«السبايكي» والجينز والإنجليزية.. بصمات يتركها الأميركيون في المدن العراقية

الزي العسكري أصبح المفضل حتى في مدينة الصدر.. وطالبة: كل شيء تغير من تسريحة شعري إلى مشيتي

TT

فيما يلملم الجنود الأميركيون تجهيزاتهم في ما تبقى لهم من قواعد داخل المدن العراقية تمهيدا للانسحاب منها بعد غد، فإن الأثر الذي تركوه في العراق وتحديدا في بغداد يبدو واضحا في كل مناحي الحياة.

نمير (30عاما) اعتاد ان يمر كل يوم امام احد الاماكن المخصصة لبيع السيارات نهاية شارع الكرادة ببغداد ويقف طويلا امام المحل حتى بدأ الشك يدخل في قلب صاحب الكراج ليخرج ويسأله عن سبب وقوفه اليومي أمام هذا المكان، فكان جواب نمير «انني انظر الى سيارة الهمر التي تروم بيعها لاحد الزبائن».

والهمر واحدة من البضائع التي دخلت الى العراق بعد دخول القوات الاميركية الى العراق وبدأ بعض الشباب من العوائل الغنية في بغداد يقتني هذه السيارة التي كانت تتجول كنوع عسكري فقط بين شوارع العاصمة بغداد ولكنها اصبحت الآن تمر في شوارعها كسيارة مدنية اميركية. يقول نمير انه من اشد المعجبين بهذا النوع من السيارات لكنه لم يستقلها يوما رغم نه يتمنى هذا الأمر في نفس الوقت الذي كان فيه نمير يرتدي ملابس مرقطة كتلك التي يرتديها جنود القوات الخاصة الأميركية، وعندما سألناه عن الامر قال «ان هذه الملابس وغيرها مما يشبه بعض ملابس القوات الاميركية تجدونها في  منطقة الباب الشرقي وسط بغداد وهناك العديد من الشباب يرتدونها في هذه الفترة».

من جانبها، بينت احدى الطالبات في قسم اللغة الانجليزية في جامعة بغداد انها تنوي تعلم اللغة الانجليزية لأنها لغة العصر وهي مؤمنة بالقول (اعرف لغة عدوك) مبينة ان العديد من زميلاتها ممن تخرجن في الجامعة عملن في مؤسسات ومنظمات تتعامل مع الاميركيين وكان لا بد لهن من تطوير لغتهن الانجليزية.

ودخلت بعض المفردات التي استخدمها الجندي الاميركي الى تعاملات الشباب فيما بينهم في الشارع فبعضهم يقول « «goفي اشارة غضب او صراخ لاصحابهم في الشارع وهي الكلمة التي اعتاد الجنود الاميركيون استخدامها في الشارع او اثناء عمليات التفتيش في المنازل.

وانتشرت القبعات التي يستخدمها بعض صنوف الجيش الاميركي في بغداد ايضا ويستخدمها الرجال من كبار السن لحمايتهم من حرارة الشمس اللاهبة في الصيف، كما استخدم بعض عناصر القوات الامنية العراقية قطعة قماش ملونة لربط رؤسهم او انوفهم بعد وضعها في الماء كتلك التي يستخدمها بعض الجنود الاميركان ايضا.

اما الاحذية الكبيرة التي يرتديها الجنود الاميركيون فقد انتشرت هي الاخرى في الاسواق. وتنتشر الواقيات ضد الرصاص في محلات خاصة في شارع الرشيد والكرادة والباب الشرقي ومناطق اخرى من بغداد والمحافظات وغالبا ما يلجأ لها عناصر الحمايات الخاصة بالمسؤولين.

كما تتناقض وجهات نظر العراقيين تجاه الاميركيين، ففي الوقت الذي يعربون فيه عن كراهيتهم لهم تراهم يرغبون بالهجرة الى اميركا بسبب الولع بأسلوب حياتهم. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جعفر بيرغا (25 عاما) الذي يعمل في المجال الدبلوماسي بينما كان يحتسي الشاي ويدخن النرجيلة في مقهى الشابندر، اعرق مقاهي بغداد، «تصرفاتنا فعلا متناقضة، نفرح عندما يقتل جندي اميركي لانه يمثل المحتلين لبلادنا، لكننا نحلم في الوقت نفسه بالعيش في الولايات المتحدة لاننا مولعون بأسلوبهم في الحياة».

وتقول شيماء علي (20 عاما) وهي طالبة في جامعة بغداد قسم اللغة العربية، ان «اسلوبنا في الحياة قد تغير، المكياج اليوم خفيف وتسريحة الشعر مختلفة والملابس اكثر اثارة حتى طريقة المشي اصبحت مختلفة تماما». واكدت شيماء التي كانت ترتدي تنورة جينز وقميصا وصديقتها مروة (21 عاما) انهن اصبحن مولعات بمتابعة الافلام الاميركية المترجمة للعربية.

واكدت ان برامج اميركية منها «اوبرا وينفري» و «اطباء» اضافة للبرامج التي تتطرق لحالات نفسية واجتماعية وطبية، اصبحت مثار اهتمام الكثير من العراقيين.

وقالت شمس هيثم (20 عاما) وهي طالبة تدرس علم الاحياء في الجامعة ذاتها، ان «الافلام العربية مملة لكن الافلام الاميركية مثيرة وتتحدث عن عالم الحرية حيث احلم ان اعيش».

بدوره، اكد بشار عدنان (29 عاما) صاحب محل لبيع الاقراص المدمجة في منطقة الكرادة (وسط) ان «معظم العراقيين يفضلون الافلام الاميركية اكثر من غيرها» وتابع «نبيع حوالى 650 فيلما اميركيا في الشهر مقابل 200 فيلم عربي وخمسين فيلما من انتاج اوروبي». وحتى في مدينة الصدر، معقل التيار الصدري الشيعي المعروف بموقفه المناهض للاحتلال، اصبحت السراويل الغربية مثار اهتمام الشباب هناك. وقال علي وهو مصور في الثلاثين من العمر «عندما ارتديت سروالي الجديد، انتقدني احد اصدقائي في جيش المهدي»، وتابع «بعد نحو ستة اشهر، وجدته يرتدي سروالا من الطراز نفسه».

الى ذلك، يقول حسين صاحب محل للحلاقة في الكرادة، ان «الكثير من الشباب يأتون لتسريح شعرهم بتسريحة (سبايكي) والتي يرونها على صفحات المجلات». واكد حسين الذي يلقبه زبائنه بـ «اوباما حسين» لشبهه الكبير بالرئيس الاميركي باراك اوباما، ان التسريحة اصبحت شائعة خلال الاعوام الماضية.

بدوره، قال قاسم السبتي الذي يدير قاعة «حوار» ابرز ملتقى للفنانين التشكيليين العراقيين «لقد جلبوا الدمار والموت، لكنها كانت عناصر مهمة بالنسبة لي كما لغيري من الفنانين. اعمالنا اصبحت اكثر تأثيرا وواقعية وافضل مما كانت عليه ابان نظام صدام حسين».