المعرض الدولي للكرنفالات في كولون.. ينتظر 15 ألف زائر

قناع أوباما.. أزياء ميركل وأزياء قراصنة القرن الأفريقي

صورة عارضة الأزياء هايدي كلوم وزوجها المغني سيل في كرنفال كولون من (د.ب.أ)
TT

ليس عبثا أن يتم اختيار مدينة كولون كل سنة لاحتضان وقائع المعرض الدولي للكرنفالات (إنتركرنفال)، فالمدينة الواقعة على نهر الراين هي ملكة كرنفال الراين بلا منازع وعرين مجانين ومهابيل الكرنفال الذين يحلوا لهم أن يطلقوا على أنفسهم اسم «يكن Jecken»، أي المجانين.

على هذا الأساس، وبالعلاقة مع موجة «أوبامانيا» التي اجتاحت ألمانيا أثناء الانتخابات الأميركية الأخيرة، فقد رفع المعرض هذا العام شعار «Jeck, we can» على غرار دعوة الرئيس الأميركي الجديد «Yes, we can». وتماشيا مع الموضة أيضا، فقد تخلى المعرض هذا العام نهائيا عن لحية وعمامة بن لادن، التي سادت كرنفالات مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتركت محلها لقناع أوباما، أزياء المستشارة أنجيلا ميركل وأزياء قراصنة القرن الأفريقي ومصاصي الدماء من أعوان البارون دراكيولا.

يقام المعرض الدولي «إنتركرنفال» سنويا وتشارك فيه مؤسسات مختصة بأزياء الاحتفالات والمهرجانات من مختلف بلدان العالم. وشاركت في معرض هذا العام (19 ـ 21 يونيو (حزيران) الحالي) 125 شركة من 36 دولة تمتد بين البرازيل وبريطانيا وإيطاليا وبلجيكا وباكستان. وتنتظر إدارة المعرض حضور 15 ألف زائر بعد أن كان نحو 12 ألف زائر قد حضروا فعاليات العام السابق، وهم إغناء لكل ضروب الجنون الكرنفالي الكولوني. وملأت المعروضات أربع قاعات هائلة من قاعات المعرض، وشملت الأزياء والألوان وأصباغ التنكر والأقنعة والأجهزة الموسيقية وأدوات التنكر الكاملة الممتدة بين السيوف العربية ومسدسات رعاة البقر وفؤوس الفايكنغ وهراوات أكلة لحوم البشر.

طبيعي، فقد نزعت أزياء الكرنفال جلدها الذي كانت تكتسيه في العقود السابقة وأصبحت الأزياء مضيئة، مشعة، جميلة الألوان بفضل التقنيات الجديدة، خاصة النانوية منها. فأزياء هذا العام، عدا ألوانها الزاهية، مصنوعة من أنسجة لا تبتل بالماء، لا تبلى بسرعة، لا تسبب الحساسية، دافئة وخفيفة. وليس عجيبا أن يبحث الكولوني عن الدفء في كرنفال الراين، لأنه يبدأ يوم 11/ 11 ساعة 11 من كل عام، وتنتهي ذروته في فبراير (شباط)، أي في عز الشتاء القارس، مع دخول «أربعاء الرماد» وبدء الصيام المسيحي. هذا يعني أن بدلة المهرج المرقعة لم تتغير من ناحية الألوان لكنها تغيرت من ناحية المادة، وأصبح «البهلول» داخلها مجنونا «نانويا» يغير ألوانه كالحرباء.

وما عاد الكرنفاليون اليوم يتبادلون الأقنعة أو بطاقات التعريف الشخصية العادية لأن «البيئة» دخلت بقوة في مكونات المهرجانات كافة. واستعرضت شركة ألمانية بطاقات تعريف شخصية مطبوع عليها الاسم والعنوان والهاتف والعنوان الإلكتروني وكلها من الشيكولاته الطبيعية. وصنعت أوراق الهدايا والأقنعة الكرتونية ومستلزمات التنكر كافة من ورق قابل للتدوير ومن مواد تتحلل طبيعيا بعد فترة ولا تلوث البيئة. واستغنت كثير من المجاميع الكرنفالية عن السيارات والتراكتورات التي تلوث البيئة بالسخام وغاز ثاني أكسيد الكربون وفضلوا عليها عربات الخيل الباروكية.

وبدا معرض 2009 بعيدا كل البعد عن الأزمة الاقتصادية التي ترهق المواطنين في أوروبا والعالم، فالمال الذي يخصصه الـJeck لأزيائه زاد هذا العام، وهو ما جعل إدارة المعرض متفائلة برواج سلع الشركات. ومعروف عن مواطني الراين قدرتهم على تعليق همومهم على المشجب والاحتفال يوميا حتى الصباح فرحا بالكرنفال، ففترة الكرنفال بالنسبة إليهم فترة «شل» الدماغ والهروب من الواقع.

وأعدت إدارة المعرض 24 مهرجانا داخليا تشارك فيها مختلف فرق العروض والتمثيل والموسيقى. وتستعرض لجنة كرنفال كولون 18 عربة مزوقة ومبهرجة يرقص عليها المجانين وهي جزء من مسيرة الاحتفال العام في يوم «اثنين الزهور» الذي يسبق «أربعاء الرماد» عام 2010.

وأقيم مسرح كبير في القاعة الثانية تم تخصيصه لعروض «دانس فيت» التي تقدم تعليمات الرقص للشباب في الكرنفالات. فهناك رقص السامبا، والرقص على طريقة «الملك» ألفيس بريسلي، والرقص على طريقة ملك البوب مايكل جاكسون، إضافة إلى الألعاب البهلوانية والجمناستيك. وتقام حفلات القرص التعليمية على مدار 90 دقيقة تتخللها فترات استراحة طولها ساعة. وستشارك 50 فرقة للموسيقى والرقص في مهرجانات المعرض، وبينها للمرة الأولى حفلات تعلم الرقص الشرقي. وتستعرض الشركات المساهمة على 24 عربة أزياء كرنفالية قديمة من عام 1823، وهي عربات مزودة بالتماثيل والرسوم واللوحات التي تنتقد النواحي السياسية والاجتماعية مثل: «سيرك الأزمة العالمية» و«العولمة» و«دولة الرقابة»، ويمثل الأخيرة تمثال كبير لوزير الداخلية فلوفجانج شويبله وهو يراقب المواطنين في غرف نومهم. وهناك عرض للعربات والأزياء ومستلزمات التنكر تستعرض فيه لجنة كرنفال كولون آخر صيحات الكرنفال في السنوات الستين الماضية. وسيحضر المعرض أشهر «مجانين» الكرنفالات بدءا بعمدة كولون فرتز شراما إلى الرسام بيتر كيرشر والممثل مارك يتزجر لتوقيع الصور للمعجبين.

ويعتبر كرنفال كولون السنوي مهرجانا للحلوى والزهور، لأن عربات مسيرة الكرنفال في يوم «اثنين الزهور» توزع عادة على جمهور الـ«يكن» الحاشد (2 مليون سنويا) نحو 300 ألف رشدة ورد ومئات الأطنان من الشيكولاته. وخصصت لجنة المهرجان هذا العام 460 مليون يورو للكرنفال تساهم فيها المدينة والمؤسسات الثقافية والشركات. وهذا طبيعي، فمثل هذا البذخ تقابله أرباح اقتصادية تبلغ 165 مليون يورو للمطاعم، 85 مليونا لقطاع الأزياء الكرنفالية، 30 مليونا لأصحاب الفنادق و5000 موقع عمل جديد للعاطلين.