روما تبحث عن شبابها في منافسة جارتها الأشهر ميلانو

«من القادم».. مسابقة يحتفي بها أسبوع «ألتا روما» بالمواهب الصاعدة

TT

بعد أسبوع باريس للأزياء الراقية، الذي انتهى يوم الأربعاء الماضي، تصوب الأنظار حاليا، وعلى مدى أربعة أيام، على أسبوع روما «ألتا روما». فهذا الأسبوع الغض مقارنة بمنافسه الباريسي أصبح وجهة من وجهات الموضة التي لا يستهان بها رغم منافسة جارته الأشهر، ميلانو، التي تتخصص أكثر في مجال الأزياء الجاهزة، ورغم هجران كبار المصممين إلى باريس مثل جيورجيو أرماني ودار فالنتينو. أسبوعها مع ذلك يضم أسماء مهمة نذكر منها على سبيل المثال غاتينوني، سارلي، ريفا وباليسترا واللبنانيين عبد محفوظ وطوني ورد وغيرها من الأسماء اللامعة. لكن ما يحسب لهذا الأسبوع فتحه الأحضان للمواهب الصاعدة بهدف احتوائها وتشجيعها على الاهتمام بكل ما هو حرفي وقائم على الجودة، وربما أيضا بهدف التحسب للزمن. فمعظم مصمميها تجاوزوا عمر الزهور بكثير، الأمر الذي يجعل الحاجة إلى دماء جديدة تحمل المشعل عنهم، مهمة وأساسية. وهذا ما تترجمه بتخصيص يوم كامل لهم من خلال مسابقة «من القادم» المخصصة لاكتشاف المواهب الشابة، والتي أنشأتها وتنظمها «ألتا روما» بالتعاون مع مجلة «فوغ» النسخة الإيطالية، مما يجلها أهم قاعدة انطلاق للمصممين الشباب في إيطاليا. هذه الفعالية احتفلت يوم الأحد بعامها الخامس، ونظرا للنجاح الذي تحققه، فقد ضمت إلى جانب الأزياء والإكسسوارات الأزياء الرجالية أيضا. وهكذا، ومنذ خمس سنوات، تقام لجنة مهمتها اختيار عدد لا يقل عن سبعة شباب مبشرين في مجالات الإكسسوارات والملابس الجاهزة. ويتم تقييم المصممين الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية، على يد لجنة تحكيم دولية تضم أشهر الأسماء في صناعة الأزياء، من بينها دور النشر والتوزيع، أهمها مجلة «فوغ»، وصناع الأزياء، مثل موقع «يوكس دوت كوم» والجمال مثل إليزابيث آردن التي دخلت هذا العام بصفة ممول لزيادة التوعية بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويحصل كل فائز في مجاله على جائزة تمكنه ممن تنظيم عرض أزياء خاص أثناء الفعاليات الرسمية لألتا روما أو «ألتا مودا»، كما يحلو للبعض تسميتها، في يوليو (تموز)، فضلا عن تصوير تشكيلاتهم على يد مصور مشهور يتعامل مع مجلة «فوغ»، وفرصة ذهبية للمشاركة في معرض «ميلانو كوليزيوني» التجاري، الذي ستشهده ميلانو في نهاية سبتمبر (أيلول).

وقد شارك كل متسابق يوم أمس، الأحد، بفستان أو إكسسوار أحمر ضمن مسابقة «ريد دريس» أو الفستان الأحمر، التي يمولها موقع YOOX.Com وشركة «إليزابيث آردن»، وهي فعالية تشبه إلى حد كبير تلك التي تقام خلال أسبوع نيويورك للموضة، سواء من حيث الفكرة أو الهدف، مع اختلاف بسيط أن النجمات والشهيرات في نيويورك هن في العادة من يعرضنها لزيادة الوعي بها.

هذا العام، يتنافس 8 متسابقين في المرحلة النهائية على المركز الأول في فئات الملابس الجاهزة والإكسسوارات، وهما العنصران الأساسيان في مجال الأزياء والاقتصاد الإيطالي. ديفيد وات هو واحد من بين ثلاثة مشاركين في فئة الإكسسوار. وهو مصمم أحذية بريطاني الأصل، يتميز أسلوبه بالحداثة نوعا ما. فهو يترجم مشاعر المرأة القوية المستقلة الواثقة من خلال تصميمات مفعمة بالأناقة الراقية، كونه يستوحي تصميماته من عالم الأفلام السينمائية الملونة، الأمر الذي يبدو واضحا في أغلب ما يقدمه من حيث الألوان والأشكال على حد سواء.

بالنسبة للمشارك الثاني، دانيال ميشيتي، فقد ورث تصميم الأحذية أبا عن جد. أهم ما يميزه أنه يحب البحث عن مواد وتقنيات جديدة يجعلها البوصلة التي تملي عليه الشكل. ويلاحظ أن عمله يتباين بين الأحذية الفاخرة والتصميمات الغريبة، وبالتالي يمكن استعمالها في أوقات الاستجمام والإجازات أو في مناسبات الفرح والسهرات المهمة، لكنها كلها تلتقي عند نقطة مميزة لديه وهي الأصالة والحرفية التي تعتمد على اليد.

أما برونو لورانزو، من ماركة «فيلادور» فيتمتع بخبرة طويلة، تتجلى في إكسسواراته المبطنة بالحرير والمرصعة بالمعادن مثل السلاسل المعالجة بالراتينج، مما يضفي عليها التفرد هذا عدا أنها تحمل كل بصمات «صنع في إيطاليا»، وهذا هو المطلوب هنا في عاصمة الثقافة والحياة اللذيذة.

أما في فئة الملابس الجاهزة فالتنافس كان على أشده بين خمسة أسماء هي:

ماركة «موا مالتيبل»، وهي ماركة أنشأتها آنا سيشون، وتقوم على فكرة التأمل في التغييرات التي تعرفها المجتمعات العصرية، كما تقول. لكن سر جمال هذه الماركة يكمن في مزاجيتها، وتغيرها اللافت من موسم لآخر. فهي، كما تشرح آنا، تتناول في كل موسم فكرة قصة، لتكون نقطة الانطلاق في التفكير والتحليل، بعدها تتطور فتتحول الخطوط والأحجام وتقنيات العمل والأقمشة إلى قصة، تنبض بالحياة والحيوية، وتجمع بين تقاليد الأزياء الإيطالية والثقافة الآسيوية. أجمل ما يميزها أنها تلعب على الحركة والقوة باستعمال أقمشة مختلفة في القطعة الواحدة. من جهته يقول الشاب غياني سيرا إنه شغوف بالأزياء منذ طفولته، ويفخر بأن خبرته في عالم الأزياء ليست جديدة، فقد عرض في روما سابقا تشكيلات مصنوعة يدويا اعتمد فيها على الخامات الجديدة ومزجها بالتقنيات التقليدية. وجاءت النتيجة قطعا خفيفة وعصرية ومظهرا سلسا حتى في تصميم الأكتاف. وتعتمد الفلسفة الإبداعية على العملية وعلى افتراض أن أي قطعة من الملابس لابد من ارتدائها، وبالتالي يجب أن تكون مريحة وممتعة في آن واحد. وهذا ربما ما لا يفكر فيه مؤسسا ماركة «ليت موتيف»، جوان كارو وفابيو ساسو، اللذان يعتمدان على أسلوب يزاوج بين الابتكار المجنون والفنية المدروسة في انسجام تام، مع العلم أن النقوشات هي الأساس بالنسبة لهما، وتطورت هذه النقوشات مع الوقت لتجد لها منابع غنية أخرى تستلهم منها قصصا خيالية تتحول على أيديهما إلى أفكار مرئية، دائمة البحث عن مواد وقوالب جديدة. أما الصقلي ماركو دي فينتشنزو، فقد بين في عرضه عن شغف كبير بالتكنولوجيا، ولا يكف عن البحث عن خامات جديدة بهدف تطويعها، وهو الأمر الواضح في أول مجموعة أزياء راقية من تصميمه. كان كل شيء فيها مطرزا باليد، وبأطوال قصيرة استعمل فيها القماش نفسه، لكن في كل مرة كان يظهر بكثافة وقواما مختلفا بفضل تقطيعه بالليزر. كما مزج في القطعة الواحدة بين عدة أقمشة مثل الجيرسيه والشامواه المطرز بالأحجار، أو الجلد المرشوش بمواد لامعة وطبقة مينا تشبه الغرانيت مقطعة بالليرز، لكن رغم حداثتها فالواضح فيها أنه متأثر بمسقط رأسه، صقلية، وبأناقة السينما الشرقية بألوانها وتطريزاتها الغنية. أسبوع روما للموضة يواجه عدة تحديات منذ بدايته، ليس أقلها منافسة جارته ميلانو، التي لا تزال تستقطب النسبة الأكبر من وسائل الإعلام والأسماء الكبيرة مثل «برادا» و«جيورجيو أرماني» و«فندي» و«فرساتشي» وغيرهم. بل الأدهى من هذا هو مهاجمة البعض لها، مثل جيورجيو أرماني الذي اتهمها في العام الماضي بأنها تفتقد إلى الأسماء الكبيرة وأنها تفتح المجال لمصممين مغمورين لا يرقون إلى مستوى الأزياء الراقية. لكن أليس هذا بالضبط ما يحسب لروما وما تحاول التميز فيه؟ أي خلق حلبة يلعب فيها الكبار إلى جانب الصغار، باعتبار أنهم المستقبل، خصوصا أن الشيخوخة داهمت العديد منهم؟.