«كوداك» تودع فيلم «كوداكروم» بعد 74 عاما على إطلاقه

عشقه واستخدمه الهواة والمحترفون.. لكنه وقع ضحية الثورة الرقمية

المصور ستيف ماكاري استخدم كوداكروم لصورة التقطها لفتاة أفغانية ونشرتها مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» على غلافها عام 1985، لكن عندما عاد للقاء هذه الأفغانية بعد 17 عاما لم يصورها بواسطة فيلم «كوداكروم» بل بفيلم «إيكتاكروم» الذي تنتجه «كوداك» أيضا (إ. ب. أ)
TT

قبل 36 عاما غنى بول سايمون «أمي لا تأخذي مني فيلم كوداكروم»، واستخدم مدونون يعشقون التصوير لازمة هذه الأغنية على الإنترنت يوم أول من أمس الاثنين لوداع فيلم التصوير، وقد قال أحدهم: «أشعر بأني فقدت صديقا عزيزا (...) سأستمر في التقاط الصورة على الطريقة القديمة وأن أراها بواسطة جهاز مخصص لذلك. وداعا يا كوداكروم وشكرا للذكريات الجميلة».

جاء هذا الوداع بعد أن أعلنت مجموعة «إيستمان كوداك» الأميركية للتصوير أنها وقفت تسويق فيلم «كوداكروم» الذي كان قبل 74 عاما أول فيلم تصوير بالألوان مخصص للجمهور. وطُرح الفيلم للمرة الأولى في الأسواق عام 1935، وكان «كوداكروم» يتميز بنقاوة صورته وألوانه المتناسقة والفروق الكبيرة في الظلال التي يوفرها.

وقد نال استحسان أجيال من المصورين الهواة والمحترفين الذين أعجبوا بنوعية الصور والقدرة على الاحتفاظ بها لفترة طويلة. لكن هذا النوع من الأفلام الذي عشقه الجميع وقع مثل العديد من وسائل التكنولوجيا الحديثة ضحية الثورة الرقمية. وقالت ماري جين هيليار رئيسة قسم التصوير والترفيه في «كوداك»: «لقد كان قرار إحالة هذا النوع من الأفلام إلى التقاعد قرارا صعبا بسبب تاريخه الإبداعي الغني. لكن أكثرية من المصورين المحترفين أصبحوا يفضلون التكنولوجيا الأكثر حداثة في الأفلام والوسائل الرقمية». فكرة «كوداكروم»» وُلدت عام 1953 بسبب اثنين من الموسيقيين المولعين بالتصوير: ليوبولد غادوفسكي الذي كان يعزف على الكمان، وليبولد مانيز عازف البيانو. الفيلم بيعَ أولا على شكل 16 مم للأفلام التصويرية، وبعد ذلك بقليل أُنتج النوع الآخر من أفلام «كوداك» من قياس 35 مم. وقال المغني بول سايمن من الثنائي «سايمن آند غارفنكل» الذي تغنى بالفيلم من خلال أغنية «كوداكروم» عام 1973، في تصريحات أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، إن هذا الفيلم الذي كان بأحجام عدة، قادر على «إعادة خضرة الصيف وجعلنا نؤمن أن العالم بأسره يوم مشمس».

ويقول المصور الأميركي بيتر غوتمان في أحد شرائط الفيديو التي بُثّت على موقع «كوداك» الإلكتروني إن «كوداكروم» كان «بالنسبة إلي الغربال النظري الذي تغذت به عيناي. غنى التموجات والنتيجة الواقعية التي يعكسها (...) كانت توفر لي حقل تجربة لتحسين رؤيتي للعالم».

والتقنية التي طورتها «كوداك» استُخدمت لتخليد محطات تاريخية مثل مؤتمر يالطا عام 1945، ورافقت لحظات السعادة في العائلات الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. واستخدمها فنانون بينهم المصور الفرنسي في مجال الموضة غي بوردان.

ويقول المصور ستيف ماكاري الذي جالت صورة التقطها لفتاة أفغانية العالم ونشرتها مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» على غلافها عام 1985، إن «(كوداكروم) طبع القسم الأول من حياتي المهنية، وقد استخدمته لالتقاط أجمل صوري وأشهرها».

ويقول ماكاري: «لكن عندما عدت للقاء هذه الأفغانية بعد 17 عاما لم أصورها بواسطة فيلم (كوداكروم) بل بفيلم (إيكتاكروم)» الذي تنتجه «كوداك» أيضا.

كما أن فيلم «كوداكروم» لأبراهام زابرودر (حجم 8 مم) استُخدم في تصوير اغتيال الرئيس الأميركي الراحل جون كيندي عام 1963. وتظهير فيلم «كوداكروم» مكلف ومعقد اليوم، وقد حلت مكانه منذ عقود نماذج أخرى من الأفلام وشهد في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في مبيعاته وبات يمثل أقل من 1% من مبيعات أفلام الصور في المجموعة الأميركية.

وتوضح ماري هليار رئيسة قسم التصوير والترفيه في «كوداك» في بيان أن «غالبية المصورين راهنا يفضلون التقاط الصور بواسطة تقنيات جديدة مثل التقنية الرقمية».

وتظهير أفلام «كوداكروم» يؤمّنه اليوم مختبر واحد هو «دواينز فوتو» في كنساس (وسط الولايات المتحدة).

وتعتبر المجموعة أنه بوتيرة البيع الحالية فإن مخزونات «كوداكروم» التي تمتلكها ستنفد بحلول مطلع الخريف المقبل. من جهته أوضح مختبر دواينز فوتو أنه سيستمر في تظهير الأفلام حتى نهاية عام 2010.

أما آخر الأفلام التي سيكون لستيف ماكاري شرف استخدامها لالتقاط آخر الصور بواسطة فيلم «كوداكروم» فستقدم إلى متحف الصورة الدولي «إيستمان هاوس» في روتشستر (شمال شرق الولايات المتحدة).

و«كوداكروم» هو الفيلم التجاري الذي يتمتع بمتنزه بولاية أميركية يحمل اسمه. وأطلقت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» عليه اسم «كوداكروم فلات» بسبب نوع الأفلام التي استُخدمت في تصويره. وفي عام 1962 أعطي المتنزه اسما آخر بعد تبنيه من قِبل الولاية رسميا خوفا من إثارة قضية حقوق الملكية، إلا أن «كوداك» أعطت الولاية الحق في استخدام الاسم وأطلق عليه بعد ذلك اسم «حوض كوداكروم».

* حقائق حول كوداكروم

* 20ميغابيكسل من المعلومات تضغط في صورة (24ممX 36 مم)

* جاءت أغنية سايمون في شارت الاغاني الأميركي في المرتبة الثانية

* انتج أكثر من 100 مليون من اشرطة أفلام كوداكروم منذ 1935

* وفي رأي احد المصورين المحترفين فإن كوداكروم افضل ما انتج من ناحية نوعية الأفلام الملونة. وفقط في الآونة الأخيرة تم انتاج بعض الأنواع التي تفوقت عليه قليلا بسبب التكنولوجيا الحديثة. ولسنوات عديدة اعتبر كوداكروم افضل طريقة لاظهار ميزات الكاميرا الجيدة. واعتقد المصور بول كلوز، كما كتب في صحييفة التايمز أن كوداكروم سيبقى افضل طريقة للتصوير، ومن الناحية الجمالية لا يمكن للكاميرا الرقمية التغلب على كوداكروم.

ويضيف كلوز أن افضل مقارنه بين كوداكروم والديجيتال هوما يقال عن الفرق بين الاسطوانات وال"سي.دي»، وبالرغم من الثورة التكنلوجية الا أن العديدمن الناس ما زال يفضل صوت الاسطوانات. «الوان صور كوداكروم دقيقة وحادة، ولهذا سوف افتقدها".