في الاجتماعات.. استخدام البلاكبيري لا يختلف عن السلوك السيئ

بينما يصر عشاق التكنولوجيا على عدم تجاهل الرسائل النصية

تراجع الجدل حول قواعد الإتيكيت أخيرا لصالح استخدام الهواتف الذكية. فهو يتجاوز الجنس والجيل والقطاع العام والخاص (نيويورك تايمز)
TT

يقول رولاند هوبز المدير التنفيذي لشركة التسويق بمانهاتن إنه لن يكون مفاجئا أن ترى أحد العملاء المحتملين يلهو بهاتف «الآي فون» الخاص به خلال النصف ساعة الأولى من الاجتماع.

بعد مرور ساعة يبدو الأمر زائدا عن الحد وبعد ساعة ونصف الساعة يبدأ السيد هوبز وزملاؤه في التعجب مما يمكن أن يكون ذلك الرجل يفعله بهاتفه طوال تلك المدة التي تعادل مدة فيلم من أفلام الصيف.

اختلس أحدهم نظرة من فوق كتف الرجل. يقول السيد هوبز «لقد كان يلعب إحدى ألعاب السباق. كان يطرح الأسئلة ثم يلقى نظرة على هاتف الآي فون». ثم أضاف «لم نقل أي شيء. فنحن نريد إتمام الصفقة».

بعدما أصبحت التليفونات الذكية (سمارت فونز) أمرا اعتياديا في حقائب المدراء التنفيذيين أو على أحزمتهم، أصبح الناس يخضعون لإغراء تفقد البريد الإلكتروني أو الفيسبوك أو موقع تويتر، بل حتى (شش!) ESPN.com. وبسبب ذلك اندلع جدل محموم حول قواعد الإتيكيت. حيث يرى المتمسكون بالتقاليد أن استخدام البلاكبيري والآي فون في الاجتماعات بمثل وقاحة طلب بيتزا. بينما يصر عشاق التكنولوجيا على أن تجاهل الرسائل النصية هو نوع من المخاطرة.

وفي هوليوود تمنع وكالة الفنانين المبدعين ووكالة الموهوبين المتحدين استخدام البلاكبيري خلال الاجتماعات. ويقول توم غوليسانو، الملياردير والشخصية ذات النفوذ السياسي الواسع في ولاية نيويورك، إنه كان يضغط من أجل إقالة مالكولم إيه سميث قائد الأغلبية عن منصب تمثيل الولاية في مجلس الشيوخ بعدما التقى به للمناقشة في أمور تخص الميزانية في أبريل (نيسان) وقضى الوقت في قراءة الرسائل الإلكترونية على البلاكبيري.

لقد أصبح استخدام الهواتف الجوالة روتينيا في عالمي الشركات والسياسة ولكنه بات مزعجا كذلك بالنسبة للكثيرين، فيقول ثلث 5300 موظف قامت «ياهو هوت جوبز» باستقصاء آرائهم في مايو (أيار) إنهم يتفقدون بريدهم الإلكتروني باستمرار في الاجتماعات، بينما يقول حوالي 20 في المائة منهم إنهم تعرضوا للتأنيب لاتهامهم بسوء السلوك نظرا لاستخدام الخدمات اللاسلكية.

ويقول العديد من المدراء التنفيذيين إنه على الرغم من وجود مقاومة فإن الجدل حول قواعد الإتيكيت يبدو قد تراجع لصالح استخدام الهواتف الذكية. فمديرو الإدارة يستخدمونه، والأصدقاء يستخدمونه، فهو يتجاوز الجنس والجيل والقطاع العام والخاص.

يقول فرانك كنيلير المدير التنفيذي لإحدى الشركات في قرية إيلك جروف بإلينوي التي تعمل في مجال أنظمة معالجة المياه: إنه قبل عدة سنوات، كان «المصرفيون في المصارف الاستثمارية» هم فقط من يستخدم البلاكبيري في الاجتماعات، مضيفا «الآن الجميع يستخدمونه». ويقول كنيلير إنه إذا لاحظ أن ستة أو عشرة من زملائه يستخدمون هواتفهم خلال العرض الذي سيقدمه فإن ذلك يعني أن عليه أن يسرع لكي ينهي العرض.

يقول فيليب رينيس مستشار وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنه من المعتاد بالنسبة للمسؤولين في واشنطن أن يحنوا رؤوسهم في صمت حول طاولة المؤتمرات ـ ليس للصلاة ـ أثناء حديثهم. وعلى الرغم من منع استخدام البلاكبيري في مناطق محددة من مركز قيادة وزارة الخارجية لأسباب أمنية فإن استخدامه شديد الانتشار في الأماكن المسموح بها.

يقول السيد رينيز «سوف تجد أن نصف المشتركين يتواصلون عبر البلاكبيري وكأنهم في اجتماع فرعي مع التعليق الدائم على الاجتماع الرئيسي، لقد أصبح البلاكبيري مماثلا للفقاعات التي تحتوي على التعليق في الرسوم الكاريكاتورية».

وقد اعترف بعض المحترفين أنهم في بعض الأحيان يرسلون تعليقات هازئة من فعاليات الاجتماع ولكن البعض أصر على أنهم يستخدمون الهواتف الذكية لأسباب منطقية: الاستجابة السريعة للطلبات المرتبطة بأوقات محددة، أو الدخول على شبكة الإنترنت للحصول على بيانات لتوضيح قضية قيد المناقشة أو ببساطة لتدوين الملاحظات.

ومع ذلك فما زال ذلك السلوك يثير الغضب، وقد حظي جويل كلاين مستشار المدارس بمدينة نيويورك بسمعة التفقد الدائم للبلاكبيري الخاص به خلال الاجتماعات العامة حتى إن بعض الآباء يمزحون حول الأمر قائلين إنهم ربما يرسلون له كذلك رسائل إلكترونية. ووفقا لنانسي فلين، المدير التنفيذي لمعهد «إي بوليسي»، وهي مجموعة استشارية في كولومبوس بأوهايو، فإن السيدة فلين تخبر العملاء بأن يحثوا موظفيهم على إغلاق كل الأجهزة التي يحملونها، فتقول «يعتقد الناس خطأ أن التعامل مع الحواسيب أو الهواتف ليس مشتتا للأفكار مثل الكلام، ولكن في الحقيقة، فإنه يماثل الحديث في القدرة على تشتيت الانتباه إن لم يكن يفوقه، كما أنه مهين للغاية بالنسبة للمتحدث».

ويؤكد المدراء التنفيذيون أن بعض الصفقات يمكن أن تربحها أو تخسرها وفقا لسرعة استجابتك لرسالة إلكترونية. ويقول ديفيد براذرتون المستشار الإعلامي في سياتل «إن العملاء يفترضون أنهم يستطيعون الوصول إليك في أي وقت وأي مكان، وغالبا ما يضعف المستشارون الذين لا يكونون موجودين على مدار الأربع وعشرين ساعة خلال أيام الأسبوع السبعة».

ويرى جوش رابينووتز مدير الموسيقى بمجموعة «جري» في نيويورك، وهي وكالة إعلانات، إن اللعب على الأجهزة الإلكترونية ربما يحفز القدرات الإبداعية في الاجتماعات. ويقول السيد جوش إنه يتبادل في الاجتماعات الرسائل على هاتف «بالم تريو»، والنكات والأفكار والأسئلة مع زملائه، «أشياء لا تستطيع أن تقولها بصوت عال». فالثرثرة تضعف من الفعاليات ولكن الهاتف «يبدو أنه يضيف إلى الطاقة الإنتاجية».

ولكن يبدو أن علاقات العمل يمكن أن تتعرض للخطر كذلك، فتقول لوري ليفاين مؤسسة «التلفزيون الطائر» وهي وكالة لاكتشاف المواهب في مانهاتن، إنها في إطار جهودها للحفاظ على البيئة وجهت موظفيها لتدوين ملاحظاتهم على البلاكبيري بدلا من الورق خلال اللقاءات بالعملاء.

وتتذكر السيدة ليفاين «أنها تلقت اتصالا هاتفيا من أحد العملاء وكان يصرخ قائلا إن نائب الرئيس قضى ساعة على جهاز البلاكبيري الخاص به أثناء أحد الاجتماعات الكبيرة». ولكي تهدئ العميل قرأت السيدة ليفاين الملاحظات التي دونها نائب الرئيس على جهازه بصوت عال.

ويقول تريفور هانغر رئيس تجارة الأسهم بأحد صناديق التحوط وأحد المشاركين في المقابلة الشخصية إن طالبا جامعيا في دالاس فقد فرصته في الحصول على منحة بصندوق التحوط الصيف الماضي عندما أخرج جهاز البلاكبيري الخاص به لكي يبحث عن معلومة لمساعدته في توضيح نقطة ما خلال المقابلة الشخصية التي كان يخضع لها ثم توقف برهة لتفقد رسالة إلكترونية أرسلها أحد أصدقائه.

وقلة فقط من الشركات هي التي لديها سياسات واضحة حول استخدام الهواتف الذكية في الاجتماعات وهو ما يترك المسألة في يد الموظفين لكي يشقوا طريقهم في تلك الأرض المجهولة.

فيقول جيسون شان، مستشار الاستراتيجيات الرقمية في مانهاتن، إن هناك قواعد مختلفة تخضع لها الاجتماعات الداخلية (حيث يعد تفقد البلاكبيري تعبيرا عن العلاقات غير الرسمية بين الزملاء) والاجتماعات مع العملاء حيث يعتبرها العميل في الغالب إهانة. وأضاف في رسالة إلكترونية «هناك معامل أمان في العدد، حيت يتناسب مدى قبول الناس لتفقد الأجهزة الإلكترونية مع عدد الأشخاص الحاضرين للاجتماع. فكلما كان العدد كبيرا قلت ملاحظتهم لتفقدك جهازك».

وبخلاف الاعتبارات العملية فإن هناك مسألة تتعلق بصورتك. ففي العديد من الأوساط المهنية، حيث يكون للاتصالات دور حيوي، فإن ظهورك كرجل واسع العلاقات في الوقت الذي يقدم فيه أحد الزملاء عرضا لورقة عمل يبدو نوعا من التباهي.

لقد كتب السيد براذرتون المستشار في رسالة إلكترونية إنه من المعتاد بالنسبة للمحترفين أن يضعوا البلاكبيري أو الآي فون على طاولة الاجتماعات قبل الاجتماع – مثلما كان يضع المقاتلين مسدساتهم على طاولة القمار. «وهي ليست طريقة لطيفة لقول أنا متواصل مع الآخرين، أنا مشغول، أنا مهم، وإذا لم يجذب ذلك الاجتماع اهتمامي فلدي عشرة أشياء أخرى كي أفعلها بدلا من ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»