تركة جاكسون تحوي عددا كبيرا من الأصول.. لكنها متخمة بالديون

لم يكن يحصي ما كان ينفقه

أنفق مايكل جاكسون ملايين الدولارات للحفاظ على مزرعة نفرلاند(إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي شعر فيه الوسط الفني في هوليوود بالحزن والصدمة لوفاة مايكل جاكسون، كان المديرون التنفيذيون لشركة «سوني» يتبادلون المكالمات التليفونية طوال ليل الخميس مع مستشاري مايكل جاكسون يحاولون استيعاب المأزق المالي الذي خلفه نجم البوب الشهير. وقال أحد المديرين التنفيذيين، على دراية بالشؤون المالية لجاكسون، الذي تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه احتراما لعائلة المطرب: «هناك حالة من الفوضى، فلا أحد يعلم ما الذي يجري، لكن تلك هي البدايات فقط».

كانت أعمال جاكسون كحياته العامة تحوي قدرا كبيرا من التناقضات. وعلى عكس عدد كبير من الممثلين، كان جاكسون مفاوضا شرسا ومستثمرا ذكيا، ففي عام 1985 عقد أكبر صفقة في تاريخ الأعمال الموسيقية عندما اشترى حقوق نشر ألبوم فريق البيتلز مقابل 47.5 مليون دولار التي تعد اليوم ضمن مجموعة ضخمة من الأغنيات التي تقدر بنحو مليار دولار بالشراكة مع «سوني».

بيد أن أمواله الشخصية خلال الأعوام الأخيرة كانت غير مستقرة بصورة دائمة؛ أنفق ملايين الدولارات للحفاظ على مزرعة نفرلاند، وداوم على شراء القطع الفنية، والانغماس في النزوات كالسفر مع شمبانزي أليف يدعى بابلز. كما أنفق كثيرا من الأموال عبر مستشاريه الماليين على كثير من الأشخاص الذين دخلوا وخرجوا من حياته.

وقال آلفين مالنيك، مستشار مالي سابق لجاكسون، الذي يعد عراب برنس مايكل الثاني، أصغر أبناء جاكسون الثلاثة: «لم يدر بخلده أن نفقاته الشخصية خرجت عن السيطرة، إذ لم يكن يحصي ما كان ينفقه، فقد كان يستأجر الطائرات من دون مبالاة، ويشترى لوحات فنية بـ1.5 مليون دولار. ليس بمقدورك القيام بذلك باستمرار وتتوقع أن تكون حساباتك متوازنة».

التساؤل الكبير الذي يطرح نفسه الآن: ما الذي سيحدث لأصول تركة جاكسون؟ وحتى الآن لم يتضح بعد حتى لأقرب ممثلي جاكسون، الذين استأجر كثيرا منهم منذ أسبوع مضى في آخر جولة من التطهير الإداري. قالوا إن الأمر قد يستغرق أعواما لترتيب الفوضى المالية والقانونية التي خلفها موت المطرب، ناهيك عن ملايين الدولارات قيمة التذاكر التي بيعت لحفلاته الخمسين التي خطط للقيام بها في لندن.

من الأمور غير الواضحة أيضا المبالغ التي تركها جاكسون لورثته وقد قدرت أرباح جاكسون خلال الفترة التي عمل فيها كمؤدٍ وكاتب أغنيات في الفترة من الثمانينات وما وبعدها ما يقرب من 700 مليون دولار أنفق كثيرا منها. وقد بلغت ديونه نحو 500 مليون دولار.

ويعد أحد أكبر الأصول التي تركها جاكسون حصة 50% في شركة «سوني ـ إيه تي في» للنشر الموسيقي ـ التي تمتلك حقوق نشر أكثر من 200 أغنية لفريق البيتلز، إضافة إلى آلاف الأغنيات الأخرى ـ التي تقدر بأكثر من 500 مليون دولار، لكن ديونه مقابل هذه الحصة لبنك باركليز، أكبر دائني جاكسون، بلغت 300 مليون دولار. كما يمتلك أيضا حقوق نشر ألبومه الغنائي الخاص الذي يسمى «ميجاك» الذي تقدر قيمته بنحو 50 إلى 100 مليون دولار، ولديه عدد كبير من الديون غير معروفة إلى الآن.

عاش جاكسون في الشرق الأوسط أواخر عام 2005 عندما واجه اتهامات بالتحرش الجنسي بطفل، وهو ما جعل موارده المالية مهددة على نحو كبير. ثم عقدت «سوني» بعد ذلك اتفاقا مع المطرب نتج عنه دفع المطرب لفوائد أقل على ديونه في مقابل حصول «سوني» على سلطة أكبر في إدارة «سوني ـ إيه تي في» وخيار شراء حصة جاكسون في الشركة. لم تكن استثمارات جاكسون في الألبومات الغنائية عرضية، فعلى عكس الصورة التي أشيعت عنه كساذج، أبدى جاكسون اهتماما كبيرا بأعمال الموسيقى. ويقول مساعدوه لقد ورث عن أبيه، الذي شكل المستقبل الفني لمايكل وإخوته، الذكاء.

وقال مارتن باندير، رئيس والمدير التنفيذي لشركة «سوني ـ إيه تي في» عن مايكل جاكسون: «لديه إحساس بقيمة حقوق النشر الموسيقي، وقد عقد صفقات على درجة كبيرة من البراعة».

وأضاف باندير: «لم يكن هناك من هو أفضل منه في إبرام الصفقات، فدعا جيري ليبر ومايك ستولر ليخبرهم أنه يرغب في شراء حقوق النشر الخاصة بهم وأنهما سيحظيان بملاذ آمن في سوني ـ إيه تي في».

تفاوض جاكسون أيضا للحصول على نسبة مرضية من شركة «سوني» عند نشر ألبوماته، وبحسب بعض التقييمات حصل جاكسون على ما لا يقل عن 300 مليون دولار كنسبة عن عوائد التسجيلات منذ بدايات الثمانينات. ويقول أحد مستشاريه إنه نظرا لاقتراب انتهاء حقوق «سوني» في نشر ألبوماته خلال السنوات السبع القادمة لتعود ملكيتها لجاكسون، فإن تركته ستجني المزيد من الأموال من مبيعات الألبومات والتراخيص الممنوحة لموسيقى الأفلام والتلفزيونات ووسائل الإعلام الأخرى.

بيد أنه حسابات جاكسون كانت أكبر العوائق بالنسبة له، نظرا لحياة البذخ التي كان يعيشها، فمزرعته نفرلاند الكبيرة في ولاية كاليفورنيا التي تضم حديقة حيوانات ومتنزها وتضم 150 موظفا كانت تتكلف صيانتها ملايين الدولارات كل عام وقد خسرها العام الماضي عندما لم يتمكن من تسديد قرض بمبلغ 24.5 مليون دولار.

وتشير أوراق القضية إلى تمكن شركة «كولوني كابيتال» العقارية من إنقاذ مزرعة نفرلاند ثم تعاقد جاكسون على مزاد لبيع تذكارات من المزرعة وبيع ما يقرب من ألفى قطعة فنية من بينها تماثيل «إي تي»، الشخصية الشهيرة في أفلام الخيال العلمي لستيفن سبيلبيرغ، و13 قفازا من قفازاته الشهيرة، وقد أعدت تلك القطع في مزاد حدد له أبريل (نيسان) 2009 وقدرت قيمة المعروضات بنحو 20 مليون دولار، غير أنه قبل أسابيع قليلة من بدء البيع سعى جاكسون لمنع ذلك قائلا إنه لم يحظ بفرصة لمراجعة محتويات القطع الفنية. وفي تسوية، رد مقيم المزاد جوليان أوكشنز في لوس أنجليس كل المعروضات إليه.

* خدمة «نيويورك تايمز»