6 متطوعين في رحلة افتراضية إلى المريخ خرجوا بعد 105 أيام من داخل صندوق

في الذكرى الـ40 لوصول نيل أرمسترونغ إلى القمر

TT

خرج ستة متطوعين في موسكو أمس الثلاثاء من صندوق عاشوا داخله فترة 105 أيام، انقطعوا فيها عن العالم الخارجي منذ 31 مارس (آذار)، واختبروا خلالها ظروفا مماثلة لرحلة مأهولة إلى كوكب المريخ.

وأعيد فتح أبواب الصندوق الذي كان داخله طاقم مؤلف من أربعة روس وفرنسي وألماني، عند الثانية بالتوقيت المحلي (العاشرة ت.غ). وخرج الرجال الستة من الصندوق مبتسمين وبدوا في صحة جيدة.

وتهدف هذه التجربة إلى فحص التأثيرات النفسية والجسدية الناتجة عن إقامة طويلة، خصوصا لجهة الضغط النفسي والانتظام الهرموني والمناعة فضلا عن نوعية النوم والأجواء السائدة بين أفراد الطاقم.

وتتضمن المرحلة التالية المرتقبة في نهاية السنة احتجاز هؤلاء الستة داخل الحاوية نفسها لمدة 520 يوما، وهي المدة الإجمالية المتوقعة لمهمة باتجاه المريخ.

وفي أحسن الأحوال تستغرق الرحلة إلى المريخ والعودة منه إلى الأرض التي تأمل وكالة الفضاء الأوروبية إنجازها في حدد عام 2030، 520 يوما: 250 يوما للذهاب إلى المريخ و30 يوما على سطحه، و240 يوما للعودة إلى الأرض.

وقد اختارت وكالة الفضاء الأوروبية الفرنسي سيريل فورنيه، وهو طيار في شركة «إير فرانس»، والألماني أوليفير نيكيل، وهو مهندس عسكري، بين 5650 مرشحا. وبالنسبة إلى الروس الأربعة المختارين فاثنان منهم كانا رائدي فضاء، وآخر طبيب، فضلا عن متخصص بالمسائل البدنية والرياضية. وقد جرت التجربة في المعهد الروسي المتخصص بالطب الحيوي (اي بي ام بي) في موسكو.

ومن جهة أخرى وبعد أن حقق الاتحاد السوفياتي انتصارا بإطلاق «سبوتنيك»، أول مكوك يرسل إلى الفضاء في 1957، وإرسال أول رائد إلى الفضاء يوري غاغارين في 1961، لكنه اضطر إلى الاعتراف بهزيمته بعد ذلك أمام خصمه الأميركي عندما أصبح نيل أرمسترونغ قبل أربعة عقود أول إنسان يطأ أرض القمر.

ويلفت إيغور ليسوف، وهو صحافي في مجلة «نوفيل دو لاسترونوتيك» الروسية المتخصصة، إلى أن «هدف الأميركيين الأساسي كان التنافس مع السوفيات في برنامج القمر، وشكّل الانتصار في هذا السياق من دون شك حدثا ترك أثرا عميقا على المنافسة بين النظامين». ويضيف: «للأسف أسأنا تقدير الأميركيين، فقد بدأنا في مرحلة متأخرة وبقدرات غير كافية».

ويشير جاك بلامون، مستشار رئيس مركز دراسات الفضاء في فرنسا إلى مجموعة من العوائق الأساسية اصطدم بها البرنامج، لا سيما البرنامج التقني غير الطموح وإدارة سيئة مارسها مقاولون من الباطن، فضلا عن نزاع على السلطة لم تبت فيه السلطات السياسية.

ويفسر كيف استطاع الأميركيون ابتكار «برنامج متين»، في حين افتقر الاتحاد السوفياتي إلى «توجيه استراتيجي وطني حقيقي»، ووجد نفسه مع مقاربتين متنافستين لبرنامج القمر، إحداهما تتحدث عن هبوط على القمر، والأخرى تكتفي برحلة حوله.

ويضيف، في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، أن الأسوأ تمثل في حصول إخفاقات أخرى إلى هذا الفشل على مستوى برامج الاتحاد السوفياتي المخصصة للكواكب، أي المرصودة لاستكشاف الزهرة والمريخ. وقد توقف برنامج اكتشاف المريخ بعد سلسلة من الإخفاقات.

غير أن الجمهور السوفياتي الذي دغدغدته إنجازات «البطل» غاغارين ورواد الفضاء الآخرين الذين رفعوا إلى مصاف الأبطال الأسطوريين، لم يكن على علم بما يحصل فعلا.

كان قسطنطين اندوكاييف، مدير البحث في مختبر صغير لعلم البصريات الدقيقة، يبلغ السابعة والعشرين إبان غزو القمر. وهو يذكر تماما أن هذا النبأ لم يخضع للرقابة، لكن المعلومات بخصوص خطوات نيل أرمسترونغ الأولى على سطح القمر كانت «نادرة جدا» في الاتحاد السوفياتي. ويقول إن «الحدث لم يتصدر الصحف ولم ينشر سوى في الصفحات الثانية»، ويضيف: «أدرك الناس الذين تابعوا دراسات عليا وكانوا يهتمون بأنباء الفضاء أن ما يجري حدث عظيم»، غير أن هذه لم تكن حال الجزء الأكبر من الناس. ويرى إيغور ليسوف أن «قلة قليلة من الناس لا تزال تهتم اليوم بهذا الشأن. هناك فئتان، فئة ترى أننا خسرنا وأنه لأمر مؤسف، وفئة أخرى تحاول إيجاد العزاء من خلال الراوية التي تفيد أن الأميركيين لم يذهبوا قط إلى القمر. هناك أشخاص من هذا النوع، وعددهم كبير إلى حد ما»، في إشارة إلى الكتب والمواقع الإلكترونية التي تؤكد أن بلوغ القمر مجرد خديعة.