصية «التي بعثت بها الشرطة إلى الصحافيين والإعلاميين في الفترة الماضية وأدت أغراضها بنجاح»، حسب تعبيره، وقال إن الشرطة أرسلت رسالة بددت شائعة بموت الفنان السوداني الكبير محمد الأمين في أثناء وجوده لتلقى العلاج في لندن. وأضاف أن هذه الرسالة أطفأت الشائعة تماما، قبل أن تتحرك أذرع الشرطة الإعلامية الأخرى وتجري معه حوارا حول صحته ونشاطه الفني.

وذكر العراقي أن الشرطة عندما اندلع قبل أشهر قليلة حريق هائل لافت للانتباه في الخرطوم، قامت بإرسال رسالة نصية حول الحادث وملابساته، «فاستطاعت بذلك أن تبدد الشائعات التي رافقت اندلاع الحريق». وأضاف: «حين مات الرئيس الراحل جعفر نميري قبل أسبوعين أرسلت الشرطة رسالة نصية بموته، في خطوة استباقية لأي شائعات قد تحدث»، في ظل أسئلة كثيرة تبادلها الناس نهار ذلك اليوم حول موته من عدمه»، ورصد رسائل كثيرة مماثلة في قضايا اجتماعية أو أمنية وغيرها لها علاقة بدور الشرطة في المجتمع والأمن قامت الشرطة بإرسالها، وحققت كثيرا الأهداف المرجوة منها».

وكشف العراقي أن الشرطة تسعى «بعد نجاح التجربة بنسبة كبيرة حتى الآن إلى تعميم الرسائل إلى عامة الناس، ولكن حسب الرغبة والاختيار». كما كشف أن الرسالة قصيرة تتضمن على الأكثر 150 كلمة حول الحدث المراد إبلاغه للمستهدفين من الشرطة أو الإعلاميين والصحافيين. وقال: «فور تلقى المستفيد الرسالة بوسعه أن يحصل على توضيحات بشأن مضمون الرسالة من المواقع الخاصة بالشرطة في الإنترنت أو قد يصله بيان مفصل فيها بعد وصولها مباشرة أو عبر الفاكس، «ولكن في البدء نريد توصيل الحقيقة والمعلومات الأولية الصحيحة، وقد نجحت التجربة في هذا الأمر».

ونوه إلى أن دائرة الإعلام ملتزمة بخصوصية الرسالة الموجهة إلى رجال الشرطة بشأن قضايا تخص الشرطة ورجالها، وقال: «هناك رسائل ترسل إلى هذه الفئة في حين تستثنى الأخرى»، وأضاف: «ولكنّ حدثا مثل وفاة نميري عممناه للجميع، كما درجنا على تعميم الرسالة لكل ضباط الشرطة قيادات عليا وغيرها في حالة وفاة ضابط من ضباط الشرطة». وقال: «هذا النشاط يقوم به المكتب الصحافي للشرطة، وهو يضم نحو 30 من العناصر المدربة من حمَلة الشهادات الجامعية وصل بعضهم إلى درجة الدكتوراه».

وكشف أن المكتب الصحافي يعد عبر 12 من المتخصصين والخبراء نشرة يومية لقيادات الشرطة تحمل ما نُشر عن الشرطة ووزارة الداخلية وكل ما يتصل بعمل الشرطة في وسائل الإعلام المحلية، بوجه خاص.

وأسست الشرطة في عام 2000 مركزا للتوعية عبر الإذاعة والتلفزيون الرسميين باسم «مركز ساهرون للإنتاج الإعلامي»، ينهض بدور التوعية الأمنية للمواطن عبر رسائل إعلامية تأخذ قوالب شتي من مرئي إلى مسموع.

وكانت الشرطة السودانية أطلقت في عام 2008 إذاعة متخصصة في نشاط الشرطة على موجه «إف.إم» ينحصر بثها على ولاية الخرطوم، بدأت بفترة بث 18 ساعة قبل أن تتحول إلى 24 ساعة. وقال مسؤولون في الشرطة إن الإذاعة، وهي باسم «إذاعة ساهرون»، موجهة إلى المواطن بغرض توعيته أمنيا وبقضايا لها صلة بعمل الشرطة من حركة المرور في الشوارع إلى أنشطة أخرى. كما تقوم بتقديم نشرات أخبار ومنوعات وغيرها من برامج مباشرة وأخرى غير مباشرة في قوالب درامية. وكشف العراقي أن العمل الإعلامي للشرطة يتجه صوب إطلاق بث تلفزيوني أرضي متخصص في عمل الشرطة، لم يحدد موعد البث لكنه قال إن كل المعدات قد وصلت، وأشار إليها بيده في مكتب مجاور لمكتبه في قلب الخرطوم.