«منينة» ترحل فجأة وتترك فراغا في الساحة الفنية الموريتانية

غنت إلى جانب شقيقتها معلومة طيلة عقدين لنصرة الفئات المعدومة

منينة
TT

قبل أيام ضرب الفن العالمي في الصميم برحيل الفنان الشهير ملك البوب مايكل جاكسون، واليوم يصاب الفن المحلي في موريتانيا والإقليمي بغياب نجمته اللامعة الفنانة منينة الأخت الشقيقة للفنانة والبرلمانية المعلومة بنت الميداح، إثر حادث سير على طريق نواكشوط ـ انواذيبو.

وتعتبر بنت الميداح أحد أبرز رموز الفن في موريتانيا، إذ تنحدر من أسرة فنية عريقة، علاوة على مواهبها التي استطاعت بها أن تطور الأغنية الموريتانية لحنا وأداء.

وتمتاز منينة وشقيقتها المعلومة بتوظيفهما الفن في السياسة، حيث كرستا أغانيهما في نصرة رئيس حزب التكتل للقوى الديمقراطية أحمد ولد داداه منذ إعلان المسار الديمقراطي في موريتانيا 1992 من القرن الماضي، إضافة إلى أغاني اجتماعية تدافعان فيها عن الفئات الفقيرة والمحرومة، وحقوق الأقليات، والدعوة إلى ترسيخ قيم العدل والمساواة والتسامح.

لقد سكت صوت منينة، وهي في طريقها إلى مدينة داخلية لدعم مرشحها، بعد ما ملأ صوتها الجميل مسامع سكان العاصمة نواكشوط في ليالي حملته الانتخابية الصاخبة، التي كانت الفقيدة «يحلو لها السمر» فيها للغرض ذاته.

وفور إعلان وفاتها، هدأت أصوات الحملة الانتخابية في مقرات حملة ولد داداه في جميع أنحاء البلاد، وتحولت خيام حملته إلى مآتم حيث لا يسمع فيها إلا تلاوة القرآن والأشرطة الدينية حدادا على رفيقة الدرب، وتقدم أحمد ولد داداه المرشح للانتخابات الرئاسية بتعازيه واصفا الفقيدة بأنها مناضلة وخسارة كبيرة للوطن حين قال «رحيل الفنانة منينة بنت الميداح خسارة على الدولة الموريتانية بكل مكوناتها».

هذه الفنانة العريقة والتي توصف في الوسط الفني والإعلامي «النبيلة» في مواقفها السياسية «التي لم تخضع للباطل ولم تركع للمادة وكانت حياتها كلها فخرا واعتزازا والتاريخ هو الذي شهد على ذلك لا نقول إنها فنانة وحدها، بل هي زعيمة ومناصرة للحق ولم تتراجع يوما واحدا إلى أن غادرت الدنيا» يقول أحدهم، بينما واصلت الحملات الأخرى وتيرتها الاعتيادية.

بدأت منينة مسيرتها الفنية في حضن أبيها المختار الذي عرف عنه أنه لم يكن فنانا تقليديا فحسب بل كان على مكانة كبيرة من معرفة الشعر العربي، وكان فصيح اللسان حلو الحديث إضافة إلى ما اشتهر عنه من معرفته لأنواع الفن، وعده ضمن أوائل المؤسسين لنظام التناسق اللحني بين الكلمات المتشددة باللغة العربية الفصحى واللهجة المحلية، كما تأثرت بوالدتها سليلة أسرة أهل بوبان المعروفة بتمرسها وتخصصها في العزف والغناء.

وقد واصلت الفقيدة مشوارها الفني مع شقيقتها المعلومة التي كانت هي الأخرى لها الأثر البالغ على أدائها الغنائي في محاولتها المبكرة تحديث الأغنية الموريتانية وإخراجها من طوقها التقليدي نهاية سنوات الثمانينات إلى نظام أكثر تحررا وانعتاقا.

تقول المعلومة «كان حلم عمري أن أنجح في تأسيس توجه جديد يخرج الأغنية من طابعها التقليدي لتأخذ شكلا ومضمونا مختلفين».

تحققت الأمنية للمعلومة ومنينة معا في تطوير الأغنية، حيث اكتست معهما طابعا خاصا في كلماتها وإيقاعها حتى أصبحت تنسجم مع النمط العالمي، وهكذا أنهت منينة مسيرتها بعد رحلة حافلة من العطاء والموسيقى طبقا لأغنية المعلومة الشهيرة «عشنا ومتنا».