مكتبة الإسكندرية تستضيف كوبرنيكوس وجاليليو وهيفيلياس

في معرض يضم أمهات كتب الفلك

يضم المعرض مجموعة من أمهات الكتب الفلكية («الشرق الاوسط»)
TT

يحل عالم الفلك الشهير كوبرنيكوس ضيفا على مكتبة الإسكندرية التي شهدت الأسبوع الماضي افتتاح معرض «صفحات من السماء»، حيث يضم المعرض أمهات الكتب الفلكية التي يقتنيها مرصد بريرا الفلكي بإيطاليا، وذلك في إطار فعاليات العام الدولي للفلك، وعام العلم المصري ـ الإيطالي. افتتحت المعرض السفيرة هاجر الإسلامبولي، رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمكتبة، والدكتور طارق حسين، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وباتريزيا رابيجي، مدير المركز الثقافي الإيطالي، وفرانكو بورسيللي، الملحق العلمي بسفارة إيطاليا. يستمر المعرض إلى 21 يوليو (تموز) الحالي ويقام بمتحف المخطوطات حفاظا على سلامة الكتب التاريخية النادرة، بعد أن تم نقلها بمنتهى الحرص وبطرق غاية في الدقة. وقالت المهندسة هدى الميقاتي، مديرة مركز القبة السماوية العلمي، إن المعرض يضم مجلدات نادرة لمجموعة من أبرز الفلكيين الأوروبيين الذين عاشوا في الفترة من القرن الـ15 وحتى الـ19، حيث تعتبر كتب كوبرنيكوس وجاليليو وأطلس جوهانز هيفيلياس النجمي من أهم وأروع الكتب التي يحتويها المعرض. ويستطيع زوار المعرض تصفح عدد من الكتب افتراضيا من خلال أجهزة الحاسب الآلي المصاحبة للمعرض. وقدمت الدكتورة آنيسي ماندرينو، المسؤولة عن الكتب والأرشيف بمرصد بريرا الفلكي، عرضا تقديميا بالصور لمجموعة الكتب التي يضمها المعرض، وأوضحت أنه كان لرسومات جاليليو للقمر تأثير غير عادي على قراء القرن السابع عشر. ولمن يحملون في أذهانهم صورة مثالية للسماء، على عكس الأرض، فإن خرائطه قدمت دليلا على وجود عالم مليء بأضواء وظلال، وجبال وبحار، ووديان وفوهات، كلها مماثلة لما يوجد لدينا على كوكب الأرض. وقد فتح مقال جاليليو، أي «رسول السماء» أو «الرسالة الفلكية»، الباب أمام حقبة جديدة في تاريخ العلوم؛ حيث يجمع المقال نتائج جميع مراقبات جاليليو للسماء. وقد أعلنت اليونسكو أن عام 2009 هو العام الدولي للفلك، احتفالا بالذكرى السنوية المئوية الرابعة لتلك الثورة.

وألمحت ماندرينو إلى أنه من وجهة النظر الفنية، فهو من روائع فن المنقوشات في القرن السابع عشر، حيث يضم 56 لوحة، تتكون كل لوحة من صفحتين، عليها منمنمات نحاسية تمثل المجموعات النجمية كما وصفتها الأساطير الكلاسيكية. وتظهر اللوحتان الأخيرتان نصفي الكرة الأرضية الجنوبي والشمالي، محاطين بهالة من الملائكة وأطفال تلعب بمعدات فلكية. كما تصور لوحة أخرى في بداية الكتاب هيفيلياس، كهلا حاملا في يديه مجموعتين نجميتين اكتشفهما، ومنحنيا أمام يورانيا وكبار علماء الفلك القدامى، وهو يقدم لهم كتابه. وذكر بروفسور توماسو ماكاكارو، رئيس المعهد الوطني لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية بإيطاليا، أنه على مدار تاريخ الإنسانية تم اقتراح العديد من النظم الكونية المختلفة على مر القرون، التي وُلِدَت من علوم العصر وفلسفته، فطالما شككت الإنسانية في مظهر الكون وبنيته. إلا أنه قد تم قبول النموذج الذي قدمه نيكولاس كوبرنيكوس، الذي كان يحتوي على الشمس في مركز الكون والأرض تدور من حولها؛ وذلك في القرن السابع عشر، بعد الثورة العلمية وميلاد العلم الحديث.

وأضاف ماكاكارو أنه في القرن الثاني الميلادي، قام عالم فلك كلاوديو طولوميو (بطليموس) بتأليف كتاب هام، معروف في العربية باسم «الماجستي» أي «الأعظم». في هذا الكتاب، الذي يُعرف اليوم باسم «الماجست»، قام بطليموس بشرح حركة النجوم والكواكب والقمر، وفقا لنموذج تكون الأرض فيه مركز الكون. وقد تم تقديم محتويات كتاب بطليموس «الماجست» للمرة الأولى في القرن الخامس عشر، مطبوعا في ملخص لجيوفاني ريجيومونتانوس. وكان المقصود من ذلك الملخص، الذي كان مبنيا على النص اليوناني الأصلي وليس النسخة اللاتينية من الترجمة العربية، هو استيعاب المفاهيم المعقدة الموجودة داخل الكتاب. كما تم نشر نسخة كاملة من «الماجست» بعدها بعشرين عاما فقط.

يضم المعرض أيضا صورة لبطليموس وريجيومونتانوس يجلسان إلى جانب آلة فلكية قديمة، فقد وضع نموذج بطليموس الأرض في مركز نظام يتكون من ثمانية مجالات دائرية، ترصعها الكواكب والنجوم مثل الجواهر، تماما كما وصفها دانتي في كتابه «الكوميديا الإلهية». كما يضم المعرض أول خريطة رسمها شيباريللي، وهي تشبه بشكل كبير خريطة لكوكب الأرض. ولا تزال الرموز الخاصة المطبقة في تلك الخريطة، التي تميز الأراضي الجافة (بيضاء) من البحار (زرقاء)، تستخدم حتى اليوم.